بقدر ما يحظى به اليمن من تمجيد وإكبار لعظمة وعراقة دوره الحضاري القديم الذي يشكل مصدر فخر لأجياله المتعاقبه بالقدر الذي يأسف فيه المرئ أن يتلاشى هذا الأحساس لدى البعض من أبنائه الذين قادتهم أنانيتهم الذاتيه المفرطة أو السياسية الحزبية الضيقه الى التحلل من الرابطه الوثيقة التي تجمعنا جميعاً بهذا الوطن ومنهم من أستبدت بهم النرجسيه السياسية والحزبية حداً لا يقبل ولا يطاق من خلال محاولة تهميش وإلغاء شريحه واسعه مهمه وفعاله من أبناء الوطن الأم في الخارج . فمتى يعلم هؤلاء أن الأنتماء والولاء للآوطان لا يرتبط بمصلحة أو منفعة أو متاع من متاع الدنيا الفانية بل أن حب الوطن من الأيمان وأن من لا إيمان لهُ لا دين لهُ ومتى يعي هؤلاء أن رابطة الوطن ليست بنوكاً أو رصيداً مالياً في أحد المصارف الداخلية أو الخارجية ولا وظيفة أو جاهاً أو وكاله تجارية أو سلعه نبيع فيها ونشتري بل أن تلك الرابطة هى أسمى الغايات على الأطلاق لكونها العروة الوثقى التي نستمد منها وجودنا وكرامتنا ومعنى الحياة نفسها ومتى يدرك هؤلاء أيضاً أنه ومهما كان الخلاف أو التباين في الرؤى فإن هذا الخلاف لا ينبغي أن يدفع بأي شخص الى التخلي عن وطنه والنيل من هويته فمن لا يعتز بهويته ووطنه لا يمكن أن يكون محل إحترام وتقدير الأخرين . ؟؟؟؟؟؟؟ فالوطن ليس فئه أو قبيلة أو منطقة أو حاكم بعينه نغني له ونهتف بل الوطن هو الأنسان هو الأرض والأهل والأصدقاء والجيران ... هوالأحبة والأعداء هو االفرح والحزن وهو الرخاء والشدة هو الشمس والقمر والنجوم والشواطئ الحالمه هو الروضة والمدرسة والجامعة هو الضحك والبكاء هو القمع والثورة هو الطغاة والأحرار هو الفاسدين والشرفاء ... في أرضه رائحة حليب أمي أمي التي أستمدت عودها من خيراته وعذب مياهه هو الشعر والغناء .... هو صوت الناي في المراعي الخضراء هو صوت الأذان وهلال الصائم وفرحة العيد هو نجاحي وفشلي وهو عافيتي ومرضي فبالأمس .... وعلى قاعة المركز الثقافي اليمني الأمريكي في مدينة ديربورن ألتقى ما يربوا على الثلاثمائة شخص من أبناء الجالية اليمنية في ولاية ميتشغن الأمريكية لأحياء الذكرى العشرون لأعادة تحقيق الوحدة اليمنية حضروا جميعهم ليحتفلوا ويفرحوا .... ولم يبق من بحيرات الحب في زمن الفرح، سوى ذكريات عن الوطن الأم تجترعها نفوس أمتلأت بالعطش وجفت حلوقها على المكبوت من الأحلام والممنوع من الرغبات، تستند عذراواتها على خرائط منتظرة وقد أصابتها العنوسة، وتقلصت طاقتها في مرافيء الليل المنسدل دون نهاية فوق حارات صنعاء العريقة وأسواقها العتيقة . حضروا في ذكرى عيد وحدتهم المجيدة ليحتفلوا ويفرحوا !!!! والخطر لا زال صلاة البلاد التي بصقتهم من جوفها للحياة في الزمن الأغبر هذ الذي لم يبق منهُ ، سوى ضغائن تسترق النظر ، وتسرق الكحل من العيون، والخبز من أفواه الجياع، وترتكب النزوات وتصطاد الخبر، وتعلقه على