استمرت الاشتباكات بين القوات النظامية السورية ومقاتلين معارضين السبت في مدينة حلب لليوم الثاني على التوالي، وفي بعض احياء دمشق حيث استعادت قوات النظام بعض السيطرة، وذلك غداة قرار لمجلس الامن الدولي مدد شهرا واحدا مهمة المراقبين الدوليين في البلاد. وبعد دمشق التي سجل تصعيد عسكري سريع فيها في الايام الماضية بدات الاشتباكات الجمعة في حلب التي بقيت في منأى لوقت طويل عن الاضطرابات الجارية منذ اكثر من 16 شهرا، ثم ارتفعت فيها حدة الاحتجاجات والتظاهرات ضد النظام قبل اشهر لتتخذ طابعا عسكريا امس. وقال المرصد السوري لحقوق الانسان في بيان ظهر اليوم ان "اشتباكات عنيفة" تدور في حي الصاخور ومنطقة الحيدرية عند اطراف المدينة "وتستخدم القوات النظامية فيها الرشاشة الثقيلة والقذائف"، ما تسبب بسقوط عشرات الجرحى. وكان افاد في وقت سابق عن اشتباكات متواصلة منذ صباح الجمعة في حي صلاح الدين القريب من الوسط. وذكرت لجان التنسيق المحلية ان "هناك نزوحا للاهالي من الحي تخوفا من قصف النظام واقتحام الحي". في هذا الوقت، في دمشق حيث اعلن النظام الجمعة اعادة سيطرته على حي الميدان القريب من وسط المدينة، تبقى السبت حركة سير خفيفة في الشوارع، مع استمرار اجواء التوتر والخوف، بحسب شهود. وافاد المرصد السوري لحقوق الانسان ظهر اليوم عن "سماع اصوات اطلاق رصاص كثيف في حي المزة" في شرق العاصمة المتاخم للاحياء الجنوبية حيث تستمر الاشتباكات. وقال الناشط ابو مهند المزي من حي المزة في اتصال عبر سكايب لوكالة فرانس برس ان "اشتباكات تدور عند اطراف الحي في منطقة البساتين التي تتعرض لقصف من قوات النظام في المتحلق الجنوبي". واشار ابو مهند الى ان "لا وجود لحواجز للامن لنظامي في الحي، بل هناك حواجز للجيش السوري الحر"، مضيفا ان "قسما كبيرا من النساء والاطفال خرجوا من الحي". وتحدث عن "ازمة خبز حقيقية بسبب تزاحم الناس على الافران خوفا من فقدان هذه المادة"، مضيفا "نحصل على الخبز بصعوبة. وباستثناء الافران، المحال التجارية كلها مقفلة". وقال احد سكان مخيم اليرموك في جنوب العاصمة لفرانس برس انه لم يخرج من منزله منذ الاربعاء. واضاف "الخروج يعرضنا للخطر بسبب المسلحين الموالين للنظام المتمركزين على مدخل المخيم والذين يطلقون النار على كل تجمع". ولجأ خلال الايام الاخيرة الى مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين سكان من احياء اخرى في دمشق، وقبلها من احياء في حمص. ويشكو سكانه من نقص في المواد الغذائية. وقالت امرأة في المخيم رافضة الكشف عن اسمها، وهي والدة لطفلين، "يوجد نقص في الخبز والحليب في المخيم". وذكر سكان في العاصمة ان من بقي في دمشق عمد الاربعاء والخميس، بعد اندلاع الاشتباكات، الى شراء المواد الغذائية بكميات كبيرة وتكديسها في المنازل. وسقط السبت في الاشتباكات ورصاص القنص واطلاق النار العشوائي او المجهول المصدر، ثمانية قتلى مدنيين. وكان "الجيش السوري الحر" اعلن الثلاثاء بدء "معركة تحرير دمشق"، وشنت القوات النظامية الجمعة هجوما مضادا، وتمكنت، بحسب المرصد، بالاضافة الى الميدان، من دخول حيي جوبر (شرق) وكفر سوسة (جنوب غرب). وذكر مصدر امني سوري لوكالة فرانس برس ان القوات السورية استعادت ايضا السيطرة على احياء التضامن (في جنوب العاصمة) والقابون وبرزة (شرق). وشهدت هذه الاحياء الجمعة معارك ضارية، وكذلك حي ركن الدين القريب من الوسط. وقتل السبت في اشتباكات وقصف سبعة اشخاص آخرين، مقاتلان في محافظة ادلب (شمال غرب) ومقاتل وثلاثة مدنيين واربعة جنود في درعا (جنوب)، ومدنيان في مدينة الرستن في حمص. وتستمر العمليات العسكرية في مناطق اخرى من البلاد بينها دير الزور (شرق) وحمص (وسط) وادلب (شمال غرب). وتسببت احداث الايام الاخيرة، لا سيما في دمشق بموجة نزوح جديدة من سوريا الى الدول المجاورة، لا سيما الى لبنان حيث تحدثت المفوضية العليا للاجئين عن اعداد ضخمة عبرت الحدود السورية نحو لبنان قد تكون وصلت الى ثلاثين الفا. وقال مدير المرصد السوري لحقوق الانسان رامي عبد الرحمن ان قوات النظام "لم تعد تسيطر عمليا الا على نسبة خمسين الى ستين في المئة من الاراضي السورية". واشار الى ان الجيش الحر سيطر خلال الايام الماضية على مناطق كردية قريبة من مدينة حلب. وزاد التصعيد العسكري من التوتر الذي بلغ اوجه بعد مقتل اربعة مسؤولين سوريين كبار، بينهم صهر الرئيس السوري بشار الاسد، في انفجار في وسط العاصمة الاربعاء. وتم تشييع ثلاثة منهم الجمعة. بينما توفي الرابع وهو مدير مكتب الامن القومي هشام اختيار امس متأثرا بجروحه. وبلغت حصيلة اعمال العنف الجمعة في مناطق مختلفة من سوريا 233 قتيلا هم 153 مدنيا و37 مقاتلا معارضا وجنديا منشقا و43 جنديا نظاميا على الاقل. واعلنت وزارة الخارجية النمساوية السبت ان النمسا ستزيد من 250 الى مليون يورو قيمة مساعدتها الانسانية المخصصة لسوريا، وستسلم الى مكتب الاممالمتحدة لتنسيق الشؤون الانسانية ومنظمات غير حكومية نمسوية. وقرر مجلس الامن الدولي الجمعة تمديد مهمة بعثة المراقبين الدوليين في سوريا "لمرة اخيرة" لمدة ثلاثين يوما، وذلك قبل ساعات من انتهاء هذه المهمة وبعد مواجهة دبلوماسية حامية بين الروس والدول الغربية واستخدام الصين وروسيا حق النقض (الفيتو) على مشروع غربي ينص على التمديد للمراقبين في حال وافقت السلطات على سحب آلياتها الثقيلة من الشارع.