عمالة في الضفة، وانحياز في غزة، وطاولات تفاوض في شرم الشيخ على نفس الطاولة تستقبل القيادة المصرية ممثلي الحركات الفلسطينية، وقادة الإحتلال الصهيوني، حركات فلسطينية مختلفة في إيديلوجياتها الفكرية تتقاتل على سلطة لا دولة أو أرض لها. فمنذ نشأة حركة حماس كحركة مقاومة مسلحة ضد الاحتلال الصهيوني وقيام هذه الحركة بعمليات استشهادية، وقنص جنود إسرائليين، تحولت العلاقة بين السطلة الفلسطينية وحركات المقاومة للاحتلال فأضحت السلطة تنظر إلى المقاومة على أنها تمرد، وخرق للهدنة مع إسرائيل وتجاوز لخارطة الطريق في إطار لعبة السلام، ففتحت سجوناً تستوعب مئات من حماس والجهاد وغيرهما ومؤامرات من الداخل الفلسطيني لاغتيال رموز وقيادات المقاومة سيناريو مضحك عند ما يرى العالم سلطة فلسطينية توجه قوتها ضد أبناء شعبها، بينما قوات الاحتلال تجتاح كل مساكن وأحياء ومخيمات المواطنين الفلسطينيين ومقرات السلطة متى ما أرادت، وتأسر من تشاء من السلطة والوزراء، ورئيس المجلس التشريعي أو أي عضو شاءت منهم، بينما حرس السلطة لا يستطيعون حتى حماية من يسمونه رئيس السلطة.. فأي لعبة هذه. حدث بعد ذلك انفصال بين الضفة الغربية وقطاع غزة نتيجة صراع بين دعاة تحرير فلسطين.. حماس تتبنى التوجه الإسلامي الديني المتشدد، وفتح تنهج نهجاً علمانياً انفتاحياً، وكلاهما متعصب لتوجهه الفكري، وليس الوطني، ولم يجتمعا على الوطنية وتحرير الوطن المحتل منذ ما يزيد عن خمسة عقود من الزمن، والمؤسف أن لكل حركة منهما أنصاراً في دول عربية أو غربية كحركات مماثلة أو نظم حاكمة، فالأنظمة العربية الحاكمة تدعم فتح بالإضافة إلى الدعم الأمريكي والغربي، والحركات الإسلامية في العالم العربي والإسلامي تدعم حماس كي تكون امتداداً لها، فسياسة الغباء العربي والإسلامي التي تنظر إلى الحكم في فلسطين قبل النظر إلى تحريره من الاحتلال الصهيوني كان لها دور كبير جداً في تشتيت وتمزيق الصف الفلسطيني، فنرى حماس تسجن أنصار فتح في غزة وتقتل منهم، وتمارس ذلك فتح مع أنصار حماس في الضفة، مأساة، وواقع مخز يتيح المجال لإسرائيل للاستمرار في سياساتها الاستعمارية التوسعية، لتبني آلاف المستوطنات، في الوقت الذي يهدم فيه كل فلسطيني بيت أخيه، ويأتي الحديث عن دولة فلسطينية في ظل هذا الواقع الذي لم يتوحد فيه أبناء البيت الواحد.. الحديث عن الدولة من قبل الاستهلاك اللفظي ليس إلا، لتوجيه أصابع الإتهام إلى الفلسطينيين المتصارعين مع بعضهم، وإن هذا الصراع السبب الرئيسي في عدم قيام دولة فلسطينية تفتقر إلى قيادة حكيمة ، وإن من هو بارز من الحركات لا تخرج عن أحد أمرين عملاء لمصالح ضيفة، أو امتداد لحركات غير وطنية فالحركات الفلسطينية أشبه بأطفال يقتلون على أحلام لفظية لم تغدُ واقعاً بعد،، فأنَّى لدولة فلسطينية أن تنشأ في ظل هذا التشرذم.