من وادي عومران إلى وادي حضرموت.. مشروع جنوبي لتفكيك بؤر الإرهاب بالمنطقة    بعد زرع الفتنة والفرقة بين الأهل.. حضرموت نحو التدمير الذاتي    "بلو سكاي" التابعة ل "عبدالحافظ العليمي" تستولي على قطاع S2 عقلة شبوة (وثيقة)    موقع بريطاني: الولايات المتحدة أنفقت مليارات الدولارات في حرب هزمت فيها    وفاة 8 أشخاص إثر اختناقهم داخل 2 أبار في اب    أبو عوذل: لا مجال للمزايدة على وطنية ونضال عبدالعزيز الشيخ    الفقيد صالح علي السعدي.. من الرعيل المؤسس لنادي شعب حضرموت    إب .. اختناق جماعي داخل بئر يودي بحياة 6 اشخاص    الاردن تعلن سقوط صاروخ مجهول المصدر بمحافظة معان    الرأسمالية المتهالكة تواجه أعمق أزماتها: هل ينقذها "عرّاب الصفقات" ترامب؟    فرنسا ردا على إسرائيل: لا أحد يملي علينا موقفنا من الاعتراف بالدولة الفلسطينية    مكتب زراعة الأمانة يكرم مركز الشهيد "هاني طومر" الصيفي ب200 شتلة من الأشجار المثمرة    قبائل القفر تعلن النفير لمواجهة العدو وإسناد غزة    علماء روس يطورون طريقة للتنبؤ بالأمراض الوراثية والمناعية    تحديات أمام مستقبل الجنوب    الفريق الوطني يطالب بزيارة اممية لسجون المجرم "طارق عفاش"    الوطنية توضح حول أسعار منتجاتها من مادة الاسمنت    الكلمةُ شرفٌ لا يُباع.. ومسؤولية لا تُزوَّر    إسرائيل تعترض صاروخا حوثيا.. وتوقف مؤقت للملاحة في مطار بن غوريون    النفط يتراجع من أعلى مستوى له في أسبوعين    اسعار الذهب في صنعاء وعدن الثلاثاء 13 مايو/آيار 2025    السعوديّة وأمريكا توقّعان صفقة أسلحة بقيمة 142 مليار دولار هي الأكبر في التاريخ    ميلان يواجه بولونيا في نهائي كأس إيطاليا غدا    "البكري" يستقبل السفيرة البريطانية "شريف" ويبحثان سبل التعاون ودعم الشباب    مناقشة أوجه التعاون بين وزارة النفط والمركز الوطني للوثائق    إنتخاب اللاعب طه المحاقري رئيساً للجنة الرياضيين باللجنة الأولمبية اليمنية    مصر تستعيد 25 قطعة أثرية من واشنطن    برعاية وزير الأوقاف.. وكالات الحج والعمرة تقيم اللقاء السنوي مع الحجاج في العاصمة عدن    وزير النقل يعلن جهوزية مطار صنعاء لاستقبال الرحلات    حكيمي رابع مغربي يتوج بجائزة أفضل لاعب أفريقي بالدوري الفرنسي    مليشيا الحوثي تختطف عمال محلات تجارية ك"رهائن" لإجبار أصحابها على دفع جبايات    البغدادي يكشف عن اخفاء قسري لمحامي في صنعاء ويطالب بالاسراع في كشف مصيره    مركز نهم الجمركي يحبط محاولة تهريب كمية من الزبيب الخارجي    البعثات الطبية الصينية في وادي حضرموت    كفى عبثًا!!    وزير داخلية مصر يصدر أمرا ببحث شكاوى اليمنيين والافراج عن المحتجزين    علماء يحققون اكتشافا مذهلا عن الأصول الحقيقية لليابانيين    ألونسو يطلب صفقات لترميم دفاع الريال    تدشين دليل الخدمات المرورية في مركز الإصدار الآلي الموحد    الترب: بحكمة أبناء اليمن سنتجاوز تدخلات دول العدوان    نقابة الصحفيين والإعلاميين الجنوبيين تتضامن مع الصحفي عدنان الأعجم    "اليونيسيف" تطلق مبادرة للحد من نقص التغذية في اليمن    المناخ الثوري..    اللواء ناصر رقيب يشيد بإنجازات القوات الخاصة في مأرب    فتاوى ببلاش في زمن القحط!    اللجنة الأولمبية اليمنية تجري انتخابات الطيف الواحد للجنة الرياضيين        قراءة نقدية في كتاب موت الطفل في الشعر العربي المعاصر .. الخطاب والشعرية للدكتور منير فوزي    الكشف عن شعار كأس العالم للناشئين 2025    وداعاً...