مأرب.. العرادة يجتمع بالحوثيين والقاعدة لإشعال الفوضى في شبوة وحضرموت    سياسي عُماني يرد على الراشد: الجنوب العربي ليس "عش انفصاليين" بل إرادة شعب ودولة مؤجلة    هالاند يحطم رقم كرستيانو رونالدو    هيئة مستشفى ذمار تدشن مخيما مجانيا لعلاج أمراض العمود الفقري الأربعاء المقبل    الفرح: أطماع الرياض وأبوظبي وراء تمزيق اليمن وتقاسم نفوذه وثرواته    اليوم انطلاق كأس أمم أفريقيا    موقع أمريكي: مجلس النواب الأمريكي عاجز عن وقف الحرب على فنزويلا    شبح اغتيال الزبيدي.. تسجيل منسوب للاستخبارات السعودية يثير الريبة ثم يتهاوى (توثيق)    إيلون ماسك أول شخص في العالم تتجاوز ثروته ال 700 مليار دولار    صحيفة أمريكية: أمراء الخليج يتنافسون على ثروات اليمن    شرطة أمانة العاصمة تعلن ضبط 5 متهمين آخرين في حادثة قتل رجل وزوجته بشارع خولان    الصحفي والقيادي الاعلامي الكبير الدكتور عبدالحفيظ النهاري    الصحفي والقيادي الاعلامي الكبير الدكتور عبدالحفيظ النهاري    بمقطع فيديو مسرب له ولشقيقاته.. عبدالكريم الشيباني ووزارة الاقتصاد والصناعة والاستثمار في ورطة..!    عودة اكثر من 50 صياداً يمنياً إلى المخا عقب احتجازهم في إريتريا    السيطرة ليست دولة.. تفكيك وهم الحسم النهائي في حضرموت والمهرة    الهجري: مجلس القيادة لم يؤدِّ الدور المأمول منذ تأسيسه وما يحدث في المحافظات الشرقية مؤسف    وفاة الصحفي الاميري بعد معاناة طويلة مع المرض    صنعاء: ضبط بقية المتهمين في جريمة شارع خولان .. "أسماء وصور"    ابن حبريش يظهر مجددا ويؤكد على خيار الحكم الذاتي    تحذيرات جوية من انخفاض ملحوظ في درجات الحرارة    الصين تسجل نمواً مطرداً لشحن البضائع عبر السكك الحديدية في أول 11 شهرا    قيادات الدولة تتفقد مشاريع إعادة تأهيل شارع خولان بصنعاء    الحديدة: انطلاق مشروع المساعدات النقدية لأكثر من 60 ألف أسرة محتاجة    الجرح الذي يضيء    بمعدل نمو 10.4%.. التمويل الإسلامي في عُمان يرتفع إلى 7.4 مليار ريال    رحيل الفنانة المصرية سمية الألفي عن 72 عاما    معلومات حول الجلطات في الشتاء وطرق الوقاية    عودة الأسعار للارتفاع يا حكومة    مع استمرار صراع ادوات المرتزقة..مدن الجنوب بلا خدمات    البنجاك سيلات يستعرض الصعوبات التي تواجه الاتحاد    تدشين صرف إعاشة أسر الشهداء والمفقودين ب 3.6 مليارات ريال    عاجل: إعلان أمريكي مرتقب يضع الإخوان المسلمين على حافة التصنيف الإرهابي    وزير سابق: تراجع اهتمام واشنطن بالملف اليمني وتعيد النظر وفقا لوقائع الأرض    خبير في الطقس: برد شديد رطب وأمطار متفرقة على عدد من المحافظات    ميرسك تعبر البحر الأحمر لأول مرة منذ عامين وتدرس عودة تدريجية    تقرير أممي: ثلثا اليمنيين يعانون انعدام الأمن الغذائي ومعدلات الجوع تسجل ذروة غير مسبوقة    تقرير أممي: تصعيد الانتقالي في حضرموت أجبر آلاف الأسر على الفرار والنزوح    مهرجان ثقافي في الجزائر يبرز غنى الموسيقى الجنوبية    أمطار شتوية غزيرة على الحديدة    الموسيقى الحية تخفف توتر