قال مسؤولون اسرائيليون وفلسطينيون ان اسرائيل قتلت أربعة ناشطين من غزة يوم أمس السبت مع تصاعد العنف الذي أسفر عن مقتل قيادي بعد ان اطلق مسلحون أكثر من 90 صاروخا على اسرائيل ما أدى الى اصابة أربعة أشخاص بجروح. وقال مسعفون من حماس ان اسرائيل قتلت 14 شخصا اجمالا في هجمات جوية منذ يوم الجمعة. وقال المسعفون انه في أحدث هجوم قتل مسلح يستقل دراجة نارية وأصيب آخر بجروح خطيرة وتوفي في وقت لاحق متأثرا باصابته. وقال مسؤولون في غزة ان اثنين من الناشطين من حركة الجهاد الاسلامي قتلا في غارات قبل الفجر يوم السبت. وألقى نبيل أبو ردينة وهو متحدث باسم الرئيس الفلسطيني محمود عباس باللوم على اسرائيل في اعمال العنف ودعا الى تدخل غربي لمحاولة وقف أي مزيد من التصعيد الذي يهدد بتعقيد توتر مشتعل على امتداد حدود اسرائيل مع غزة والحدود المشتركة مع مصر. وقال أبو ردينة لتلفزيون رويترز ان هذا التصعيد الاسرائيلي في غزة مدان تماما وحث المجتمع الدولي ورباعي الوساطة في الشرق الاوسط وخاصة الولاياتالمتحدة على ممارسة ضغط كاف على الحكومة الاسرائيلية لوقف هذا التصعيد. وبعد اسابيع من الهدوء النسبي تصاعد العنف على امتداد الحدود الاسرائيلية مع غزة أمس الأول الجمعة عندما فجرت اسرائيل سيارة في مدينة غزة وقتلت اثنين من زعماء الناشطين. وقالت اسرائيل ان أحد الناشطين اللذين قتلا الجمعة شارك في التخطيط لشن هجوم عبر الحدود من مصر. وذكرت تقارير اعلامية اسرائيلية انه شارك عن كثب في اسر الجندي الاسرائيلي جلعاد شاليط الذي افرج عنه في اطار مبادلة سجناء في اكتوبر تشرين الاول الماضي. وقال بيان عسكري اسرائيلي ان احدث هجمات جوية استهدفت موقعين لصنع الاسلحة. وشنت الهجمات ردا على اطلاق صواريخ من غزة ادت الى اصابة أربعة أشخاص في اسرائيل بينهم رجل قيل انه في حالة خطيرة. وقالت وسائل الاعلام الاسرائيلية ان هذا الرجل عامل من تايلاند. وهزت أصوات الانفجارات واطلاق الصواريخ جنبات مدينة غزة الساحلية ومناطق في جنوب اسرائيل في وقت مبكر صباح يوم أمس السبت. وطلب من نحو نصف مليون شخص البقاء داخل منازلهم وترك المخابيء مفتوحة وألغيت المناسبات العامة. وتوعدت جماعات ناشطين في غزة التي تحكمها حماس بالانتقام لاعمال القتل. وقال الجيش الاسرائيلي انه تم اطلاق أكثر من 90 صاروخا على اسرائيل منذ امس الجمعة بينها 25 صاروخ جراد طويل المدى اعترضها نظام «القبة الحديدية» الاسرائيلي المضاد للصواريخ. وأعلنت الجهاد الاسلامي ولجان المقاومة الشعبية المسؤولية عن معظم الصواريخ وقذائف المورتر التي اطلقت ويقولون ان عددها الاجمالي تجاوز 70 صاروخا. وشنت اسرائيل نحو ست غارات جوية على ناشطين في غزة يوم الجمعة ما أدى الى مقتل عشرة. على صعيد اخر تواجه حركة المقاومة الاسلامية (حماس) استياء متناميا في معقلها في غزة بسبب رفع الضرائب مرة أخرة وسوء ادارة أزمة الكهرباء التي انقطعت لفترات طويلة في القطاع. ويقول تجار يستوردون سلعا من اسرائيل والضفة الغربية ان سلطات حماس فرضت رسوما