أعلن رئيس مجلس الوزراء اللبناني المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري بعد لقاء دام ساعة كاملة مع الرئيس اللبناني العماد ميشال سليمان اعتذاره عن تشكيل الحكومة لأسباب ضمنها في بيان الاعتذار وأبرزها وجود تعطيل ما في مكان ما ومراوحة في طرح شروط تستهدف بشكل أو بآخر إلغاء أو تسخيف نتائج الانتخابات . وقال الرئيس الحريري في بيان الاعتذار " أجريت مع فخامة الرئيس جولة مشاورات أخيرة حول مصير التشكيلة الحكومية وقد تبين لي أن لا نية لدى البعض للتقدم خطوة واحدة إلى الأمام والخروج من حال المراوحة في الشروط التعجيزية ". وأضاف لقد قبلت تكليفي تشكيل الحكومة بعد استشارات نيابية ملزمة وتعهدت أمام اللبنانيين العمل على تأليف حكومة وحدة وطنية تعكس نتائج الانتخابات الأخيرة وتتمثل فيها الاتجاهات السياسية الرئيسية في المجلس النيابي . وقال " عملت على مدى 73 يوما لتحقيق هذا الهدف قناعة مني بأن حكومة الائتلاف الوطني هي حاجة وطنية في هذه المرحلة من تاريخ لبنان وأن التحديات الكثيرة التي تواجه لبنان توجب قيام مثل هذه الحكومة فطوينا قيام حكومة من لون واحد واتفقنا في الأكثرية على مد اليد للتعاون مع الجميع واتفقنا مع فخامة الرئيس على صيغة حسمت من الأكثرية حقها الديمقراطي بثلثي أعضاء مجلس الوزراء ثم حقها بالنصف زائد واحد وأجرينا في ضوء ذلك جولات وجولات من المشاورات كانت تنتهي دائما إلى وجود تعطيل في مكان ما والى المراوحة في طرح شروط تستهدف بشكل أو بآخر إلغاء أو تسخيف نتائج الانتخابات". وأضاف " وبناء عليه والتزاما بمسؤولياتي الدستورية بادرت إلى تقديم تشكيلة حكومية متكاملة أرى فيها صورة واقعية لحكومة الائتلاف الوطني وصيغة عملية لتحريك عجلة العمل بالبلاد وفتح صفحة جديدة من التضامن بين جميع اللبنانيين". واعتبر أن هذه التشكيلة فرصة حقيقية ضاعت في مهب الشروط من جديد ..مبيناً معرفة الجميع أنها لا تلغي أحدا بل هي تلتزم قواعد المشاركة الكاملة دون أن تتحول إلى وسيلة طعن بنتائج الانتخابات حسب قوله. وأضاف انه لما كان من المتعذر صدور هذه التشكيلة للأسباب المعروفة ولما كنت لن أقبل أن تتحول رئاسة الجمهورية أو الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة إلى مجرد صندوق بريد نتسلم من خلالها مراسيم تسمية الوزراء الآتية من الأندية والأروقة السياسية . وقال انه لما كان التزامي تشكيل حكومة وحدة وطنية قد اصطدم بصعوبات باتت معروفة ..أعلن لجميع اللبنانيين أنني تقدمت هذا اليوم من فخامة الرئيس باعتذاري عن عدم تشكيل الحكومة متمنيا أن يصب هذا القرار في مصلحة لبنان وأن يشكل مناسبة لكسر الحلقة المفقودة ولإطلاق عجلة الحوار من جديد ، وإجراء استشارات نيابية تنتهي بإذن الله إلى قيام حكومة جديدة تكون قادرة على قيادة البلاد وتوحيد اللبنانيين حول دولتهم . يذكر أن الحريري عين رئيسا لوزراء لبنان في 27 يونيو الماضي وكلف بتشكيل حكومة جديدة ، بعد فوز تحالف الأغلبية (قوى 14 آذار) بقيادة"تيار المستقبل" ب71 مقعدا ، تمثل أغلبية مطلقة ، من بين مقاعد البرلمان البالغ عددها 128 مقعدا ، بينما حصلت المعارضة بقيادة حزب الله على 57 مقعدا. وبموجب الدستور اللبناني ، وجب على الحريري تشكيل حكومته الجديدة في غضون سبعين يوما بعد توليه منصبه. وكان الحريري قدم التشكيلة الوزارية إلى سليمان الاثنين الماضي .. وبحث سليمان التشكيلة الحكومية التي تقدم بها رئيس الحكومة المكلف مع وفد المعارضة اللبنانية. وكان حسن نصر الله قال مساء الاثنين إن الطريقة التي استخدمها الحريري في تقديم التشكيلة الوزارية إلى رئيس الجمهورية تزيد الأمور تعقيدا ، واصفا خطوة الحريري بالتدبير غير المناسب. وقال نصر الله في حفل إفطار اللجنة النسائية لهيئة دعم المقاومة الإسلامية إن "من حق كل كتلة نيابية أن تسمي الوزراء والحقائب" معتبرا أن الطريقة التي استخدمها الرئيس المكلف "تزيد من تعقيد حل الأزمة". ونقل بيان وزعه حزب الله في وقت متأخر من مساء الاثنين عن نصر الله القول إن المعارضة اللبنانية "ستتصرف مع التدبير الجديد غير المناسب للرئيس المكلف بشأن الحكومة بتضامن كامل". ورغم ذلك ، ذكر النائب اللبناني إبراهيم كنعان ، من تكتل التغيير والإصلاح الذي يتزعمه عون ، أن "الخطوة التي أقدم عليها الرئيس المكلف تناقض منطوق المادة 53 فقرة 4 من الدستور ، بإعداده منفرداً تركيبة حكومية وتقديمها إلى رئيس الجمهورية خلافاً لما ينص عليه الدستور لجهة أن يتم التأليف بالتوافق بين الرئيس والرئيس المكلف". واعتبر كنعان ذلك "سابقة تنتقص من صلاحيات الرئاسة الأولى وتجاوزاً للأعراف والأصول التي ترعى عملية تأليف الحكومات في لبنان". ومن جانبه ، قال وزير العمل في حكومة تصريف الأعمال محمد فنيش الذي ينتمي إلى حزب الله أن الحريري يتزعم الأغلبية الحاكمة في البلاد التي تتمتع بحق ترشيح رئيس الوزراء ، ومن ثم بات من الواضح أنه سيتم ترشيح الحريري مرة أخرى ، مما يمنحه فرصة جديدة لإجراء جولة أخرى من المفاوضات. يذكر أنه في عام 2006 ، شهدت لبنان أزمة سياسية مماثلة بعد استقالة كافة وزراء المعارضة، من الحكومة.