حديثي الولادة داخل العناية المركزة    "المحرّمي" يُعزِّي في وفاة السفير محمد عبدالرحمن العبادي    بالتزامن مع زيادة الضحايا.. مليشيا الحوثي تخفي لقاحات "داء الكلب" من مخازن الصحة بإب    الأوبئة تتفشى في غزة مع منع دخول الأدوية والشتاء القارس    بنات الحاج أحمد عبدالله الشيباني يستصرخن القبائل والمشايخ وسلطات الدولة ووجاهات اليمن لرفع الظلم وإنصافهن من أخيهن عبدالكريم    بنات الحاج أحمد عبدالله الشيباني يستصرخن القبائل والمشايخ وسلطات الدولة ووجاهات اليمن لرفع الظلم وإنصافهن من أخيهن عبدالكريم    كأس ملك اسبانيا: تأهل اتلتيك بلباو وبيتيس لدور ال16    انعقاد الاجتماع الفني لبطولة مديريات محافظة تعز - 2026 برعاية بنك الكريمي    المغرب يتوج بطلاً لكأس العرب بانتصاره المثير على منتخب الاردن    الحرية للأستاذ أحمد النونو..    لملس والعاقل يدشنان مهرجان عدن الدولي للشعوب والتراث    بين الاعتزاز والانسلاخ: نداءُ الهوية في زمن التيه    اتحاد كرة القدم يعلن استكمال تحضيراته لانطلاق دوري الدرجة الثانية    تحرير حضرموت: اللطمة التي أفقدت قوى الاحتلال صوابها    صباح المسيح الدجال:    مأرب.. السلطة المحلية تكرم فريق نادي السد لكرة القدم بمناسبة الصعود لدوري الدرجة الثانية    تأكيداً على عظمة ومكانة المرأة المسلمة.. مسيرات نسائية كبرى إحياء لذكرى ميلاد فاطمة الزهراء    بدعم سعودي.. مشروع الاستجابة العاجلة لمكافحة الكوليرا يقدم خدماته ل 7,815 شخصا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التكفير وأثره على المسار الاجتماعي والسياسي
نشر في 14 أكتوبر يوم 07 - 04 - 2013

[لا يوجد نمط فقرة][فقرة بسيطة]الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيراً. (يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا، ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا؛ تبتغون عرض الحياة الدنيا، فعند الله مغانم كثيرة فتبينوا، إن الله كان بما تعملون خبيرا).( النساء : 94).
إنَّ مما يحمد عليه المنهج الذي توفرنا على دراسته في مدارسنا - على علاته وعلله الكثيرة طبعاً - هو التركيز على الجانب الإنساني للإسلام، سواء في السيرة النبوية على صاحبها وآله أفضل الصلاة والسلام، أو في قصص الصحابة رضوان الله عليهم. لقد كان أهم ما يشعرنا بالتميز عن الآخرين، على ضوء ما درسناه، هو أن حضارة الإسلام التي ننتسب لها ونعتزي إليها حضارة إنسانية راقية. وما إن خرجنا من المدارس وأقبلنا على الاستزادة من القراءة في كتب التاريخ والسير والتراجم وكتب العقائد والملل والنحل، حتى هالنا ذلك الافتراق الذي وجدنا أنفسنا فيه، واصطدمنا بالتشظي الذي صرنا إليه.
لقد شهدنا صراعات بين المذاهب، وفتناً بين الطوائف، وتفسيقاً وتكفيراً، وتخويناً وتأثيماً، أضاع المسلمون فيها دهراً طويلاً دون أن يجنوا ثمرة سوى الضعف والهوان والانحطاط.
لقد كانت هذه العقائد التي ولدتها عصور الاستبداد و التعصب والانحطاط كفيلة بأن تقضي حتى على أقوى العلاقات الإنسانية الفطرية وأشدها رابطة وإحكاماً.