اضافية الى جانب الضرائب المعتادة التي تجمع مما يعرض تجارتهم للخطر ويهدد مصدر رزق الاف العمال. وتقول حماس ان زيادة الرسوم تهدف لحماية المنتجات المحلية ولكن محللين محليين يعتقدون أن الحركة اضطرت لفرض رسوم اضافية بسبب تراجع التمويل من حلفاء خارجيين أبرزهم ايران. ومهما كان السبب فان سكان غزة يستشيطون غضبا وزادت أزمة الكهرباء الناجمة عن انخفاض كميات الوقود التي تهرب الى الاراضي الفلسطينية من مصر من مشاعر الاستياء بين سكان القطاع وعددهم 1.7 مليون نسمة. وقالت أم عبد الكريم وهي ربة منزل من غزة لا يوجد عندنا ما لدى البشر. لا كهرباء ولا مياه وزوجي يحكي لي عن ضرائب جديدة في كل يوم وتابعت اللي ما بيقدر يخدم شعبه وناسه فليترك. وفازت حماس في الانتخابات البرلمانية التي جرت في الاراضي الفلسطينية في عام 2006 وسرعان ما نشب خلاف بين الحركة والرئيس الفلسطيني محمود عباس. وسيطرت حماس على غزة بعد 18 شهرا من ذلك اثر معارك مع قوات عباس التي تبسط سيطرتها على الضفة الغربية القريبة. وتفرض اسرائيل حصارا بريا وجويا وبحريا على غزة لمنع وصول مواد يمكن أن تستخدم في أغراض عسكرية لحماس ولكن لم يمنع ذلك الحركة من تدعيم سلطاتها في القطاع. ويأتي الغضب الشعبي ازاء انقطاع الكهرباء وزيادة الضرائب في وقت حرج لحماس التي تسعى جاهدة للتغلب على انقسامات داخلية غير مسبوقة بشأن مساعي التقارب مع عباس وانهاء الخلاف القائم بينهما منذ فترة طويلة . وقال أبو علي (47 عاما) وهو عامل بناء عاطل قادتنا غير قادرين يوفروا لنا حياة جيدة وغير قادرين حتى يتصالحوا فما المنفعة العائدة منهم. وفي مظهر نادر لتحد عام رفضت مجموعة من التجار في الشهر الماضي دفع رسوم استيراد اضافية تاركة 22 شاحنة محملة بالبضائع قابعة عند معبر كيرم شالوم الحدودي الذي تسيطر عليه اسرائيل لمدة ثلاثة أسابيع. ونقلت البضائع منذ ذلك الحين الى غزة ولكن لن يصل بعضها على الاقل لارفف المتاجر أبدا. وقال صلاح المقادمة رجل الاعمال لن أدفع هذه الضرائب .. خليهم ييجوا ويكبوها على الارض بعدما أغضبه مطالبته بسداد 20 ألف شيقل عن كل من الشاحنات الثلاث التي تحمل كولا أردنية تعرف باسم نايس. وأضاف اذا أضفت هذه الضرائب على الاسعار الحقيقية فلن يشتريها أصحاب المحلات لانهم لن يستطيعوا أن يبيعوها. وفي البداية حاولت حماس فرض رسوم اضافية علي 17 نوعا من السلع من بينها ملابس النساء والاطفال والبسكويت والعصائر والاثاث والبن. ثم قلصت القائمة الى أربع سلع وهي تعيد تقييم بقية الرسوم ومن ثم طلبت من المستوردين دفع 500 شيقل عن كل ألف لتر من المشروبات الغازية المستوردة و2500 شيقل عن كل طن من رقائق البطاطس و750 شيقلا على كل طن من الاثاث المكتبي وتتباين الرسوم على الملابس. وقال ابراهيم جابر وكيل وزارة الاقتصاد بحكومة حماس في غزة هذه رسوم صغيرة ورمزية ولا تؤثر على الاسعار. وقال ان الحكومة تحتاج سيولة لمشروعات مهمة ومضى قائلا «الحكومة لديها مسؤوليات جسام في التعليم والصحة والامن والقضاء والبنى التحتية ... بمعنى