عندما يطرح موضوعهم، أو تعلو شكوى ما يتسببون فيه تكون الاجابة باختصار «دعهم يتعيشون» وكان من البساطة بمكان.. علما أن الترجمة الصحيحة لهذه الاجابة «دعهم يتعيشون» تعني، دعهم يقتلون، دعهم يزيدون من معاناة الناس، دعهم يسهمون وبفاعلية في زيادة نسبة الامراض السرطانية التي بلغت نسبة المصابين بها وفقاً لما تم تسجيله سبعة عشر مليون مصاب. انهم اولئك الذين ينفثون عوادم السيارات في المدن والطرقات.. وقد عبأوا سياراتهم بوقود الديزل وفي مقدمتهم ارباب باصات الاجرة الذين جعلوا من انفسهم علماً من معالم الفوضى المرورية في مدننا. ان الحديث عما تسبب فيه السيارات المتهالكة التي وجدوا في اليمن مقبرة للتخلص منها.. وكذلك السيارات العاملة بالديزل، أو تم تحويلها هنا للعمل بوقود الديزل يحتاج إلى سلسلة اصدارات من الكتب لنشر مخاطرها الصحية، وسلبياتها في ارباك حركة المرور والدوس على انظمتها، ولهذا دعونا نحصر الامر على العاصمة صنعاء. فلا مبالغة في القول ان صنعاء صارت من اكثر المدن في العالم تلوثاً.. ومخاطر بيئية.. وفقاً لدراسة اعدتها الهيئة العامة لحماية البيئة وبرنامج الأممالمتحدة للتنمية البيئية.. تعود أسباب ذلك إلى عوامل منها: تزايد عدد السكان، تزايد عدد السيارات، انخفاض كثافة الاوكسجين بسبب ارتفاع صنعاء عن سطح البحر ووقوعها وسط سلسلة جبلية تمنع تشتت الملوثات، وطبيعة الجبال الجرداء التي تشكل مصدراً للغبار المعزز بكسارات ومناشير الاحجار. أما أم الكبائر بالنسبة لتلوث صنعاء بما يتجاوز معايير معدل التلوث العالمية تكمن في مادة الديزل والسيارات التي تستخدمه.. فإذا ما كان مجموع السيارات المسجلة في مرور الأمانة وصل الى مائتين وخمسين الف فإن ما يزيد على ستة آلاف واربعمائة واربعة عشر سيارة (6414) تعمل بالديزل .. واذا ما اضفنا الدراجات النارية التي لا تقل خطورة عن سيارات الديزل، نكون امام قرابة سبعة آلاف ماسورة متنقلة تنفث الدخان او السموم القاتلة في شوارع العاصمة، متسببة في مخاطر جمة على الصحة البيئية - كما تقول الدراسة.. ابرزها اصابة الجهازين التنفسي والعصبي بالعديد من الامراض اولها السرطان.. اما عندما ننتقل الى لغة الارقام فما علينا الاّ ان نقف بجدية امام المخاطر التي تقرع اجراس الانذار وهاكم بعض الارقام. ما تستهلكه امانة العاصمة صنعاء من الديزل في شهر واحد فقط وصل الى تسعة وعشرين الف طن.. نعم تسعة وعشرون الف طن في الشهر فقط.. اما كمية الانبعاثات الخطرة منه يتقدر بنحو ألف واربعمائة وخمسين طن من الكبريت والفين وتسعمائة طن من ثاني اكسيد الكبريت.. شهرياً. هذا ما تقوله دراسة علمية وعلينا ان نتخيل المخاطر المحدقة بالعاصمة صنعاء ومدى الاضرار التي تلحق بهم من مادة الديزل فقط فما الذي يجبرنا على ذلك او يدفعنا للسكوت عما يحدث. ان تلك السيارات والباصات التي تنفث سمومها في شوارع المدن وتلحق افدح المخاطر في العاصمة.. هي ماتستحق الوصف بالعدو المتنقل في شوارعنا.. اما مبرر تركها تسرح وتمرح بحجة انها لا تعيل أسر وتوفر مصدر رزق للعاملين عليها فليس كافياً او مقنعاً للسكوت عن مخاطرها وعدم اتخاذ الاجراءات الملزمة باصلاحها اواعادتها للعمل بالبترول او الغاز.. علماً ان تلك الباصات ليس جميعها لفقراء او محتاجين بل هناك اعداد كبيرة منها يمتلكها اناس ميسورون او تابعة لجهات .