تتهيأ مدينة شرم الشيخ المصرية لإستضافة المؤتمر الدولي حول العراق الذي يشهد تصعيدا في اعمال العنف الطائفي متزامنا مع تأزم الموقف السياسي والعسكري الاميركي وتزايد خسائره هناك. يشارك في مؤتمر(شرم الشيخ) الذي ينعقد يومي الثالث والرابع من مايو المقبل نحو 80 دولة ومنظمة بما فيها الدول المجاورة للعراق وممثلين عن الاممالمتحدة والاتحاد الاوروبي ومجموعة الثماني . ويهدف المؤتمر الذي يعد الثاني من نوعه بعد مؤتمر بغداد الذي عقد في مارس الماضي الى محاولة ايجاد مخرج للعراق الغارق في حمام الدماء واعادة الاستقرار والامن فيه . ولاتزال المحادثات التي يقوم بها الساسة العراقيون والاميركيون من خلال الزيارات والاتصالات بعدد من الدول جارية تمهد للمؤتمر وسط تأكيدات اميركية على نجاح المؤتمر حتى من دون مشاركة طهران التي ترى بدورها اقتصاره على دول الجوار فحسب. ويرى مراقبون ان وثيقة عهد العراق التي من المتوقع ان يتبناها مؤتمر شرم الشيخ اصبحت الورقة التي تؤمل من خلالها الجهود العراقية الحصول على دعم دولي للمساعدة في إشاعة الاستقرار في العراق ورفع اعباء ديونه المتراكمة. لكن في المقابل هناك دول رئيسة لاتزال تتحفظ على مشروع هذا القرار الذي يدعو الى إلغاء الديون بنسبة 100 بالمئة وتضع شروطا للتعامل معه. وبحسب صحيفة واشنطن بوست الأميركية فان روسيا والصين وإيران والكويت ودولا أخرى قلقة من التوقيع على مشروع القرار لالغاء ديونها التي يصل بعضها الى عشرات المليارات من الدولارات لكل بلد . ويتضم مشروع قرار الوثيقة الذي أعدته لجنة في مجموعة دول العهد الدولي للعراق بوضع خطة تنمية سياسية واقتصادية واجتماعية للعراق تطبق على مدى خمس سنوات. ويتوقع ان يطرح القرار الذي إستغرق وضعه عاما كاملا من المفاوضات للنقاش في مؤتمر شرم الشيخ بمصر والذي ستحضره الدول الدائنة والمطالبة بالتعويضات من العراق. ورغم تلك الجهود الدولية لانجاح المؤتمر الا ان هناك من يرى ان المؤتمر لن يحقق اي نتائج فعلية تعود بمكاسب تخفف من الام الجرح العراقي النازف يوميا ومعاناته المعيشية . ويعزوا مراقبون ذلك الى تصاعد اعمال العنف و الصراع الطائفي في العراق والذي امتد من اعمال التصفية الجسدية والتخريب الى المساس بدور العبادة وانتهاك حرماتها من منظور مذهبي . ويعتبرون ان خطة أمن بغداد، فشلت وأصبحت بحاجة لمن يحميها أو حتي يدعمها، في ظل ازدياد خسائر قوات الاحتلال والقوات العراقية سواء علي المستوي البشري أو المادي. اما على الصعيد السياسي فيرون ان عقد تحالف السلطة اوشك على الانفراط خاصة بعد اعلان "الصدريون" انسحابهم من الحكومة وعودة "فرق الموت " والميليشيات من جديد لأعمال العنف بعد أن توارت قليلا. في المقابل هناك من يرى ان المؤتمر يمثل فرصة فاعلة قد تحقق نوع من المكاسب تعود على العراق على الاقل فيما يخص تخفيف اعباءه من الديون واستجلاء جوانب الضعف والقصور اللذين يواجهان عملية الاستقرار فيه. ويتزامن توقيت انعقاد المؤتمر مع انقسام البيت السياسي الاميركي في الموقف والرؤى تجاه الوضع في العراق لم يشهد له مثيل خاصة بين الكونغرس الاميركي ذي الغالبية الديمقراطية والرئيس (الجمهوري) جورج بوش . وكان آخر هذا التباين رفض الحزب الديمقراطي منح بوش المساعدات المالية التي طلبها والتي تقدر بنحو 100 مليار دولار لتغطية نفقات الحرب هذا العام واشترط لذلك تحديد جدول زمني للانسحاب من العراق. وتصاعدت وتيرة الاحتجاجات والمعارضة ضد الحرب التي قادتها أمريكا علي العراق لتصل إلي داخل أمريكا نفسها علي المستويين الشعبي والرسمي. وطالب العديد من الخبراء والمحللين السياسيين الاميركيين بعزل بوش علي اساس انه السبب في شن هذه الحرب التي اخذت واستنفدت الكثير من الجانب السياسي الامريكي. يدعمهم في ذلك التنامي المستمر للاصوات المعارضة داخل الشارع الاميركي لسياسة بوش العسكرية وعدم قنعاتها بنجاح العملية العسكرية سواء في العراق او افغانستان رغم التغييرات التي اجراها البيت الابيض. كما يعززها الخسائر البشرية والمادية المستمرة في صفوف الجيش الاميركي والتي لم يتمكن صقور الحرب في البيت الابيض حتى الان من الحد منها. ويرى القادة العسكريون الاميركيون ان الوضع في العراق يشتد يوما بعد يوم يصاحبها التعرض لخسائر كبيرة في صفوف الجيش الامريكي ومعداته. واعتبر الجنرال ديفيد بتريوس اكبر قائد عسكري اميركي مكلف بقيادة الحرب في العراق ان جهود الولاياتالمتحدة لاعادة الاستقرار الى العراق قد تصبح اكثر صعوبة وستواجه خسائر بشرية أمريكية وعراقية اكبر حجما. وقال الجنرال الاميركي " اشعر بانه سيكون هناك زيادة في العنف الطائفي وتجدد هذا العنف اذا خفض وجود قواتنا والقوات العراقية في ذلك الوقت." ووصف بتريوس الذي يعمل بالجيش الاميركي منذ اكثر من 30 عاما الوضع في العراق بانه "اكثر الاوضاع التي شهدها طوال حياته تعقيدا وصعوبة". ويعتبر شهر ابريل اكثر الشهور دموية للقوات الاميركية في العراق هذا العام حيث قتل 87 جنديا اميركيا وفقا لموقع متابعة الخسائر البشرية الامريكية على الانترنت. كما قتل اكثر من 3330 جنديا اميركيا وعشرات الالاف من العراقيين منذ غزو العراق عام 2003 ناهيك عن التكاليف الاقتصادية الباهضة التي يتعرض لها الاقتصاد الاميركي منذ ذلك الحين.