أن كل شيء يعود للمواطن في النهاية». وتأتي الرسوم الاخيرة عقب فرض رسوم على أربع سلع يكثر عليها الطلب تهرب من مصر عبر شبكة من الانفاق اذ رفعت الرسوم على طن الاسمنت بواقع 20 شيقلا ولتر الوقود 1.4 شيقل وطن الصلب 450 شيقلا وطن الحصى عشرة شيقلات. وقال أبو اسلام صاحب أحد الانفاق «أصحاب الانفاق احتجوا ليوم واحد ولكن في النهاية عادوا للعمل لان حكومة حماس رفضت مطالبهم بالغاء الضرائب». لكنه أضاف أن عددا من التجار ألغوا شحنات. وتشير المطالب المالية الى أن حماس التي يقاطعها الغرب لرفضها الاعتراف باسرائيل ونبذ العنف تواجه صعوبة في تلبية احتياجات القطاع. وتفيد ميزانية عام 2011 أن حماس قدرت ميزانية القطاع عند 769 مليون دولار وتوقعت ايرادات محلية 150 مليون دولار. وتسد التبرعات الاجنبية من عدد من الحلفاء جزءا كبيرا من العجز ويعتقد أن ايران المساهم الرئيسي في سد العجز. ويقول دبلوماسيون ان ايران قطعت التمويل ردا على رفض حماس مساندة الرئيس السوري بشار الاسد في الشهر الماض ودعمها الانتفاضة ضده علنية. وحال الشقاق بين حماس وعباس دون اجراء انتخابات على مدار ستة أعوام ومن الصعب قياس مستوى التأييد لحماس في غزة غير أن التجار في غزة يقولون انه مهما كان انتماؤهم السياسي فان الرسوم الجديدة تهدد بتضييق الخناق على الاقتصاد الذي يتعافي ببطء من حرب 2009-2008 التي شنتها اسرائيل على القطاع. ولا يسع أي شخص في غزة التهرب من الضرائب الجديدة لان جميع الطرق المؤدية للحدود تحت رقابة ضباط حماس الذين يفتشون كل شاحنة وعربة يجرها حمار. ويقول مسؤولون غربيون ان حاجة حماس لايرادات الضرائب هي محور صراع السلطة الحالي. وتعتمد حماس الى حد كبير على الوقود الذي يهرب لغزة من مصر المجاورة ولكن القاهرة منعت هذه التجارة في فبراير شباط لانزعاجها فيما يبدو من تهريب وقود الديزل الذي تدعمه من أجل مواطنيها الى غزة. ويقول منتقدو حماس ان الحركة رفضت تنويع مورديها لان بوسعها فرض رسوم باهظة على الوقود المصري المهرب بينما الوقود الذي يستورد بشكل قانوني عبر اسرائيل تتولاه السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية وتفرض رسوما عليه تحرم حماس من فرض أي رسوم اضافية. وقالت مسؤولة بمنظمة غير حكومية رفضت نشر اسمها بسبب حساسية تعاملاتها مع حماس «سبب هذه الازمة سخيف ويتعلق باصرار حماس على عدم الشراء من السلطة الفلسيطنية عن طريق اسرائيل. وتابعت «حين تجري عملية الشراء عبر الانفاق تفرض حماس نظامها الضريبي ومن ثم تحصل على ايرادات». ولم تنزل احتجاجات على انقطاع الكهرباء الى الشوارع لان حماس تمنع المظاهرات ولكن الغضب جلي على مواقع التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك وتويتر بسيل من الشكاوى من انقطاع الكهرباء لفترة تصل الى 18 ساعة في اليوم. وكتب مصطفى ابراهيم وهو كاتب من غزة على مدونته أن الناس محرومون من أبسط حقوقهم في الحرية والكرامة و تناقلت عدة مواقع فلسطينية ما نشره وأضاف «غزة طنجرة (اناء) ضغط قابلة للانفجار».