لا يمكن اعتبار اللقاء التنسيقي الذي يعقده وزراء خارجية دول الخليج واليمن اليوم في أبوظبي لمناقشة التحضيرات النهائية لاجتماع مجموعة «أصدقاء اليمن» في الرياض خبرا اعتياديا إذا ما أخذنا بعين الاعتبار دلالة هذا اللقاء سواء في جانبه السياسي أو بعده الاقتصادي أو تعبيره الاجتماعي أو اثره المعنوي في المرحلة الراهنة، التي تواجه فيها المنطقة عاصفة غير مسبوقة تلقي بظلالها السلبية على أمن واستقرار مجتمعاتها وشعوبها وحاضرها ومستقبلها. وإذا ما استشرفنا كل هذه المحددات، فإننا سنجد أنها تدل على أن اليمن والخليج منظومة واحدة، ليس في الحسابات السياسية أو الاقتصادية فقط، بل أنهما كذلك في حسابات الماضي والحاضر والمسقبل، تراثا وحضارة، وأواصر قربى وصلة دم ورحم، وتشابكا في المصالح والأمن، وشراكة في المصير الواحد. وفي نطاق هذه المعادلة فإن قدرنا في اليمن والخليج أن نكون معا في السراء والضراء والشدة والرخاء، ومن ذلك الظرف الراهن الذي تمر به منطقتنا والذي تبرز تحدياته في هذه العاصفة أو جائحة تسونامي المتمثلة في موجة الفوضى، التي نجد أنه وكلما تشابكت الأيدي في مواجهة رياحها الهائجة أمكن التقليل من تأثيراتها وتداعياتها واحتقاناتها على مجتمعاتنا وشعوبنا وتقليص أضرارها على أوطاننا وكبح جماحها بأقل الخسائر. وفي ظل هذه الجائحة الهوجاء التي لم يظهر منها حتى الآن سوى عناوينها الكبرى وبعض سحاباتها السوداء، فإننا نجدها مناسبة للتأكيد على وقوف اليمن، قيادة وشعباً، إلى جانب الأشقاء في المملكة العربية السعودية ضد كل ما يتهدد أمنها واستقرارها ووحدتها الداخلية ونسيجها الاجتماعي ومكانتها الإسلامية والإقليمية والدولية، لإيماننا في اليمن بأن أمن المملكة جزء لا يتجزأ من أمننا والعكس، وأن ما يمس الأشقاء في المملكة يمسنا.. وقناعتنا أيضاً بأن المملكة التي تشكل قلب العالم الإسلامي تواجه الكثير من المتربصين، ولذلك فإن استقرارها قوة لكل أشقائها وعامل محوري لاستقرار المنطقة بأسرها. وفي الوقت ذاته فإننا في اليمن نؤكد على الموقف نفسه المساند للأشقاء في سلطنة عُمان ومملكة البحرين الشقيقتين والداعم لأمنهما واستقرارهما والرافض لكل ما قد يُلحق الأذى بهذين البلدين الشقيقين أو يتهدد سلامة وتماسك وحدة نسيجهما الاجتماعي أو يمس سيادتهما بأي قدر وتحت أية يافطة كانت. وحيال ما تُنذر به عاصفة الفوضى وتفرضه من تحديات على واقع هذه المنطقة وما تثيره من التباسات في الوعي العربي، فإننا معنيون جميعا في هذه المنطقة، حكومات ومجتمعات بأن نتحلى بحكمة بالغة الأفق، وواعية بكل ما يُراد لنا من وراء هذه الفوضى التي يستحيل أن تكون بناءة أو خلاقة، فالفوضى لا تولد إلاَّ الفوضى والخراب والدمار. وعلينا ألاَّ نجعل بعض الشعارات تخدعنا بعباراتها الفضفاضة أو تقودنا إلى التماهي مع هذه اللعبة الخطرة وبتلك الطريقة التي هي أقرب إلى اللعب بالنار منها إلى أي شيء آخر. ومن الخير لشعوبنا ومجتمعاتنا أن تتلاحم وتتعاضد في مجابهة رياح هذه العاصفة الموجهة التي تستهدف تدمير كل ما بنيناه وإعادتنا عشرات السنين إلى الخلف وتبديد أية فرصة لنا في النهوض والتقدم والنماء والاستقرار .. وحاجتنا اليوم هي إلى التماسك لكسر حِدّة العاصفة وليس الانتظار لما قد تحدثه من خراب في حياتنا فقدرنا أن نكون معاً.