المتتبع لتاريخ الامم والشعوب والدويلات والممالك قديماً وحديثاً تواجهه عدة تكهنات ومواقف غامضة ورؤى تحليلية متعددة واحداث تحتاج الى تأويلات شتى رغم هذا وذاك شاء قدر تلك الشعوب والممالك أن تعيش في سلسلة متلاحقة من البؤس والفقر والمعاناة شاءت أم أبت.. المؤسف المعيب أن الشعوب الأوروبية تنطلق نحو البناء والتعمير وثورة الاتصالات والمعلومات والقفزة التكنولوجية الهائلة النوعية التي تشهدها تلك الدول.. في حين الشعوب العربية تعيش في الدرك الاسفل من سلم الحضارة وحكامها وملوكها يشيدون السجون المظلمة والمعتقلات الشاسعة العالية الشائكة للزج بمعارضيهم فيها بل يلاحقون كل من يقف ضدهم من الفرقاء والخصوم, هذا واقع تلك الممالك التي تدعي احترام حقوق الانسان وآدميته وإنسانيته. يكفي ما يحدث اليوم في تلك الممالك والامارات من تعتيم اعلامي وتكميم للحريات والافواه وتقييد لكل صاحب رأي حر وهذا دليل واضح على بطش وقمع حكام تلك الممالك لشعوبهم الذين يؤسسون اوطاناً لذواتهم ولافراد اسرهم واحفادهم, والسؤال المطروح الذي يفرض نفسه لماذا يرتقي هؤلاء الى ماوراء الفضاء ونحن العرب مازلنا في الدرك الاسفل من الكوكب الارضي..؟! علماً ان الشعوب لا ترتقي ولا تزدهر ولا تتقدم خطوة واحدة الى الامام الا بالارتقاء بالانسان علمياً وحضارياً واقتصادياً واجتماعياً.. أليس كذلك..؟! اما نحن العرب مازلنا منبهرين بتاريخ اسلافنا القدامى ونتفاخر ونتباهى بامجادنا ومآثرهم دون ان نحرك ساكناً على ارض الواقع لو يعلم هؤلاء الحكام والملوك الطغاة البغاة ما اضاعوه من عمر شعوبهم واجيالهم من سنوات عطاء وبذل وابداع وابتكار ذهبت كلها ادراج الرياح لادركوا انهم ما لبثوا الا ساعة. هكذا التاريخ يعيد احداثه ووقائعه رغم اختلاف الازمنة والشخوص والادوار.. رغم هذا وذاك تظل الحقيقة الحاضرة الغائبة دائماً ان لكل ساقطة لاقطة ولكل جائر متجبر نهاية كارثية أليمة.. وصدق الشاعر الفيلسوف ادونيس حينما قال: «... وكيف يتقدم بلد اذا كان كل مواطن فيه شرطياً, أو قاتلاً, او تابعاً وما اكثر الرؤوس التي لا تتوقف عن الكلام على الحرية فيما تستلقي في ظل راية اجنبية...»!!.