هذا الصوفي الكبير الحارث بن أسد المحاسبي يتعلق بوالده بمرأى من الناس طالباً منه أن يطلق أمه؛ لأنها على دين وهو على غيره.
وهنا قد يسأل سائل فيقول: وما عسى أن يكون هذا الدين الذي كان عليه أبو الحارث؟.
لقد كان أبو الحارث بكل بساطة واقفياً. أي: أنه كان يتوقف في القرآن؛ فلا يقول مخلوق أو غير مخلوق!. وعندما مات أبو الحارث لم يرث الحارث من أبيه شيئاً، وقال: أهل ملتين لا يتوارثان!!).
ألم تحمل العقيدة الإمام عبد الله بن حمزة بأن يتوعد المطرفية() التي اختلف معها فيقول في خطاب له: «فإن ظهرنا عليهم- بنصر الله- قتلنا المقاتلة، وسبينا الذرية، وبعنا النساء والعيال كما يُفعل بالمشركين. ولم يكن عندنا لكل حالم إلا السيف؛ لأن هذا حكم الله وحكم رسوله!»). مع أنَّ في هؤلاء المطرفية جمع لا يستهان به ممن يجمعهم مع ابن حمزة نسب واشج، ورحم قريبة.
ويذكر ابن أبي الرجال في تاريخه أنَّ الحسين بن عبد الله بن شبيرة إمام جامع ريدة كان يمتنع عن الصلاة وراء أخيه والأكل من ذبيحته كونه على مذهب المطرفية).
فإذا كان هذا صنيع العقائديين التكفيريين مع الأقارب، فما عساه أن يكون مع الأباعد؟.
ويتحدث ابن عربي في (الفتوحات المكية) عن الشافعية والأحناف، فيقول: «أُخبرنا أنهم يقتتلون في بلاد العجم أصحابُ المذهبين، ويموت بينهما خلق كثير، ويفطرون في شهر رمضان ليتقووا على القتال!»).
وهذا ابن تومرت مؤسس دولة الموحدين يقول: إنَّ مراعاة القيام بأمر الله أولى من مراعاة إراقة الدماء وذهاب النفوس والأموال. فكان نتيجة ذلك أن قام بعمليات تصفية رهيبة سماها «التمييز» أفنى فيها قبائل بأسرها تدين بالإسلام).
أما الفتن الواقعة بين الشيعة والسنة فما عليك إلا أن تتصفح فهرس تاريخ الكامل لابن الأثير لتستخرج من كل مجلد عدة فتن بين الطائفتين لاسيما في بغداد.
أيها السادة .. أيتها السيدات : إننا إذ نستهل موضوعنا هذا بهذه المقدمة التاريخية- تاريخ التعصب والتكفير- فإننا نحاول أن نضع بين أيديكم هذا السؤال، وهو: هل تغير المشهد الثقافي اليوم على مستوى الوطن العربي والإسلامي أو حتى على مستوى اليمن عما كان عليه في الماضي كما يرصده ابن الأثير أو ابن كثير أو غيرهما من المؤرخين؟ والجواب بالطبع : لا..
إن خشبة المسرح الثقافي «الخالدة» ما زالت تعرض وتكرر نفس الصراع الذي عرضته بالأمس، وما زال الجمهور العربي لا يشعر بأية مسافة زمنية تفصل أطراف الصراع بعضها عن بعض أو تفصله هو عنها، الأمر الذي يذكرنا بذلك الشاعر العربي الذي يقول لأحد ممدوحيه الذي أشبه أسلافه:
وأريتنا ما غاب من أخلاقهم
ورددت فينا اليوم تلك الأعصرا
هذا ما لا حظه أحد المفكرين العرب، وهو على حق، حين رأى أن هناك تداخلاً بين «العصور» الثقافية في الفكر العربي منذ الجاهلية إلى اليوم؛ مما يجعل منها زمناً ثقافياً واحداً يعيشه الإنسان العربي كزمن راكد يشكل جزءاً أساسيا وجوهرياً من هويته الثقافية وشخصيته الحضارية. والسمة البارزة في هذا الزمن الثقافي الواحد هي: حضور القديم ، لا في جوف الجديد يغنيه ويوصله، بل حضوره معه جنباً إلى جنب ينافسه ويكبله).