أغصان العوسج عله ينبت أشواكاً يسمونها" الخيانة حينها ينقلبون على السيوف وتراثها، فيشحذونها لتقطع أعناق العشاق لأوطان تربت على التضحية وترعرع أحرارها على الصمت في زمن العتمة، وكبر أولادها على الخشية من غياب الحرية ووأدها في آبار الاستبداد والفردية .... نعم إنها الذكرى لأعادة تحقيق وحدتنا المجيدة التي جأت وحلت عليهم ولم يبق لفزاعة الرعب في جبل نُقمْ وأخوته في شمسان وعيبان في ذاكرتهم ، سوى فقراء ينتهون بقليل من الضجة وكثير من الوعود، يشيد أصحاب القوافل التي حطت رحالها في جبالنا واستقامت قلاعها وحصونها مع بنادق تخشى أذرعة الجوع أن تغزوها، وتستنفر رعبا من قوافل العطشى أن تأتي على آبارها . عشرون عاماً مضت ..... ولم يبق من حروب الأخوة الأعداء سوى هزيع الليل وعسس النهار ينسربون في جحافل سوداء ويتسربلون بإقلام أسيره أصابع تعزف ألحان لغةٍ أنقرضت وأوراقاً تجف تحت نزق الحروف ورفضها للأنصياع . عشرون عاماً مضت ..... ولم يبق من دفاتر الأخوة سوى نفر من القوم تقرض الكلام وتعض على نصال لا تدمي سوى أولادهم ولا تحفر سوى قبورهم ولا تعشش إلا مع البوم والغربان عشرون عاماً مضت ..... ولم يبق من تراث الأخوة سوى بقايا هشه لتعاليم كانت مقدسه ذات يوم لديهم ... ولم يبق من قدسيتها سوى إسطورة تمر جحافلها على بيوت عامره تزهو حدائقها بالأخضر وتباركها يد الرحمن وشذى الياسمين . عشرون عاماً مضت من الذكرى ..... ولم يبق من جنة الله على الأرض في بلادي (( اليمن السعيدة )) ، سوى غيمات من فضاء ملوث، وذباب يغزو العيون المريضة وأبواب البيوت الواطئة وجحافل من سيارات يلاحقها غبار الغضب، وشمس تشعل حرائقها المجنونة انتقاما للأرض من ساكنيها الصامتين وحماقاتهم - فهل بقي لكم إمكانية لترميم صغائركم وطرد شهواتكم الموروثة في خصوماتكم التافهة أيها الأعداء الحميميون؟ هل بقي في الزمان لكم وقتاً تقرأون فيه تاريخكم، وتتحدثون عن عبثكم في حصد أوسمة الخلاف على ترميم الحقد المتربع في أدمغة تشيخ ولا تعرف الاعتزال، ولا تعترف بهزيمتها أمام عيون أبناء تآكل نموهم في حضرة الطغيان؟ - هل بقي لنا حق في استنفار ما ادخرناه في زمن الغياب من حنين لتفاحة الحرية، و للخروج من فردوسكم المفقود الموؤود، دون أن تجتهدوا في صنع خرائطكم وحسم تناحركم وانتحاراتكم على طرقات هجرها أهلها، وتركوكم تلوكون شعارات كتبكم الصفراء وأخطاءكم البلهاء؟؟؟ هل لنا بعد أن نحسن الظن في وحدتنا وبأجتهادات تخرج عن المألوف، وتعتق الأرواح الجريحة وتُخرج كتباً جديدة يفهمها الصغار ويحفظها الكبار، أتريدوننا أن نتريث بعد؟...أقولها دون وجل منكم ومن الزمن لم يبق لنا من الزمن لحظة إنتظار!!! ولم يبق لقطار الجوع من وقت سوى الإحتضار !!! أنأمل أم نستعد للأنتحار ؟؟؟ -------------------------------------------------------------------------------- موسى مجرد / أمريكا [email protected]