تتضائل فرص التوصل إلي اتفاق سلام بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي مع كل عدوان تمارسة سلطات الاحتلال الإسرائيلي يوميا من استيطان وتهويد متواصل ضد الشعب الفلسطيني وهو ما يزيد من تعقيد الموقف. فبالرغم من استمرار جولات المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية التي تجري تحت رعاية وزير الخارجية الأمريكية جون كيري إلا أن الإجراءات الاحتلالية بحق المواطنين الفلسطينيين وتصاعد هجمة المستوطنين في الضفة والقدس تبدد الآمال بأي جهود مبذولة لتحقيق السلام للتوصل إلى تسوية عادلة وشاملة ودائمة، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، في إطار حل الدولتين. منظمة التحرير الفلسطينية أكدت من أن فرص نجاح المفاوضات مع إسرائيل "معدومة" وأنها إذا استمرت بهذا الشكل "ستؤدي إلى كارثة سياسية". وقال أمين سر المنظمة ياسر عبدربه إن "الكل يعرف أن احتمال نجاح المفاوضات بالطريقة التي تجري فيها وبالأسلوب الذي تجري فيه ضئيلة جد،ا بل إنها معدومة بسبب ما نشهده من ممارسات احتلالية على الأرض وفي مجال المفاوضات والمجال السياسي". وأشار في حديث صحفي نشر اليوم إلى أن "العملية التفاوضية ستنتهي إلى كارثة سياسية في ظل استمرار سياسة إسرائيل الحالية". وكان وزير الخارجية الأميركي جون كيري قد أجرى مساء الأحد بلندن محادثات مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس وطلب منه "تكثيف" المفاوضات المباشرة مع إسرائيل التي استؤنفت هذا الصيف. ورأى عبد ربه أن الطرفين الأميركي والإسرائيلي "هما الوحيدان المستفيدان من هذه المفاوضات" مشيرا إلى أن الولاياتالمتحدة تريد إعطاء انطباع في ظل الأوضاع الراهنة بالمنطقة بأن هناك عملية سياسية تجري. وأضاف أن إسرائيل تريد أن تستمر المفاوضات بهذه الطريقة في ظل صمت دولي وعربي وفلسطيني عن ممارساتها على الأرض. وتابع أن "إسرائيل تقوم بانتهاكات على أوسع نطاق: بناء استيطاني ومصادرة أراض وانتهاك يومي للمسجد الأقصى، وتعطي ضوءا أخضر لعصابات المستوطنين وتشجعهم وتدعمهم لخلق واقع جديد في الأقصى على غرار ما تم في الحرم الإبراهيمي في الخليل". وشدد على أن "الوضع لا يشير إلى أي تقدم في المفاوضات لكن التقدم الوحيد في مجال التوسع الاستيطاني، مشيرا إلى أن إسرائيل تحاول استغلال المفاوضات للتأثير على مواقف دولية وعربية خاصة تجميد قرار الاتحاد الاوروبي بمقاطعة منتوجات المستوطنات". وكان كيري دعا الأحد الاتحاد الأوروبي إلى وقف العمل بالتعليمات الجديدة التي أصدرها في يوليو والتي تستثني المستوطنات في الأراضي المحتلة من تعاونه مع إسرائيل. وفي هذا السياق، أعرب عبد ربه عن "استغرابه" لموقف كيري، مشيرا إلى أن الاتحاد الأوروبي "يتعرض لضغوط أميركية وإسرائيل للتراجع عن قراره". واتهم حكومة نتنياهو بأنها تقوم "بحملة تضليل وكذب وخداع على العالم بأنه يوجد مفاوضات، لكن بالحقيقة ما يجري هو استمرار الاستيطان والانتهاكات في ظل عدم وجود مفاوضات جدية". من جهته، حذر كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات من أنه لا يمكن الاستمرار بالمفاوضات في ظل الاستيطان. وقال في وثيقة رسمية أعدتها دائرة شؤون المفاوضات بمنظمة التحرير الفلسطينية إن الحكومة الإسرائيلية تحاول من خلال الإعلانات الاستيطانية منع الفلسطينيين من الوصول إلى مائدة المفاوضات، وإنها قد تنجح في ذلك. وأضاف أن الجانب الفلسطيني أوضح هذا الموقف للولايات المتحدة وروسيا والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والدول العربية وباقي دول العالم. واستأنف الجانبان الفلسطيني والإسرائيلي أواخر يوليو الماضي الجولة الأولى من مفاوضات السلام، برعاية أمريكية في واشنطن، وذلك بعد انقطاع دام ثلاثة أعوام. وتجرى الجلسات التفاوضية بين الجانبين، وسط أجواء من السرية التامة، ودون الإعلان عن أي نتائج تذكر، وهو ما ترغب فيه الإدارة الأمريكية (الراعية للمفاوضات) وتفضل عدم الحديث عن أي توضيحات في هذا السياق، كما جاء في بيانات سابقة للخارجية الأمريكية. غير أن تلك المفاوضات تخللها منذ انطلاقها، إعلان إسرائيلي متواصل عن طرح عطاءات بناء في مستوطنات الضفة الغربية والقدس الشرقية، إضافة إلى حملة من الدهم والاعتقالات في أرجاء مختلفة من الضفة الغربية، وهو ما يراه مراقبون فلسطينيون بمثابة "ضربة" للجهود الرامية لدفع عملية السلام، ودليل على أن إسرائيل لا تريد أي نجاح لهذه المفاوضات.