تعتزم الدول الغربية فرض المزيد من العقوبات ضد روسيا الأسبوع القادم على الأرجح، بسبب الأزمة الأوكرانية وتداعياتها، ومزاعم عن دعم موسكو المباشر أو غير المباشر للمسلحين في شرق أوكرانيا. وفي هذا الإطار صادقت لجنة الدول ال28 في الاتحاد الأوروبي على اقتراح المفوضية الأوروبية وهيئة الشؤون الخارجية الأوروبية توسيع "القائمة السوداء" للأفراد والشركات في روسياوأوكرانيا. ونقلت وكالة "ايتار-تاس" الروسية عن مصدر دبلوماسي في بروكسل الخميس قوله إن "القائمة ضمت 15 شخصا و18 شركة، رجّح المكتب الصحفي التابع للجنة الأوروبية نشر أسمائهم الجمعة". وكان الاتحاد الأوروبي قد قرر في 16 يوليو الجاري توسيع المعايير لضم شركات روسية إلى "القائمة السوداء" خلال قمة الاتحاد. وتشمل اللائحة في الوقت الراهن 72 شخصاً، بينهم سياسيين ومسؤولين روس، بالإضافة الى زعماء المسلحين في دونيتسك ولوغانسك شرق اوكرانيا، والذين باتوا ممنوعين من دخول أوروبا حتى شهر نوفمبر، مع تجميد أصولهم المصرفية . كما تضمنت اللائحة شركتين في القرم اعتبر الاتحاد الأوروبي أنهما مصادرتين بطريقة غير قانونية. من جهته أعلن السفير الروسي في لندن ألكسندر ياكوفينكو أن موسكو معنية بإقامة علاقات متبادلة النفع مع أوروبا، لكنها لن تقبل لغة العقوبات. وقال ياكوفينكو في مؤتمر صحفي الخميس إن "العقوبات غير قانونية وغير مبررة وغير بناءة، ونحن لن نقبل بهذه العقوبات". وأكد أن هذه العقوبات ستنعكس سلبا على قطاع الأعمال وستضعف العلاقات الاقتصادية بين الدول، وستلحق بالشركات البريطانية خسائر كبيرة. ولفت إلى أن "هناك حوالي 600 شركة تعمل في روسيا، بما فيها BP (بريتيش بيتروليوم). وفي بروكسل ذكرت المفوضية الأوروبية الخميس إن عقوبات الاتحاد الأوروبي المقترحة على قطاعات من الاقتصاد الروسي لن يتم إقرارها قبل الأسبوع القادم. ويبحث سفراء الاتحاد الخميس مقترحات المفوضية لتقييد وصول روسيا إلى القطاع المالي وتكنولوجيا الدفاع والطاقة. وقال جوناثان تود المتحدث باسم المفوضية للصحفيين "من المقرر استمرار تلك المناقشات الأسبوع القادم. حالما تقرر الدول الأعضاء كيف تريد المضي قدما وما تريد عمله تحديدا .. فستقدم المفوضية في تلك المرحلة المقترحات التشريعية." واضاف "سيتعين عندئذ أن تقر الدول الأعضاء تلك المقترحات التشريعية من خلال الإجراءات الملائمة .. وفي الظروف العادية سيتم ذلك الأسبوع القادم. من جهتها أعلنت كييف أنها ستفرض عقوبات على أفراد وشركات في روسيا دعمت بشكل مباشر او غير مباشر من وصفتهم الحكومة الأوكرانية بال "ارهابيين" الذين يقاتلون قواتها في شرق البلاد. وقال رئيس الوزراء الاوكراني ارسيني ياتسينيوك الاربعاء خلال اجتماع لحكومته انه شكل لجنة خاصة تعد الاجراءات العقابية. واوضح "أصدرت توجيهاتي للجنة بأن تطرح على عناية الحكومة قائمة بالعقوبات التي ستفرض على مواطنين روس وكيانات قانونية تدعم وتمول الارهاب في أوكرانيا وذلك خلال عشرة ايام". واتهم الرئيس الأمريكي باراك أوباما روسيا بتمويل المقاتلين في شرق اوكرانيا .. مشيراً الى إن ما وصفها بال "تحديات في الخارج" تثير قلق الأمريكيين في الداخل. وجاءت تصريحات