استراتيجية النفس الطويل في صنعاءوتعز ارغم حاميتيهما على الاستسلام لقوى الثورة اليمنية المقاومة للاحتلال العثماني الغزو العثماني هو الفصل التاسع من هذه الدراسة نستعرضه في حلقات لتسليط الضوء على ما كان من تحرك العثمانيين للحيلولة دون بلوغ البرتقاليين الذين ينافسونهم النفوذ هدفهم في السيطرة على اليمن، ومن ثم تحول هدف ذلك الصراع الى تحقيق ما تنطوي عليه نفوسهم من -مثلهم مثل سابقيهم- من أطماع. عرض/ امين ابو حيدر معركة نجد قسيم : ما إن وصلت قوات والي الحبشة عابدين باشا وذلك في أغسطس 1628م حتى تجهز الحسن ابن القاسم الذي كان يحاصر الحامية التركية في تعز لحربها وكانت تلك القوات قد تقدمت بهدف فك الحصار على تعز كخطوة أولى على ضوئها يتم تدارس الموقف فلو هُزم اليمنيون تقدمت القوات إلى صنعاء ولو حدث غير ذلك عادت إلى المخا أو تمركزت بالقرب من تعز . وقد عملت الدعاية العثمانية على بث الرعب في نفوس اليمنيين من خلال نشر الشائعات حول حجم القوات الواصلة إلى السواحل اليمنية إلا أن الثورة استمرت ضد الغزاة وضد أتباعهم ولهذا حققت المقاومة في تلك الفترة انتصارا ساحقاً على الأتراك الذين كانوا يحاولون استعادة المبادرة وحشد قواتهم وإعادة تنظيمها لكسر المقاومة اليمنية إلا أنهم فشلوا في ذلك ،فقد تعرضوا للهزيمة وذلك في منطقة نجد قسيم ،فعندما وصلت قوات عابدين باشا إلى هذه المنطقة تقدمت القبائل اليمنية بقيادة الحسن بن القاسم وكانت في منطقة دمنة خدير إلى نجد قسيم حيث دارت المعركة وذلك في محرم سنة 1038ه سبتمبر 1628م و بحسب المؤرخين فقد كان لهذه المعركة أثر سيء في نفوس العثمانيين باليمن وأضعفت معنوياتهم بشكل كبير فقد شعروا بعدم جدوى الاستمرار في قتال اليمنيين الذين أظهروا استماتة غير مسبوقة في الدفاع عن بلدهم وفي السعي نحو الاستقلال ورفض الاحتلال ولهذا فضل القائد التركي عابدين باشا بعد تلك الهزيمة البقاء في المخا وعدم المغامرة في التوغل والتقدم أو حتى إرسال قوة عسكرية إلى أي منطقة ،أما القوات اليمنية فقد بنت على انتصارها في نجد قسيم تحركاً ميدانياً واسعاً كان هدفه الرئيسي التقدم باتجاه موزع وزبيدوالمخا وتضييق الخناق على قوات عابدين بعد أن عادت إلى تعز وخاضت معركة أخرى مع حاميتها العثمانية وتمكنت من هزيمتها. استسلام حامية صنعاء : أستخدم اليمنيون ما يعرف حالياً بإستراتيجية النفس الطويل وذلك في التعامل مع القوات العثمانية في صنعاء بقيادة حيدر باشا فقد اعتمدت القوات اليمنية على الحصار الخانق والتعامل مع أي تقدم وكذلك شن الغارات ،وفي ذات الوقت تم تحرير معظم المناطق اليمنية ليصبح آخر تواجد للعثمانيين في اليمن يتمثل في صنعاءالمدينة وكذلك في زبيدوالمخا ،وكان حيدر باشا قد تمكن من إطالة أمد الهدنة عبر تجديدها المستمر حتى طال الحصار عليه وعلى قواته وامتد ليبلغ عامين كاملين كانت القوات اليمنية خلاله قد بسطت سيطرتها على معظم المناطق وواجهت كل التعزيزات التي كانت تصل إلى السواحل بكل بسالة وتحدٍ، فلم يجد حيدر باشا أمام ذلك سوى الاستسلام ،فأرسل إلى الحسن ابن القاسم وطلب منه الأمان والسماح له بالمغادرة ،فأذن له ومنحه الأمان وذلك في 24فبراير 1629م وبالفعل غادر