وحدهم الفاشلون والمصلحيون والمأزومون، هم من يميلون إلى خلط الأوراق وإشاعة ثقافة الاتكالية بين أوساط المجتمع وبما يولد طابع السلبية لدى المواطن ليتخلى عن مسؤولياته وواجباته في التصدي لأية ممارسات خاطئة أو سلوكيات منحرفة تستهدف أمن واستقرار الوطن أو الإضرار بمصالحه العليا، وليس هناك ما هو أسوأ وأخطر من تمدد هذا الشعور السلبي وتكريسه في الواقع الاجتماعي، كونه الذي يحيل الغالبية العظمى من المواطنين إلى مقاعد المتفرجين، متخلين عن أدوارهم في دعم جهود الدولة المنصبة سواء على صعيد مسيرة البناء التنموي أو على نطاق النهوض بالاقتصاد الوطني وتعزيز عوامل الأمن والاستقرار ومكافحة الفقر والبطالة أو فيما يتعلق بمجابهة التحديات العارضة منها والمحتملة واحتواء أية مؤثرات داخلية أو خارجية قد تنعكس بأضرارها على الوطن والمجتمع. والمؤسف حقاً أن هذه الحالة من السلبية هي من تبدو ملامحها طاغية على مواقف الكثير من الفعاليات الوطنية وفي مقدمتها الأحزاب والتنظيمات السياسية والمنظمات الجماهيرية والإبداعية والنقابية وكذا المجالس المحلية والوجاهات والشخصيات الاجتماعية، حيال تلك النتوءات الشيطانية التي أطلت علينا بقرونها عبر عناصر التطرف والإرهاب التي احترفت صناعة الموت والقتل وسفك دماء الأبرياء عن طريق دفع بعض الشباب المغرر بهم وبالذات صغار السن إلى محرقة الانتحار وقضاء نحبهم بتفجير أجسادهم مخدوعين بأن ذلك سيضمن لهم الجنة!. ويلتقي في هذا المسلك الارهابي الضال أيضاً من جنحوا إلى مستنقع جريمة التقطع والاختطاف ودعاة الهدم والتخريب ومثيرو الفتن والفرقة ومخلفات الإمامة والاستعمار الذين وإن تباينت مشاربهم فإن غاياتهم الدنيئة واحدة بل إنهم الذين تجمعهم مائدة اللؤم ونزعة الحقد والكراهية والروح العدائية التي جُبلت على الإجرام والارتزاق والعمالة والتآمر. وما يثير الاستغراب أن نجد الكثير من الفعاليات الوطنية وبرغم أنها لا تجهل ما تضمره تلك الطفيليات الخبيثة من نوايا شريرة ضد الوطن اليمني وأمنه واستقراره ومسيرة بنائه، فقد ظلت على سلبيتها ولا ندري كيف يفهم البعض حقوق وواجبات المواطنة، وكيف تراءى لهم أن مسؤولية التصدي لتلك العناصر الخارجة على النظام والقانون، هي مسؤولية أجهزة الدولة وحدها وأن المواطن ليس شريكاً في تلك المسؤولية. إن هذا الاعتقاد الخاطئ هو من يجب أن يُصحح بسرعة متناهية من خلال استشعار الجميع لحقيقة أن دلالات الولاء الوطني تفرض على كل أبنائه الوقوف صفاً واحداً لحماية أمن وسلامة الوطن وصون مقدراته ومنجزاته ومكاسبه والعمل بصدق وإخلاص على إفشال كل المخططات والدسائس التي تحيكها بعض النفوس المريضة والحاقدة بهدف النيل من هذا الوطن وأمنه واستقراره وإعاقة عجلة تطوره. ولكي نكون أكثر وضوحاً نقول أن هذه هي الساعة بل واللحظة التي يتوجب فيها على كل مواطن شريف يعتز برابطة الانتماء إلى اليمن، أن يسارع بكل شجاعة إلى إعادة النظر في موقفه وتصويب ما يتعين تصويبه إنطلاقاً من الإيمان العميق بأن أمن هذا الوطن هو مسؤولية كل أبنائه دون استثناء، باعتبار أن أي ضرر يصيبه سيلحق الأذى بالجميع. وفي كل ذلك بل ومن قبله ومن بعده، فقد آن الأوان لكي يعلم الجميع أن المواطنة ليست شعاراً نرفعه في المناسبات أو بطاقة هوية أو جواز سفر نبرزه في المطارات، ولكنها انتماء وإيثار وتضحية وصدق وإخلاص تترجمه الأقوال والأفعال، والمبادئ التي ينبض بها العقل والقلب والضمير. وبكل موضوعية فإن من ينتظر فقط من الدولة أن تعمل كل شيء وتتحمل العناء والمصاعب وتتصدى وحدها للإرهابيين القتلة والظلاميين الضالين المتمادين في غيهم وعدوانيتهم وتمردهم، وأن تقف في وجه المخربين ولصوص التقطع والاختطاف والخارجين على النظام والقانون، وكذا المغردين خارج السرب ومن يسيرون عكس التيار من ينتظر أن تقوم الدولة بكل ذلك فيما يكتفي هو بموقف المتفرج لا يمكن أن يكون مواطناً صالحاً أو تنطبق عليه شروط المواطنة بل إنه يصبح بتلك السلبية ابناً عاقاً وجاحداً لوطنه وذلك أبشع أنواع العقوق. ويبقى السؤال المهم والضروري والعاجل: هل حقاً نحن نحب اليمن؟!.. إنه السؤال الذي يضعنا وجهاً لوجه أمام أنفسنا، وأمام الحقيقة التي نتغافل عنها.