اختتمت الليلة الماضية أعمال الدورة العادية ال143 لمجلس وزراء الخارجية العرب التي عقدت بمقر الجامعة العربية بالقاهرة برئاسة وزير الخارجية وشؤون المغتربين الأردني ناصر جودة . وجدد الوزراء في بيانهم الختامي التأكيد على أن السلام العادل والشامل هو الخيار الاستراتيجي وأنه لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال الانسحاب الإسرائيلي الكامل من الأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة. ولفت الوزراء إلى استمرار تكليف الوفد الوزاري العربي لإجراء مشاورات مع مجلس الأمن والإدارة الأمريكية وروسيا الاتحادية والصين والاتحاد الأوروبي للتأكيد مجددا على تبني مشروع قرار يؤكد الالتزام العربي بما جاء في مبادرة السلام العربية من أسس ومبادئ ومرجعيات لوضع جدول زمني ينهي الاحتلال الإسرائيلي لدولة فلسطين وآلية رقابة تضمن التنفيذ الدقيق وذلك لتحقيق السلام الدائم والعادل في المنطقة. وأكد البيان الختامي دعم توجه القيادة الفلسطينية إلى المحكمة الجنائية الدولية، لمحاكمة قادة الاحتلال الإسرائيلي بتهمة ارتكاب جرائم ضد أبناء الشعب الفلسطيني خلال فترة الاحتلال، وكذلك للأنشطة الاستيطانية المستمرة في الأراضي الفلسطينيةالمحتلة وتهويد القدس في مخالفة صارخة للقانون الدولي والإنساني وكافة المواثيق والأعراف الدولية. وطالب الوزراء في قرارهم الصادر في ختام أعمال الدورة (143) لمجلس الجامعة العربية، المجتمع الدولي بالتحرك الفوري والعاجل لإجبار حكومة الاحتلال الإسرائيلي على وقف جميع أنشطتها الاستيطانية في الأراضي الفلسطينيةالمحتلة وبخاصة في مدنية القدس الشرقية المحتلة، وإزالة المستوطنات من تلك الأراضي المحتلة. وأدان الوزراء الأعمال التي تقوم بها سلطات الاحتلال الإسرائيلي من هدم لمنازل المواطنين الفلسطينيين وترحيل العديد منهم ضمن عملية تطهير عرقي وتفريغ الأراضي من سكانها، مما يعد انتهاكاً صارخاً لمبادئ حقوق الإنسان العالمية. ودعوا الدول الأطراف الموقعة على اتفاقية جنيف الرابعة للتحرك العاجل لتوفير الحماية الدولية لسكان الأراضي الفلسطينيةالمحتلة، وضمان احترام قوات الاحتلال الإسرائيلي لاتفاقية جنيف الرابعة في كل الأحوال كجزء من واجبها القانوني والأخلاقي تجاه السكان وممتلكاتهم في الأراضي الفلسطينيةالمحتلة. وطالب وزراء الخارجية العرب المجتمع الدولي والأممالمتحدة بالعمل على الرفع الفوري لكافة أشكال الحصار الإسرائيلي الجائر وغير القانوني على قطاع غزة، داعين الاتحاد الأوروبي إلى مقاطعة منتجات المستوطنات. وأكدوا ضرورة استمرار المسؤولية الثابتة للأمم المتحدة نحو قضية فلسطين حتى يتم ايجاد حل عادل وشامل لكل جوانبها، واستمرار وكالة الأممالمتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا) في تأدية مهامها تجاه الشعب الفلسطيني في كل أماكن وجودهم بموجب قرار من الجمعية العامة. وعبّر وزراء الخارجية العرب عن شكرهم للدول الأعضاء التي أوفت بالتزاماتها المالية في دعم موازنة دولة فلسطين، ودعوة بقية الدول للإسراع بالوفاء بالتزاماتها المالية لتمكينها من الاضطلاع بمهامها في مواجهة ممارسة سلطات الاحتلال، وتجاوز الأزمة المالية الطاحنة التي تواجهها، وتعزيز التضامن العربي من