كابتن عبدالله مكيش وداعاً...ايها الحصان الجامح    صبحكم الله بالخير وقبح الله حكومة (أملصوص)    حقيقة استحواذ "العليمي" على قطاع وادي جنة5 النفطي شبوة    نساء عدن: صرخة وطن وسط صمت دولي مطبق.!    أمريكا.. وَهْمٌ يَتَلَاشَى    مرض الفشل الكلوي (4)    شركات أمنية رافقت نساء المنظمات والشرعية يوم أمس    تسجيل 17,823 إصابة بالملاريا والأمراض الفيروسية في الحديدة منذ بداية 2025    - كيف ينظر وزير الشباب والرياضة في صنعاء لمن يعامل الاخرين بسمعه اهله الغير سوية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحصانة للمحامي .. شطر العدالة المهمل
نشر في 14 أكتوبر يوم 09 - 06 - 2012

العدالة قيمة من أعظم القيم السماوية التي شرعت لرعاية الإنسانية وإقامة الحياة بميزان العدل الالهي ، القاضي والمحامي، وجهان لعملة واحدة ، وهما ركنا الحماية للقضاء العادل ، الذي هو مطلب أساسي من أهم مطالب الدولة المدنية التي تحفظ فيها المصالح العامة والخاصة للمواطنين والأجانب على حد سواء .
وفي الواقع ، توسع قانون السلطة القضائية في اليمن في إعطاء القضاة حقوقاً وامتيازات كثيرة بهدف ضمان تمتعهم بالاستقلال في الرأي ، والحياد في صياغة الأحكام ، بعيدا عن نفوذ أو تدخل السلطات الأخرى سواء كانت السلطة التنفيذية أو السلطة التشريعية .
ووصل التوسع هذا حد الدلال المفرط بإعطائهم حصانة شبه مطلقة ، فهم مستقلون ولا يخضعون لأي سلطان غير سلطان القانون القضائي ، وهذه الحصانة تصل الى حد عدم قابليتهم للعزل ، وتتم ترقيتهم ونقلهم وفق نظام معين ، فلا يجوز نقلهم أو ندبهم أو حتى تأديبهم إلا في أحوال معينة حصرها القانون بدقة متناهية .
كما ان القانون فرض على الدولة التفسح في البذل المالي الذي يتمثل بمرتبات مجزية وتوفير سكن وبدلات وترقيات دائمة ، كل ذلك حتى يكفل لهم حياة كريمة تتناسب مع وظيفة القضاء السامية وما يستلزم من حسن مظهر وتفرغ بال وعفة نفس وطهارة يد ووقار ومهابة .
اعطى القانون إجازة شهرين كاملين مراعاة لنفسية القاضي ، كما فرض له تامين معاشه في حالة الوفاة أو المرض وحتى في حالة الاستقالة حيث لا يسقط حقه في المعاش أو المكافأة ابدأ .
الحصانة المبالغ فيها الممنوحة للقضاة توجب انه في غير حالة التلبس لا يجوز القبض على القاضي أو حبسه احتياطيا إلا بعد الحصول على اذن من مجلس القضاء الأعلى ويجب على وزير العدل عند القبض على القاضي في حالة التلبس أو حبسه ان يرفع الأمر فورا الى رئيس مجلس القضاء الأعلى ليأذن باستمرار حبسه أو يأمر بإخلاء سبيله بضمان أو بغير ضمان .
كما لا يجوز رفع الدعوى الجزائية على القضاة إلا بإذن من مجلس القضاء الأعلى بناء على طلب النائب العام ويعين مجلس القضاء الأعلى المحكمة التي تتولى محاكمة القاضي .
وحتى التفتيش القضائي على أعمال القضاة يكون فقط لجمع بيانات لمعرفة درجة كفاءة تمهيدا للترقية ،، وكما نرى ، في حين نجد أن القانون حدد العقوبات التأديبية في حال الاخلال بواجبات الوظيفة ، إلا انه جعل إجراءات تحريك الدعوى التأديبية بالغة الصعوبة ، ولا تتم إلا بناء على طلب وزير العدل وموافقة مجلس القضاء الأعلى .. وتقريبا أصبح القاضي المحصن في مأمن من المساءلة والملاحقة ، لذلك لا نستغرب تحول القضاء الي مرتع من اكبر مراتع الفساد ، فساد للذمم وانتشار للرشوة وضياع لحقوق الناس .
