في خطابه التاريخي احتفاءً بأسبوع الشهيد تحدث سماحة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي طويلاً حول (وحدة المعركة) بين امتنا العربية والاسلامية واحرار العالم مع قوى الاستكبار والاستعمار وادواتها في منطقتنا ولان المناسبة كانت جليلة وعظيمة فان الخطاب جاء منسجماً معها فقد كان بحق خطاباً تاريخياً , أكان من منطلقه القومي العربي بآفاقه الاسلامية والانسانية او من كونه قد اعاد ماهية الصراع مع الامبريالية والصهيونية والرجعية الى مساره الصحيح. ولان (وحدة المعركة) مصطلح ارتبط في وعي امتنا العربية والاسلامية بمرحلة التحرر والاستقلال قبل نصف قرن وفي مواجهة العدو الصهيوني فيما عرف ب(قومية المعركة) حدث خلالها كثير من الانتصارات وكثير من الانكسارات الا ان وهجها مازال منتصراً في ذلك الوعي الجمعي اما من حيث الموضوع فان (وحدة المعركة) اصبحت قضية مصيرية تتطلبها الضرورة القصوى لامتنا حيث انها معركة شعبية شاملة بامتياز ويعتقد البعض ان السيد القائد يقصد ان المعركة قادمة بينما هو يدرك ويريدنا ان ندرك معه ان المعركة دائمة ومستمرة وانها في مرحلتها الراهنة قد انطلقت منذ انطلقت منذ عقود مع انطلاق حركات المقاومة العربية الاسلامية على امتداد العقدين الاخيرين ناهيك عن تلك الحركات التي ظلت متمسكة بنهجها النضالي المقاوم منذ عدة عقود لكنها جميعاً تفتقد الى (الوحدة).. صحيح انه يوجد تنسيق لكن كل ساحة تقاوم وفق ظروفها والوضع الذي يفرض عليها, اما الآن فالأحرى يستوجب وحدة المواجهة بكل ما تعني الكلمة من معان ودلالات بحيث تنصهر فيها كل الساحات أكانت المقاومة او الداعمة والمساندة وفي المقدمة منها ما يعرف بمحور المقاومة. ومن هنا وجب التوقف امام ابعاد هذه القضية في طورها الجديد (وحدة المعركة) ونوجزها في الآتي:: الإيمان التام بأن (وحدة المعركة) غدت قضية مصيرية ليس لساحات محور المقاومة فحسب وإنما لشعوب امتنا العربية والإسلامية وكل أحرار العالم وهو ما يتطلب حشد كل الطاقات والجهود بسخاء وعطاء يضمن استمرارها ومن ثم انتصارها. إن "وحدة المعركة" فرضتها وحدة "الهجمة الاستعمارية" الامريكية الصهيونية وأدواتها من قوى الرجعية العميلة في بلداننا العربية والإسلامية. إن محور المقاومة هو الإطار التنظيمي المسنودة إليه حمل رسالة هذه المعركة وهو جدير بها وقادر على تنفيذ مبادئها وترجمة أهدافها. وحدة المعركة هي رد اعتبار حقيقي للأمر الالهي والتأصيل القرآني الملزم لنا بمقاتلتهم كافة كما يقاتلوننا كافة, والذي أوجب على كل المجاهدين في سبيله بكل أشكاله أن يقاتلوا صفا كالبنيان المرصوص. دأب الاستعمار بل اشكاله وموجاته – تاريخياً- على الاستعانة بعملائه الذين زرعهم بين ظهرانينا ودعمهم للاستيلاء على حكم عدد من أقطارنا ومن خلالهم تمكن من السيطرة على مقدرات امتنا وخيراتها فحرم شعوبنا من أي تنمية مستقلة في حين وظف تلك المقدرات في خدمة مشروعه ومؤخراً قفز بتلك العلاقة إلى طور جديد وهو أن أوكل إليها شن الحروب على البلدان العربية التي تحررت من الوصاية الخارجية وتناهض الاستعمار ومخططاته الصهيونية كما حصل في العدوان على بلادنا اليمن. حين كشرت "قوى الاستعمار" عن مشروعها التآمري "صفقة القرن" واخرجته إلى العلن كشفت عن أن ادواتها العميلة في المنطقة الوجه الآخر للصهيونية تلك الصفقة التي لا تكتفي بإنهاء القضية الفلسطينية تماماً وإنما بجعل الكيان الصهيوني هو زعيم وقائد وحاكم الوطن العربي كله تحت ذريعة مواجهة الخطر الإيراني المزعوم بهدف ضرب مشروعنا العربي الإسلامي, بل واجتثاث وجودنا الحضاري برمته. لذا كانت "وحدة المعركة" ضرورة وجودية للتصدي لذلك المخطط الإجرامي الآثم وتحطيم قواه وتدمير ادواته باعتبار مواجهته والتصدي له وإنهاءه مسؤولية وطنية وقومية وإسلامية وإنسانية. "وحدة المعركة" التي دعا إليها السيد القائد إنما هي إعادة الحياة لقوى أمتنا العربية والإسلامية الحية المناهضة للاستعمار والصهيونية ولاحرار العالم لتوحيد صفوفهم وتنظيم قدراتهم في محور قادر على المواجهة والصبر والثبات حتى تحقيق النصر. "وحدة المعركة" ليس عسكرياً فحسب وإنما وحدة كل ميادين الحياة في ساحات المحور وفي المقدمة منها وحدة الوعي وعي جماهير محورنا بأن معركتنا مع العدو معركة وجود. وحدة الجبهة الداخلية وهي الأهم والأخطر لأن العدو يمتلك كل وسائل التضليل والتزييف وزرع الفتن عبر الحرب الناعمة التي تستهدف وعي أمتنا, وتمزيق نسيجها الاجتماعي وتعميق الهوة بين أبناء المجتمع وتوسيع الشقة بين أفراد الأسرة الوحدة..إلخ. حيث يتم ضرب الوعي الوطني وتسفيه الماضي والسخرية من القيم والأخلاق والتشكيك بالدين والتاريخ والاستهزاء بالعقول وتثبيط الهمم وغيرها من أساليب الحرب الالكترونية بكل أجيالها وهو ما يستوجب على محورنا المقاوم العمل على تعزيز وتعميق الجبهة الداخلية وصلابتها من خلال كشف كل عمليات التضليل الاعلامي أولاً بأول وإنشاء الجيوش الالكترونية وتطوير وسائل الإعلام والاستفادة من "السوشل ميديا" وتنظيمها وتوعية المجتمع بإيجابياتها وسلبياتها. "وحدة المعركة" عسكرياً وسياسيا واجتماعياً وثقافياً وتعليمياً .. إلخ بتوحيد القرارات المادية والبشرية لتطوير كل هذه المجالات حتى يتحقق المستوى المتساوي بين ابناء شعوبنا بما يضمن لهم القدرة على الإبداع والابتكار عسكريا وتكنولوجياً وعلى الاكتفاء الذاتي اقتصادياً وتحقيق تنمية متوازنة والأهم إحداث نهضة تعليمية شاملة. إن "وحدة المعركة" التي يقصدها سماحة السيد هي معركة النفس الطويل لمحور المقاومة العربية والإسلامية.. * عضو مجلس الشورى