الشعب الفلسطيني، مشيدين بدور المملكة العربية السعودية بتقديم دعم مالي إضافي لموازنة دولة فلسطين. وجدد المجلس في بيانه الختامي التأكيد المطلق على سيادة دولة الإمارات العربية المتحدة الكاملة على جزرها الثلاث طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى، وتأييد كافة الإجراءات والوسائل السلمية التي تتخذها دولة الإمارات لاستعادة سيادتها على جزرها المحتلة. واستنكر المجلس احتلال إيران للجزر العربية الثلاث التابعة لدولة الإمارات ، واستمرار الحكومة الإيرانية في تكريس احتلالها للجزر الثلاث وانتهاك سيادة دولة الإمارات بما يزعزع الأمن والاستقرار في المنطقة ويؤدي إلى تهديد الأمن والسلم الدوليين. وأدان قيام الحكومة الإيرانية ببناء منشآت سكانية لتوطين الإيرانيين في الجزر الإماراتية الثلاث المحتلة ، وافتتاح إيران مكتبين في جزيرة أبو موسى التابعة لدولة الإمارات، مطالباً إيران بإزالة هذه المنشآت غير المشروعة واحترام سيادة دولة الإمارات على أراضيها . ودعا المجلس الحكومة الإيرانية مجدداً لإنهاء احتلالها للجزر الإماراتية الثلاث والكف عن فرض الأمر الواقع بالقوة ، والتوقف عن إقامة أي منشآت فيها بهدف تغيير تركيبتها السكانية والديمغرافية، وإزالة المنشآت كافة التي سبق أن نفذتها إيران من طرف واحد في الجزر العربية الثلاث باعتبار أن تلك الإجراءات والادعاءات باطلة وليس لها أي أثر قانوني ولا تنقص من حق دولة الإمارات الثابت في جزرها الثلاث ، معربا عن أمله بأن تعيد إيران النظر في موقفها الرافض لإيجاد حل سلمي لقضية الجزر المحتلة إما من خلال المفاوضات الجادة والمباشرة أو اللجوء إلى محكمة العدل الدولية . وطالب المجلس في بيانه ، إيران بترجمة ما تعلنه عن رغبتها في تحسين العلاقات مع الدول العربية وفي الحوار وإزالة التوتر إلى خطوات عملية وملموسة قولاً وعملاً بالاستجابة الصادقة للدعوات الجادة والمخلصة الصادرة عن رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، ومن دول مجلس التعاون الخليجي، ومن الدول العربية والمجموعات الدولية الداعية إلى حل النزاع حول الجزر الثلاث المحتلة بالطرق السلمية وفق الأعراف والمواثيق وقواعد القانون الدولي من خلال المفاوضات المباشرة الجادة أو اللجوء إلى محكمة العدل الدولية. وشدد مجلس جامعة الدول العربية على التزام جميع الدول العربية في اتصالاتها مع إيران بإثارة قضية احتلال إيران للجزر الثلاث للتأكيد على ضرورة إنهائه انطلاقاً من أن الجزر الثلاث هي أراضي عربية محتلة ، وإبلاغ الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس مجلس الأمن بأهمية إيفاء القضية ضمن المسائل المعروضة على مجلس الأمن إلى أن تنهي إيران احتلالها للجزر العربية الثلاث، وتسترد دولة الإمارات العربية المتحدة سيادتها الكاملة عليها . وفي الشأن الليبي ، جدد المجلس في بيانه التأكد على ضرورة الالتزام باحترام وحدة وسيادة ليبيا وسلامة أراضيها، وعدم التدخل في شؤونها الداخلية ، والحفاظ على استقلالها السياسي ، والالتزام بالحوار الشامل بين القوى السياسية التي تنبذ العنف والتطرف، ودعم العملية السياسية تحت رعاية مبعوث الأممالمتحدة إلى ليبيا. وشدد على أهمية تقديم الدعم الكامل بما فيه