النقاشات الواسعة للتعديلات الدستورية المحالة من مجلس النواب الى لجنة مختصة فيه لمناقشتها مع كافة الفعاليات السياسية والاجتماعية والثقافية ومنظمات المجتمع المدني تؤكد أن هذه التعديلات عندما قدمت من بعض اعضاء مجلس النواب لم تكن كما حاول البعض تصويرها وكأنها قد أقرت بشكل نهائي عن قصد - انما هي مشروع للدراسة من قبل لجنة برلمانية متخصصة، وفي نفس الوقت مطروحة للنقاش من نواب الشعب والاحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني وكل الفعاليات الثقافية والفكرية، القانونية والاكاديمية لإثرائها بالاراء والمقترحات التي ستأخذ في الحسبان في صيغتها النهائية التي ستقدم لمجلس النواب لإقرارها، ومن ثم طرحها للإستفتاء من قبل الشعب، واجمالاً اذا ما نظرنا لهذه التعديلات فانها تهدف الى احداث نقلة نوعية في نظامنا السياسي الديمقراطي، سواء من خلال تطور الجانب التشريعي باقرار نظام الغرفتين التشريعيتين أو قرار الانتقال لنظام الحكم المحلي واسع الصلاحيات مع ما يجسده ذلك من توسيع للمشاركة الشعبية بالاضافة الى اعطاء المرأة «44» مقعداً في المجلس ومع ما يعنيه ذلك من تمكين المرأة اليمنية من المشاركة في الحياة السياسية وصناعة القرار على نحو يرتقي نسبياً الى مستوى وجودها الاجتماعي الفاعل السياسي الديمقراطي والاقتصادي التنموي.. كما ان هذه التعديلات تتضمن التحول بالمشاركة الشعبية الواسعة من السلطة المحلية الى الحكم المحلي واسع الصلاحيات الذي سوف يعني ان المجتمعات المحلية ستصبح الأساس في ادارة شؤونها بنفسها، وهذا سيحدث نهوضاً وتطوراً في أوضاعها، ناهيك عن ان هذه التعديلات تضمنت غرفتين يضمها مجلس الامة، وهما مجلس النواب المنتخب بالكامل من الشعب، ومجلس الشورى الذي سيتم انتخاب الجزء الاكبر من اعضائه والبقية سيتم تعيينهم، وهذا سيهدف الى التساوي في التمثيل بين مختلف المحافظات، إلا أن اولئك البعض لم يركزوا إلاًّ على المادة «112» والمرتبطة بانتخاب رئيس الجمهورية مع أنه كان واضحاً ان التعديلات ما زالت قيد النقاش، وبدلاً من المشاركة في المناقشة ذهبوا يؤولون ويفسرون هذه التعديلات حسب اهوائهم وغايتهم التي مراميها تتعارض مع الديمقراطية التعددية، وهاهو المؤتمر الشعبي العام يدحض كل إفتراءاتهم بمقترحاته لتعزيز التوافق الوطني، ومن موقع الحرص على مشاركة جميع الاطراف السياسية في الساحة الوطنية في الاستحقاق الانتخابي النيابي في موعده المحدد 27 ابريل 2011م ومواصلة الحوار.. مقدماً فيما يخص المادة «112» لهم خيارين هما ان تبقى فترة الرئاسة لسبع سنوات ولدورتين، او يتم تعديلها الى خمس سنوات وايضاً لفترتين.. مترجماً بذلك ما جاء -في هذا الخصوص- ببرنامج فخامة الاخ الرئيس الانتخابي، وكذلك أحتوت رسالة المؤتمر الشعبي لأحزاب المشترك فيما يخص القائمة النسبية من بين مقترحاته اضافتها الى مشروع التعديلات الدستورية التي سيتم التسريع بطريقة تنفيذها على أن يتم تطبيقها من الانتخابات بعد القادمة.. أما الحوار الوطني فقد كان حاضراً في هذه المقترحات، وحتى يكون جاداً ومسؤولاً سوف يستمر عبر قادة الاحزاب السياسية وما يتم التوصل اليه يتم طرحه على ممثلي الاحزاب في لجنة الحوار ليأخذ بعد ذلك طريقه إلى المؤسسات الدستورية لإقرارها.. وهذا يعد تنازلاً جديداً من المؤتمر الشعبي العام ليس لأحزاب المشترك، بل للوطن ومن اجل ترسيخ نهجه الديمقراطي التعددي. وهنا نتساءل: هل سيكون المشترك هذه المرة مستشعراً لهذه المسؤولية الوطنية لننتظر منه استجابة عملية ايجابية من خلال اعلان صريح من احزاب المشترك وشركائهم بالقبول بهذه المقترحات والدخول في الاستحقاق الانتخابي النيابي الذي سيجرى في موعده المحدد دستورياً، والانخراط في حوار جاد ومسؤول بعيداً عن تزييف الحقائق أو الاتكاء على الوهم ومواقف متصلبة ومغالطات ما انزل الله بها من سلطان أم أنهم سيغلبون من جديد الطبع على التطبع عبر تخريجات ذرائعية جديدة، ولو كانت هذه المرة ستمضي بهم فعلاً الى الانتحار السياسي بالاصرار على أوهامهم التي اخذتهم الى خيارات حمقاء،وتأخذهم اليوم الى رهانات فجة وخاسرة، وهي كانت وستظل نابعة من قراءة خاطئة وسلبية لمعطيات واقع يمن ال22 من مايو العظيم وشعبه الحضاري العريق والواعي الذي سيواصل مسيرة نمائه وتقدمه وازدهاره متمسكاً بخياراته الوطنية الديمقراطية في بناء دولته الحديثة..مشيداً صروح حاضره، وغد أجياله المشرق.