يمتد الطريق من المنستير بمحاذاة الساحل نحو المهدية، المدينة التونسية، ماراً بقرى يعمل سكانها بتجفيف الصوف والعناية بأشجار الزيتون، مثل سعيدة وقصر هلال، وهي قرى زراعية يعمل السكان فيها بحياكة الصوف والقطن. ثم بلدة المكين وسط المسافة تقريبا من المنستير والمهدية، حيث بساتين الزيتون وأعمال الفضة. بعدها تأتي المهدية المدينة التونسية الواقعة على مرتفع ساعدها في الماضي لتكون حصنا. جعلها الفينيقيون والرومان قاعدة استراتيجية لهم. لكن مجدها تحقق على أيدي العرب، لأن القائد الفاطمي الأول، عبيد الله الذي دُعيَ بالمهدي، بنى فيها حصنا سنة 916م مواجها لمصر التي كانت هدفًا لرغباته، وسميت «المهدية» بإسمه. تسير طريق جنوب المهدية عبر مزارع كثيرة يتم ريها بواسطة الدلو الذي تقوم الحيوانات بتشغيله، واستخراج المياه من الآبار الكثيرة الموجودة في المنطقة، وهي عادةً للري معروفة ومنتشرة في كل أنحاء المغرب، حتى تصل الطريق إلى قصر عساف بمسافة 12 كلم جنوب المهدية، وهي مدينة صغيرة، يتفرع شارع إلى الشرق ناحية الجم. والجم مدينة صغيرة تقع في وسط سهلٍ كان خصيبا في الماضي، ويبذل حاليا مجهودٌ عظيمٌ لإعادته خصيبا، تدريجيا. تقوم على جزءٍ من الموقع مدينة رومانية قديمة كانت الأغنى في إفريقيا، وكانت تدعى ثيسدروس. أتت ثروتها من أعمال الزراعة، خصوصاالزيتون. أهميتها تظهر من المسرح الهائل فيها والذي كان يتسع ل 30.000 مشاهد. كما توجد آثار خارج الجم على الطريق إلى صفاقس تدل على وجود فيلاّت الرومانيين الكبيرة والرائعة من الداخل والخارج، مع حدائق داخلية، مما يبين المستوى المعيشي الراقي لأولئك المستعمرين. تستمر في الطريق بمحاذاة الساحل إلى «شبه» فوق الشاطئ الذي ينتهي داخل البحر برأس قبودية مع وجود ميناءٍ صغيرٍ فيه، وبرج قديم من العصور الوسطى. ثم تتابع الطريق عبر التلال الخضراء حول جبنيانه، حتى تصل جنوبا إلى مدينة صفاقس.