ان كل هذا الدلال والتدليل يقابله حقيقة مأساوية للطرف الآخر لوجه العدالة ، اقصد هنا المحامين حيث تبدأ المأساة من قانون السلطة القضائية ذاته ، عندما ذكر القانون معاوني القضاة ، فحصرهم بالمحامين والخبراء والكتاب والمحضرين والمترجمين، في هذا النص نجد بداية الاستنقاص من هيبة وكرامة مهنة المحاماة ، حيث جعل المحامي احد الاعوان للقاضي وليس شريكاً أساسياً في إقامة العدل وتحقيق العدالة ، وهذا خلل واضح يزداد وضوحا عندما تطلع على قانون تنظيم مهنة المحاماة ، حيث تلاحظ مدى الإهدار لكرامة المحامي مقارنة بكرامة القاضي ، هذا الخلل اعتبره شخصيا السبب الرئيسي في فساد السلطة القضائية وتدهور أوضاعها المزري في بلادنا .
ان المحامي يعتبر شطر العدالة ، واحدى دعائم تثبيت سيادة القانون والدفاع عن حقوق الإنسان العامة ، تجده دائما شطراً مهملاً بكل معنى الكلمة مقارنة بالشطر المدلل الآخر .. في الواقع المعاش المحامي يعيش بدون اية ضمانات أو تأمينات مشجعة ، مما اثر على روح رسالة المحاماة ، فتحولت الى تجارة عند بعض ضعاف النفوس وعند من يبحثون عن رزقهم اليومي بشتى الطرق مشروعة وغير مشروعة .. ونحن هنا لا نسوغ أو نبرر ولكننا نناقش الإهمال المتعمد من قبل الدولة لمهنة المحاماة والمحامين الذين لابد من التكاتف في سبيل المطالبة بتسوية أوضاعهم ، ومنحهم الضمانات اللازمة لأداء وظيفتهم على الشكل الذي يعيد هيبة الحكم والدفاع إلى المستوى المطلوب .
ومن الانحرافات التي تحتاج لمعالجة نجد ايضا ان القانون اشترط لمنح تراخيص مزاولة المهنة ان يكون المحامي لديه مكتب وان لا يشغل احدى الوظائف سواء العامة ، أو في المؤسسات والهيئات والشركات العامة أو الخاصة أو المختلطة ، وان لا يشتغل بالتجارة أو أي عمل لا يتفق وكرامة المهنة .. إلا إننا نجد مع ذلك ، الكثير من المحامين يضطرون للمراوغة فيسعون للحصول على الوظيفة العامة حتى يستطيعوا تامين الحد الادنى من متطلبات المعيشة اليومية .
وفي حين ان القانون فرض على المحامي التقيد بالقيم الإسلامية ومبادئ الشرف والاستقامة والأمانة والنزاهة وآداب المهنة ، إلا إننا نجد حصانة القضاة المذكورة عرضت الكثير من المحامين للوقوع ضحية غياب هذه القيم عند كثير منهم اليوم .. الاستقلال المهني المنعدم ايضا معضلة تضاف الى الشطر المهمل، فنجد ان القانون اجاز لوزير العدل ان يطلب من المحكمة العليا الدائرة الإدارية حل مجلس نقابة المحاميين بكل بساطة ، هذه التبعية للمحكمة العليا بالإضافة الى استفراد وزارة العدل بإصدار التراخيص للمحامين ، هي أمور تستدعي إيجاد حلول جذرية لها .. اخيرا نحن على يقين بأنه لن يصلح حال القضاء إلا بشيئين اثنين هما :
إعادة النظر في ثغرات قانون السلطة القضائية ، ومعالجة الاستهتار والفساد المالي والإداري والأخلاقي لبعض القضاة الذين يعتمدون على الحصانة الممنوحة لهم للعبث بالقضاء وتشويه سمعته ، ثم إعادة تنظيم وتحسين وضع مهنة المحاماة عن طريق منح المحامي حصانة قانونية نوعية لضمان حرية الدفاع والادعاء على أساس ان المحامي شريك وليس معاوناً أو تابعاً ، بما يضمن كرامته أمام تطاول بعض القضاة ، وعن طريق دعم ثابت من الدولة لنقابة المحامين ، واعتماد مبالغ مالية ثابتة أو رواتب يكون مقابلها إلزام المحامين بتقديم العون القضائي للمحتاجين ، كل ذلك بما يكفل الوصول الى التوازن بين شطري العدالة حتى نحصل على القضاء العادل الحر والنزيه احد أهم معالم الدولة المدنية المنشودة.
رئيسة منظمة مساواة للتنمية السياسية وحقوق الانسان - تعز


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.