أوباما خلال حفل لجمع التبرعات للديمقراطيين في مدينة سياتل يوم الثلاثاء الماضي. وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أعتبر الأسبوع الماضي أن العقوبات التي تفرضها واشنطن ضد روسيا تتعارض والمصالح القومية الأميركية .. مشيراً إلى أن واشنطن تدفع باتجاه تصعيد النزاع الأوكراني. وقالت وسائل إعلام روسية إن تصريح بوتين جاء تعليقا على العقوبات الجديدة التي فرضتها الإدارة الأميركية بحق عدد من الشخصيات السياسية الروسية والبنوك والمؤسسات العاملة في قطاعي الطاقة والدفاع الروسيين. وفرض الرئيس الأمريكي باراك أوباما أشد العقوبات على روسيا حتى الآن واستهداف الشركات المقربة من الرئيس بوتين بسبب ما تقول واشنطن إنه تقاعس من موسكو عن كبح جماح العنف في أوكرانيا. وبفرض عقوبات على شركة روسنفت أكبر شركة روسية منتجة للنفط وشركة نوفاتك ثاني أكبر شركات روسيا لانتاج الغاز وبنك جازبروم ثالث أكبر بنوكها، استهدفت واشنطن حلفاء بوتين الذين أصبح كثيرون منهم أثرياء في عهده. ولم تجمد العقوبات أصول الشركات الكبرى ولم توقف القروض قصيرة الأجل التي تحتاجها لعملياتها اليومية كما لم تمنع الشركات الأمريكية من التعامل معها. وتعني الاجراءات أن واشنطن خطت خطوات أبعد من حلفائها الأوروبيين لمعاقبة روسيا. ويبلغ حجم التبادل التجاري بين كل دول الاتحاد الأوروبي وبين روسيا عشرة أمثال التبادل التجاري بين واشنطنوموسكو كما يعتمد الاتحاد على موسكو في الحصول على الغاز الطبيعي. وكان الاتحاد الأوروبي أيضا قد ذكر انه سيفرض عقوبات جديدة وأنه يعكف حاليا على وضع قائمة بالأهداف ستصدر بحلول نهاية الشهر الجاري، وستوقف أوروبا القروض الجديدة لروسيا عبر بنكين للتنمية. وقالت موسكو إن الاتحاد الأوروبي "خضع لابتزاز الإدارة الأمريكية" بالسير على خطى واشنطن في فرض عقوبات. وتظهر العقوبات استعدادا جديدا من الدول الغربية للتحرك بشأن الأزمة التي تصاعدت في الأسابيع الأخيرة. ولقي مئات الاشخاص حتفهم في القتال بين القوات الأوكرانية والمسلحين في شرق اوكرانيا والذين أعلنوا "جمهوريات شعبية" مستقلة . وتنفي موسكو دعمها للمسلحين في شرق اوكرانيا وزعمائهم، في الوقت الذي تقول كييف إنهم يسمحون بدخول الأسلحة الثقيلة عبر الحدود، وإن روسيا أسقطت إحدى طائراتها خلال الفترة الماضية . وبدا بوتين والذي ضم شبه جزيرة القرم الأوكرانية للاراضي الروسية في مارس الماضي، حريصاً في الأسابيع الأخيرة على تقليل حدة أسوأ مواجهة مع الغرب منذ الحرب الباردة، فسحب عشرات الالاف من الجنود من الحدود مع أوكرانيا. لكن في الأيام الأخيرة تقول واشنطنوبروكسل انه أرسل نحو 12 الف جندي إلى الحدود وأبقى الحدود مفتوحة لدخول المقاتلين المتمردين والأسلحة. وقال أوباما الذي حذر من مزيد من العقوبات إذا لم تتخذ روسيا إجراءات ملموسة لتخفيف حدة الصراع إن بوتين فشل حتى الآن في اتخاذ التحركات الضرورية لحل الأزمة بشكل سلمي. وقال "شددنا على أننا نفضل حل هذه المسألة بالطرق الدبلوماسية لكن علينا أن نرى تحركات ملموسة وليس أقوالا فحسب من روسيا بأنها ملتزمة بالفعل بمحاولة انهاء هذا الصراع على الحدود الروسية الأوكرانية.