مازلنا نعيش مرحلة عصيبة وحرجة من تصاعد وتيرة الاحتقانات والاحتجاجات الشعبية وتستمر موجة الغضب الجماهيري التي تزداد غلياناً فخشى من تفاقم حدتها ووصولها إلى مرحلة العصيان الواسع كرد فعل على تزايد الغلاء والارتفاع الجنوني للأسعار الذي طال كل متطلبات الحياة اليومية للمواطنين وحول حياتهم إلى جحيم يكتوون بناره التي تحرق أحلامهم وأمانيهم وزادت من صعوبة معيشتهم حتى صاروا عاجزين عن مواجهة أعباء المعيشة دون تقدير لحجم المأساة التي ألقت بضلالها الارتفاعات الكبيرة للأسعار في ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة, وعجز السلطة عن معالجة كافة الإختلالات بحلول تضع مصلحة المواطن وأمنه المعيشي فوق كل الاعتبارات, خاصة وأن غالبية السكان لا تتوفر لهم مداخل أخرى تعينهم على مواجهة المظالم الفادحة التي يعانون منها في ظل صمت رسمي يستهين بخطورة التردي المستمر لأحوالهم وأوضاعهم التي تزداد سوءاً وتدهوراً مع تنامي معدلات الفقر وارتفاع نسب البطالة والشعور الدائم بالغبن. لاشك أن احتجاجات الناس لها ما يبررها, خاصة وأنهم يشعرون بالغربة البشعة داخل وطنهم جراء الممارسات غير السوية والسياسات الخاطئة التي ولدت في نفوسهم الإحباط والتذمر بعد سنوات طويلة من الصبر والأمل بتغير أحوالهم نحو الأفضل في ظل يمن جديد حديث متطور يقوم على المؤسسات والنظام القانون والعدالة والديمقراطية وتعزيز روابط الوحدة الوطنية بدلاً من السير نحو التمزق وخراب البيت اليمني الذي يعاني من التصدع والانشقاقات وحاجته إلى الإصلاحات العميقة العاجلة التي تحفظ الوطن وتماسكه قبل التحول المريع نحو الصوملة أو العرقنة وما ينجم عنها من صراعات وويلات الجميع في غنى عن أحوالها وكوارثها والتي ستكون نتيجة طبيعية للعناد والمكابرة وإعاقة التحول المنشود الذي تصنعه الإصلاحات الجادة والحقيقية التي تجنب الوطن الفتن وتضع حداً لأولئك الذين يستغلون حاجات الناس وظروفهم وعواطفهم لتحقيق مطامع سياسية تدخل البلاد في نفق مظلم ومرحلة قاتمة مدمرة سيكون من الصعب إصلاحها بعد الخراب والدمار, والصراعات الدامية وتنامي الكراهية والعنف بين أبناء الوطن الذين يتطلعون لحياة جديدة ترفع عن كاهلهم المعاناة المريرة وتحقق لهم المواطنة الكريمة المتساوية والحياة اللائقة بآدميتهم. وكنا قد حذرنا في أكثر من مقال من خطورة المرحلة وتبعات الاستمرار في سياسة الترقيعات التي تضر بالوطن وبمصالح الناس ونبهنا إلى ضرورة وأهمية الإصلاحات الشاملة التي تطال كل جوانب الأوضاع التي لم يعد مجدياً بقائها وهي أبله للسقوط في ظل غياب الحكم الرشيد والتوازن الذي يحرم بلادنا الكثير من الفرص لتنمية التي تنتظرها لتكون رائدة للتحولات الإيجابية على المستوى الإقليمي والمؤهلة للقيام بدور فاعل في منظومة المجتمع الدولي الذي يسعى لتأهيل بلادنا على كافة المستويات, فيما السياسات المدمرة تعيق الثمينة الحقيقية وتوفر مناخات لعدم الاستقرار وتحول دون مواجهة التحديات في ظل عبث الفساد بالإمكانيات والموارد واستخفافه بخطورة الأوضاع الداخلية التي توفر أرضية مناسبة للتطرف والإرهاب والفوضى وانهيار كامل لمنظومة الحكم المتصدعة التي لا تتواكب مع التحولات المطلوبة تتعارض مع المتغيرات العالمية. بعد كل ذلك الوضع المتهالك والأحوال المتردية والأزمات المتواصلة والاختناقات الحادة, ماذا تنتظر السلطة لكبح جماح الاختلالات الشاملة أما آن الأوان لتحمل المسئولية بصدق ووضع النقاط فوق الحروف الملتهبة لتقوم بواجباتها لتغليب مصالح الوطن والمواطنين من خلال إصلاحات فعلية جذرية تعيد الآمل للناس بحياة جديدة خالية من السموم والمعاناة والفساد؟! أم تنتظر الطوفان الشعبي ليقوم بدوره والخراب والدمار.. أم أنها تفضل اللامبالاة وتضع عبثاً طيناً في آذن وحي أخرى عجيناً؟!