الدعم السياسي والمادي للحكومة الشرعية وتوفير المساعدات اللازمة لها لصون وحماية سيادة ليبيا بما في ذلك الجيش الوطني حتى يستطيع مواصلة مهمته الرامية إلى القضاء على الإرهاب وبسط الأمن في ربوع البلاد . وطالب مجلس الجامعة العربية من مجلس الأمن سرعة رفع الحظر عن واردات السلاح إلى الحكومة الليبية باعتبارها الجهة الشرعية ليتسنى لها فرض الأمن ومواجهة الإرهاب في ليبيا مما يسمح بتسليح الجيش الوطني الليبي ، داعياً المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته في منع تدفق السلاح والعتاد بحراً وجواً إلى التنظيمات والجماعات الإرهابية التي تواصل العبث بمقدرات الشعب الليبي وحصد الأرواح . وأكد على أهمية عدم التعامل مع أي جهة خارج الشرعية ، داعياً الدول الأعضاء إلى اعتماد رؤساء البعثات الدبلوماسية المكلفين من الشرعية المعترف بها دون غيرها ، معربا عن القلق البالغ إزاء استمرار المواجهات المسلحة على ضوء اتساع أنشطة الميليشيات خارج إطار سلطة الدولة الليبية ، مجدداً الدعوة لدعم الحكومة الليبية في جهودها لتأمين وضبط الحدود مع دول الجوار، وذلك لوقف تدفق الجماعات الإرهابية وعصابات تجارة السلاح والمخدرات والهجرة غير الشرعية. وفي الشأن العراقي، أدان مجلس وزراء الخارجية العرب تدمير التراث الديني والثقافي في العراق على يد التنظيمات الإرهابية، وخاصة التدمير المتعمد للآثار الدينية والثقافية وإحراق الآلاف من الكتب والمخطوطات النادرة، داعياً الدول إلى عدم التعامل بالآثار المنهوبة وإعادتها للعراق. وأكد المجلس في قراره الصادر، دعم العراق في حربه ضد تنظيم "داعش" الإرهابي، وإدانته الجرائم والهجمات الإرهابية التي يرتكبها هذا التنظيم بصورة صريحة مع التأكيد على الالتزام بمضمون قرارات مجلس الأمن ذات الصلة بمحاربة الإرهاب. وطالب المجلس بتقديم الدعم والمساندة للعراق لإغاثة النازحين داخلياً الذين تركوا منازلهم ومصالحهم نتيجة سيطرة تنظيم "داعش" الإرهابي على مناطقهم بالإضافة إلى اللاجئين السوريين، لافتاً الانتباه إلى أن العراق يحتضن ما يزيد عن 260 ألف لاجئ سوري وهو ما فرض على العراق أعباء مالية كبيرة لتوفير مساعدات إلى النازحين العراقيين واللاجئين السوريين في ذات الوقت. ودعا مجلس وزراء الخارجية العرب إلى تفعيل مجلس الدفاع العربي المشترك للجامعة العربية بالشكل الذي يأخذ بنظر الاعتبار الأخطار المحدقة بجميع الدول العربية والتي تهدد الأمن القومي العربي. وأكد مجلس وزراء الخارجية العرب أيضا، تجريم استخدام منشآت الري في الحروب وأعمال الإرهاب، والمحافظة على سلامة السدود ومنشآت الري الرئيسية من أعمال الإرهاب، وإدارة الموارد المائية لخدمة الأغراض الإنسانية والتنمية المستدامة. وحول الحفاظ على الموارد المائية في الوطن العربي، أشار المجلس إلى أهمية دعم حقوق العراق المائية من خلال اتخاذ مواقف مشتركة لمواجهة سياسات دول الجوار (تركياوإيران) في استغلال مياه الأنهار المشتركة دون مراعاة لحقوق العراق. وشدد مجلس وزراء الخارجية العرب على ضرورة عدم المساهمة في التمويل والاستثمار في مشاريع الري والسدود ضمن أحواض الأنهار المشتركة مع دول جوار العراق ما لم يتم التوصل إلى اتفاق يحدد حصة كل دولة من المياه.