تتصدر الأزمة الأوكرانية وقضايا أخرى ملحة أعمال المجلس الوزاري لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا التي تنطلق اليوم بمدينة بازل شمال شرق سويسرا في دورته ال21 بحضور 50 وزير خارجية من الدول الاعضاء و70 وفدا من الدول ذات صفة المراقب. ودعت سويسرا الى هذا المؤتمر على أراضيها بحكم أنها الدولة التي ترأست المنظمة هذا العام وسيقوم وزير الخارجية السويسري ديدييه بوركهالتر بافتتاح أعماله حسبما أفادت سكرتارية المؤتمر في بيان . وبحسب جدول أعمال المؤتمر فإن أزمة أوكرانيا والتحديات المشتركة داخل وخارج منطقة منظمة الأمن والتعاون ستكون على رأس اهتمامات مؤتمر هذا العام فضلا عن تسليم رئاسة المنظمة عن العام 2015 الى صربيا. كما حددت سويسرا أولويات المنظمة الإقليمية في البلقان ومناطق القوقاز، وبالتحديد في جورجيا وأرمينيا/ آذريبدجان، فضلا عن الإصلاحات الواجب إدخالها على آليات عمل هذه المنظمة. وشهدت بعض هذه الأولويات - وليس كلها - نكسة بسبب الأزمة المستمرة في أوكرانيا، وضمّ روسيا لشبه جزيرة القرم، والنزاع القائم مع المسلحين في شرق البلاد. ويقول خبراء"إن سويسرا لا تزال تحاول وضع القضايا الساخنة على الأجندة الدولية بوصفها الرئيسة الحالية لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا، وهي تعد هذا الأمر بعناية فائقة وبتدبير محكم". ومن القضايا المهمّة والملحة للغاية وذات لصة بالواقع الحالي التي تم اختيارها على الأجندة ،التهديدات التي تمثلها عودة المقاتلين الغربيين إلى بلدانهم، ومسألة الاختطاف للحصول على فدية، ومكافحة التعذيب، وإدارة الإغاثة في حالة حدوث كوارث. وفي سياق متصل قال مسؤولون أمس الأربعاء إن وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف سيلتقي بنظيره الأمريكي جون كيري في مدينة بازل السويسرية اليوم الخميس اثناء حضورهما لاجتماع وزراء خارجية دول منظمة الأمن والتعاون في أوروبا. وقال مسؤول كبير بوزارة الخارجية الأمريكية "الوزير كيري سيجتمع مع وزير الخارجية الروسي لافروف في بازل لبحث عدد من الموضوعات ذات الاهتمام المشترك ومنها القضايا المتعلقة بالشرق الأوسط." وأكد مصدر دبلوماسي روسي أن من المزمع عقد الاجتماع. وسيزور لافروف بازل لحضور اجتماع وزراء خارجية دول منظمة الأمن والتعاون في أوروبا وهي منظمة أمنية وحقوقية يومي الخميس والجمعة. وتراجعت العلاقات بين موسكو وواشنطن إلى أسوأ حالاتها منذ الحرب الباردة بسبب الأزمة في شرق أوكرانيا ومسائل خلافية أخرى من بينها الصراع في سوريا وكذلك التجارة وقضايا حقوق الإنسان. من جانب آخر أفادت مسودة وثيقة أن زعماء الاتحاد الأوروبي والولاياتالمتحدة سيتعهدون بالعمل معا بشأن العقوبات وتعزيز دور أوروبا وأمن الطاقة في أوكرانيا في إطار سعيهم لتشكيل جبهة موحدة في مواجهة روسيا. وتزعمت الولاياتالمتحدة طوال العام مسعى لفرض عقوبات أكثر صرامة على روسيا فيما اتسمت العديد من الحكومات الأوروبية بالحذر خشية أن تضر الاجراءات الاقتصادية ضد روسيا بها كما تضر بموسكو. ويجري وزير الخارجية الأمريكي جون كيري ووزير الطاقة الأمريكي ايرنست مونيز محادثات مع زعماء الاتحاد الأوروبي في بروكسل. وجاء في مسودة البيان "أجمع المجلس (المحادثات بين الاتحاد الأوروبي والولاياتالمتحدة) على الحاجة إلى تنسيق تطبيق أنظمة العقوبات مع تشديد الاجراءات ضد الانفصاليين بما في ذلك عدم الاعتراف بالضم غير القانوني للقرم." ورحبت المسودة أيضا "بآفاق تصدير الغاز الطبيعي المسال الأمريكي" إلى أوروبا لتنويع الامدادات. وذكرت أيضا أن الاتحاد الأوروبي والولاياتالمتحدة يقفان "كتفا بكتف في دعمهما للحكومة الجديدة في أوكرانيا وأكدا على ضرورة استمرار الاصلاحات في قطاع الطاقة بأوكرانيا." يذكر ان المجلس الوزاري لمنظمة الامن والتعاون هو مركز صناعة قراره والهيئة الإدارية لجميع اعماله وانشطته. وتستفيد العديد من المنظمات الدولية وحكومات الدول الاعضاء والمراقبة من فرصة انعقاده لاستعراض وتقييم أنشطة المنظمة خلال العام الماضي وتقديم وجهات النظر بشأن المسائل الأمنية ذات الصلة. وانطلقت منظمة الأمن والتعاون في أوروبا في عام 1975 وتتخذ من العاصمة النمساوية فيينا مقرا لها وتضم في عضويتها الآن 56 دولة من روسيا ودول آسيا الوسطى الى دول امريكا الشمالية مرورا بدول القارة الاوروبية لتصبح أكبر منظمة دولية للتعاون الأمني الإقليمي في العالم. وتسعى المنظمة وفق ميثاقها الى تغطية ثلاثة جوانب امنية هي الامن السياسي والعسكري والانساني من خلال منع نشوب الصراعات وإدارة الأزمات وإعادة التأهيل في مرحلة ما بعد الصراعات. وترعى المنظمة حاليا 19 عملية ميدانية في مناطق جنوب شرق أوروبا والقوقاز وآسيا الوسطى فضلا عن برامج متعددة لمحاربة الاتجار في السلاح والمخدرات ومكافحة الإرهاب والترويج لمبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان وحرية الإعلام وسيادة القانون. يمثل هذا الإجتماع الذي يستمر يوميْن نهاية الفترة الرئاسية السويسرية التي تواصلت طيلة عام 2014 لأكبر منظمة أمنية في العالم. وهذه هي المرة الثانية منذ عام 1996 التي تتولى فيها سويسرا الرئاسة الدورية لمنظمة الامن والتعاون في أوروبا التي أنشأت في عام 1973 كمنصة للحوار بين العالم الغربي والكتلة الشيوعية في فترة الحرب الباردة. في عام 2015، من المنتظر أن تتولى صربيا رئاسة منظمة الأمن والتعاون في أوروبا إلى جانب كل من سويسرا وألمانيا، الرئيسيْن المشاركيْن.