إن «التاريخ الثقافي العربي السائد الآن هو مجرد اجترار وتكرار وإعادة إنتاج بشكل رديء لنفس التاريخ الثقافي الذي كتبه أجدادنا تحت ضغط صراعات العصور التي عاشوا فيها، وفي حدود الإمكانيات العلمية والمنهجية التي كانت متوافرة في تلك العصور، وبالتالي فنحن مازلنا سجناء الرؤية والمفاهيم والمناهج القديمة التي وجهتهم مما يجرنا - دون أن نشعر - إلى الانخراط في صراعات الماضي ومشاكله، إلى جعل حاضرنا مشغولاً بمشاكل ما ضينا، وبالتالي النظر إلى المستقبل بتوجيه من مشاكل الماضي وصراعاته»).
أيتها السيدات .. أيها السادة: إن الله إذ وصف دينه بالهدى ودين الحق، إلا أنهُ - مع ذلك - لم يقسر العباد على اتباع هذا الحق، ولم يجبرهم على اعتناقه؛ بل ترك لهم حرية الاختيار فيما يدينون به، قال تعالى: ﴿وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ﴾(الكهف:29) وقال: ﴿لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ﴾(البقرة:256) وقال لنبيه صلوات الله عليه وعلى آله: ﴿وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ﴾(ق:45) وقال له: ﴿لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ﴾(الغاشية:22).
فالتكفير أقصى درجات العدوان يمارسها المسلم ضد أخيه ، والمجتمعات التي يسود فيها هذا السلاح الخطير تشيع فيها الاضطرابات السياسية، وتتخلخل بها بنية المجتمع، ويغيب فيها الإبداع ، وتضمحل بها المعرفة، ويفقد فيها الأفراد قيم المحبة والتعاون والتعاطف ، ويصبحون ضحية الاحتراب والتمترس الطائفي؛ لذا يجب على العلماء والتربويين والمفكرين والمثقفين أن ينهضوا للتصدي لهذه الظاهرة، وذلك عن طريق:
إصلاح نظم التعليم بالتعريف بجوهر الإسلام الذي يقوم على الرحمة والرفق والقبول بالرأي الآخر، وذلك بتعايشه في الماضي مع الأقليات الدينية (يهودية ، نصرانية ، مجوس)، وإدخال المناهج الحديثة في نظم التعليم، ووضع الفلسفة الحديثة ضمن مقرراتها، والانفتاح على ثقافة الآخر عن طريق تعلم اللغات الأجنبية، وإقامة الندوات التي تقوم على الحوار وتبادل الآراء للتعريف بقيم الإسلام الصحيحة التي تنبذ العنف والغلو والتطرف..
تجديد الخطاب الديني تجديداً نتجاوز به إشكالات الماضي وصراعاته ، وفتح باب الحوار أمام الفرقاء لبحث مسائل الخلاف ، وتقريب وجهات النظر، بعيداً عن التكفير والتخوين.
كما ينبغي إعادة النظر في العلاقة بين الدين و الدولة .. لقد كان كثير من حالات الصراع الأيديولوجي الذي شهدناه وما زلنا نشهده في التاريخ الإسلامي يدار بتوجيه من السياسة؛ إذ كانت بعض الدول تتبنى منظومة فكرية معينة وتضطهد ما سواها؛ وهذا مما يزيد في معدل العنف، ويديم أمد الصراع .. فينبغي إقامة برزخ بينهما: (الدين والدولة)؛ حتى لا يبغي أحدهما على الآخر ، وفي هذا الإجراء - أيضاً - حفاظ على الكيانين: الدين والدولة معاً..
ورقة مقدمة إلى ندوة (الفكر في مواجهة التكفير الدوافع- المخاطر- المعالجات)


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.