حيدر باشا صنعاء على رأس قواته ،وكانت مجاميع من القبائل اليمنية قد عزمت على مهاجمته انتقاما لما حل باليمنيين من قتل ونهب وسلب في فترة ولايته وأثناء الحروب المستمرة بين الطرفين، إلا أن الحسن منع القبائل من اعتراضه احتراماً للعهد والأمان الممنوح له فليس من صفات اليمنيين الغدر وليس من طباعهم أيضا الغدر بعدوهم في مرحلة ضعفه ومن أجل ضمان سلامة حيدر باشا وجنوده أرسل الإمام المؤيد نجله يحيى لمرافقة الوالي العثماني أثناء انسحابه من صنعاء حتى زبيد. استسلام حامية تعز : أدى استسلام حيدر باشا في صنعاء إلى انهيار شبه كامل لبقية الحاميات العثمانية في المناطق الوسطى والجنوبية واندفع الأهالي في تلك المناطق إلى شن العمليات الهجومية على تلك الحاميات وإجبارها على الاستسلام والمغادرة بعد تسليم السلاح والعتاد والأموال وقد حاول الجنود الأتراك الفرار من إب إلى تعز التي كانت حاميتها لا تزال مسيطرة على المدينة وما حولها وعلى قلعة القاهرة إلا أن الحسن ومن معه من القبائل طاردوا الأتراك إلى تعز وفرضوا حصاراً خانقاً على حاميتها حتى أجبروها في 2يونيو 1626م على الاستسلام وبذلك أصبحت أغلب المناطق اليمنية قد تحررت من الأتراك ودخل أمير عدن (وكان أحد شيوخ يافع) بطاعة الإمام وخلال عامين من المعارك والمطاردات والغارات والغزوات سيطرت قوات الإمام على معظم المناطق اليمنية من عسير وجيزان شمالاً حتى عدنجنوباً . الانقلاب على حيدر باشا في زبيد : وصل حيدر باشا وقواته إلى زبيد التي كانت لا تزال تحت سيطرة العثمانيين الذين اتخذوا من المدينة وكذلك من المخا قاعدتين عسكريتين لا يمكن التنازل عنهما بسهولة ،فقد كانتا نقاط احتشاد القوات المنهارة والمهزومة من مختلف المناطق اليمنية وفي ذات الوقت مراكز استقبال القوات القادمة من مصر ومن الباب العالي ومن زبيد تحديداً يستعيد العثمانيون المبادرة كما فعلوا في زمن المطهر بن شرف الدين عندما حشدوا كل قواتهم إلى زبيد ووصلت إليها تعزيزات ضخمة انطلقت فيما بعد لتستعيد السيطرة على معظم المناطق اليمنية ، وعلى ما يبدو أن نفس الخطة أراد العثمانيون تنفيذها ولهذا تحولت زبيد إلى مركز للتجمع والحشد ،فبالرغم من تضييق الخناق عليهم حتى في تهامة والمناطق المحيطة بزبيد إلا أنهم رفضوا التنازل عنها أو الانسحاب منها بل عمدوا إلى تحصينها وطلبوا التعجيل بإرسال التعزيزات إليها حتى تكون منطلقاً لاستعادة اليمن بأكمله وكانت هذه الفكرة لا تراود القادة فقط بل وحتى الجنود أنفسهم الذين انقلبوا على حيدر باشا وألقوا القبض عليه ثم نقلوه إلى جزيرة كمران ووضعوه في السجن هناك بسبب أنه أقدم على التفاوض مع الحسن لتسليم المدينة ولم يقدم على هذه الخطوة إلا بعد أن شعر استحالة نجاح قواته وأيّة تعزيزات أخرى مهما كان حجمها على كسر شوكة المقاومة اليمنية. إرسال حملة عسكرية بقيادة قانصوة باشا : على ما يبدو أن السلطان العثماني لم يقرر بعد سحب من تبقى من جنوده في اليمن بعد كل تلك الهزائم المنكرة ، ولم يدرك بعد صعوبة الموقف العسكري لجيوشه في جنوب شبه الجزيرة العربية بعد أن ثارت عليها كل المناطق في الجبال والأودية في السهول والصحارى والسواحل في القرى والمدن ،فها هي العاصمة