2002م . ويعد اتحاد "فانا" من التجمعات العربية القلائل، التي تنتظم في لقاءاتها وحواراتها الدورية منذ مؤتمره الثاني الذي عقد في إبريل عام 1974 في العاصمة العراقية بغداد، لكن التحديات التي تواجهه، لازالت هي الأخرى هم عربي مشترك ، ويتطلب الحلول والمعالجات التي تخرج بالوكالات العربية من دائرة التأثر إلى ساحة التأثير . ومع أن وكالات الأنباء العربية ظلت ضمن وكالات كثيرة في الدول النامية مجرد حلقة وصل بين وكالات الأنباء العالمية والشعوب النامية، إلا أن تقارير حديثة تشير إلى نجاحات حققتها الوكالات العربية على صعيد نقل التكنولوجيا وتحديث شكل ومضمون رسالتها الإخبارية الموجهة . وترى بعض الدراسات الإعلامية أن الخلافات العربية - العربية تستنفذ الكثير من جهد وطاقة ومال وسائل الإعلام العربية ، وتسييس رسالتها لمواجهة انتقال هذه الخلافات من القيادات إلى الشعوب ، فيما ينظر إلى أن الوكالات بدت أكثر حيادية ، أو على الأقل "لم تكن مجبرة على خوض معارك من هذا النوع". وأخذت فعاليات دولية على مدى سبع سنوات ماضية تؤكد ضرورة منح الوكالات العربية مزيدا من الاستقلالية، "بدلا من التخبط بين اتخاذ الموقف وليس نقل الحقائق .. وبين أن تكون مع أو ضد " وهي من ناحية أخرى تؤكد على تهيئة الظروف التي تمكن هذه الوكالات من التطور والمشاركة الفعالة في تحقيق الديمقراطية والتنمية في المنطقة العربية . وتعتبر وكالة الأنباء اليمنية (سبأ) عضو في اتحاد وكالات الأنباء العربية "فانا" إلى جانب 17 وكالة أنباء أخرى تمثل كل من قطر ، لبنان ، سوريا ، السعودية ، الإمارات ، الكويت، البحرين ، مصر ، السودان ، سلطنة عمان ، الأردن ، فلسطين ، الجزائر ، ليبيا ، تونس وموريتانيا والعراق.. وهناك تزايد ملحوظ في التدفق الإخباري لهذه الوكالات ، لكن تأثير هذا التدفق لا يزال محدودا في الوصول إلى أكثر من 250 مليون نسمة يعيشون في المنطقة العربية . ويعول المراقبون على دورة صنعاء رسم سياسات مستقبلية هادفة إلى تنوير الرأي العام العربي المتوجس من تأثير الإعلام الغربي والتضليل الإعلامي، فضلا عن الحملات الإعلامية الغربية التي استهدفت دولا وأقطارا عربية على خلفية الحرب ضد الإرهاب التي تقودها الولاياتالمتحدة منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر. ويقول دارسون ومتخصصون في حقل الإعلام، إن أزمة الإعلام الإخباري العربي تكمن في صعوبة الحصول على المعلومة وعدم ربط سرعة الخبر بالسبق والركون إلى تداول ونقل المعلومات عن وكالات الأنباء العالمية التي تمرست في تلوينها وإعادة صياغتها للمشاهد والمتلقي العربي وفق ما تقتضيه سياستها الاعلامية. ويعتبر آخرون أن الإعلام الإخباري العربي مازال عاجزا عن كشف قصور سياسي وأزمة سياسية في الوطن العربي ، فبالقدر الذي تناقش فيه الوكالات الإخبارية خللا اجتماعيا تظل التناولات السياسية هي المتاهات المنهكة والقاتلة للخبر كونه لا يكتسب المصداقية ويفقد بعض مقوماته عندما يقترب من هذه الحدود التي يدرجها العديد من قادة الرأي العام ضمن الثلاثية المحرمة في الإعلام العربي، وهي الدين ، السياسة ، والجنس . ويستشهد أكاديميون إعلاميون من جامعتي صنعاء وعدن بأزمة الإعلام العربي خلال التغطية الإعلامية للحرب على العراق ، والتي كشفت غياب استراتيجية محددة للحملات الإعلامية فالقرار السياسي الأمريكي واكبه أداء إعلامي حجب أبعاد مساوئ الحرب عن الرأي العام الأمريكي وقابله عجز إعلامي عربي تماشى مع المد الإعلامي الهائل للإمبراطورية الإعلامية الأمريكية التي عاصرت الحروب الإعلامية والحملات المرافقة لها. يرى الخبير الإعلامي الأمريكي "سمبسون " : ابتداء من الحرب العالمية الثانية صعوداً إلى احتقانات الحرب الباردة وحرب فيتنام وحتى حرب الخليج الثالثة وضع الإعلام الأمريكي مصداقية وطنية حافظت على الأمن القومي والمواطنة الأمريكية ، وهيأت المواطن الأمريكي لتقبل الخبر والخطاب الإعلامي السياسي بعيدا عن مستوى مصداقيته .. في إشارة إلى جانب القصور إن لم يكن التحدي الذي يواجه الإعلام العربي المعتمد على نقل الخبر وتجاهل الرأي العام . ودعت دراسة استراتيجية حديثة صدرت في أبو ظبي ، إلى ضرورة خروج الإعلام الإخباري العربي من دائرة مخاطبة الداخل إلى دائرة الخطاب الخارجي ، وتوظيف كل الإمكانيات والخبرات العربية في هذا المجال في إطار مشروع عربي إعلامي موحد كما تؤكد على أهمية تغيير الواقع العربي وتطويره كأساس لانطلاق الإعلام العربي بقوة وفاعلية إلى كل أرجاء المعمورة ونبذ الخلافات وأسباب الفرقة التي تنعكس بوضوح على الإعلام العربي والعلاقات العربية - العربية. وفيما يتوقع مراقبون أن تخطو وكالات الأنباء العربية من صنعاء خطوات حقيقية، في هذا المنحى، فانهم يؤكدون على أهمية اتجاه الحكومات نحو تنظيم هذا التواصل وجعله أمرا عمليا. ويبدو أن أعضاء المؤتمر يميلون أكثر إلى دراسة تحديات الخطاب الإعلامي في مرحلة ما غزو بعد العراق وأهمية الارتقاء إلى مستوى المسئولية في تنوير الرأي العام العربي،الذي أصبح هدفا إعلاميا غربيا منذ أحداث 11 سبتمبر وطيلة الحرب الأمريكية لمكافحة الإرهاب . ومن المقرر أن تلتقي الوفود في جلسات صباحية ومسائية مكثفة لدراسة مثل هذه الأفكار، إلا انه ينبغي تقديم جدول زمني لإنجاز مهامهم المستقبلية في ظل ظروف دولية لم تعد إعلاميا متميزة بالتسامح .