العثمانية تقرر إرسال حملة عسكرية كبيرة بقيادة قانصوة باشا قوامها 30 ألف جندي و3 آلاف فارس بهدف استعادة السيطرة على اليمن وقد وصلت هذه الحملة الضخمة إلى زبيد التي كان فيها الآلاف من الجنود إضافة إلى أعداد أخرى كانوا في جزيرة كمران الأمر الذي يعني أن ما يقارب الخمسين ألف جندي عثماني كانوا على أهبة الاستعداد للحرب من أجل استعادة اليمن ، وكان الجيش العثماني وقتها قد بلغ من القوة العسكرية من حيث التسليح والتدريب والكفاءة القتالية ما جعله في تلك الفترة أقوى جيش على مستوى العالم فقد كانت الدولة العثمانية تخوض مواجهات عنيفة في أكثر من منطقة منها في أوروبا وفي آسيا إلا أن جيشها لم يتلقَ هزائم متلاحقة ومتكررة كما كان في اليمن . معركة جيزان : من أجل إخضاع مناطق شمال تهامة قرر القائد الجديد إنزال قواته في ميناء أبي عريش عند أقصى شمال الساحل اليمني وعادت القوات التركية في بث الدعاية بين اليمنيين حول قوتها وضخامتها وأنها سوف تكتسح كافة المناطق ولن يقف أمامها أي أحد ولن تتمكن أيّة قوة من اعتراضها وإعاقتها،غير أن اليمنيين وقتها كانوا قد أصروا على الاستقلال فلم تزدهم تلك الدعايات إلا صموداً وتماسكاً، ففي جيزان وكانت أول منطقة تحط فيها تلك القوات تظاهر الأهالي بالطاعة ، وما إن غادرت تلك القوات حتى عادت جيزان إلى طاعة الإمام المؤيد حيث هاجم أهلها الحامية التركية التي أبقاها قانصوة لتأكيد سيطرته على المنطقة وتمكنوا خلال فترة قصيرة من طردها ، وقد سارع المؤيد إلى توجيه نجله يحيى بالانتقال إلى أبي عريش فور وصول أنباء قدوم الحملة وبعث بالرسائل إلى قبائل صعدة يحثها على الاحتشاد والاستعداد للقتال والانتقال عن طريق جبل رازح إلى أبي عريش لمواجهة حملة قانصوة باشا فسارعت تلك القبائل إلى تلك المنطقة التي كان قانصوة باشا قد غادرها مع حملته العسكرية ثم وجه الإمام كلاً من الهادي بن صلاح وبعده صلاح بن أحمد المهدي بالتقدم على رأس عدد كبير من القبائل ،فجرت معركة في جيزان انهزم فيها الأتراك وعند وصول قانصوة باشا إلى زبيد أمر بقتل عابدين باشا بتهمة إساءة معاملة والي اليمن السابق حيدر باشا ، ورغم حجم قواته وضخامتها من حيث العدد والعدة إلا أنه فشل في إحراز أي نجاح فقد دارت جهوده الحربية في داخل دائرة ضيقة محدودة يمتد قطرها بين زبيدوالمخا فقط بعد أن وزع قواته بين المنطقتين وأما قوات الإمام المؤيد فقد توزعت على النحو الآتي : ألف مقاتل ومائتا فارس بقيادة هاشم بن حازم عسكرت في بيت الفقيه وقوة أخرى بقيادة سنبل في حيس إضافة إلى قوات متحركة بقيادة الحسن بن القاسم . الخطة العسكرية: كان الحسن قد أرسل إلى أخيه الحسين بالتوجه إلى وصاب وبعد أن بلغته الأخبار بأن قانصوة باشا متجه إلى تعز تقدم إلى إب ومنها إلى تعز وقد أشرنا سابقاً إلى تحرك قبائل صعدة نحو أبي عريش ،وكل ذلك يعني أن الإمام المؤيد وإخوته قادة الجيش نفذوا خطة حربية محكمة تمثلت في التحصن فوق السلسلة الجبلية الممتدة من غرب صعدة وحتى حجة وأطراف المحويتوصنعاء وريمة ووصاب وصولاً إلى إبوتعز، أي أن كافة المناطق الجبلية المشرفة على السهل التهامي كانت معسكرات للقبائل والهدف من ذلك التصدي لأيّة محاولات للعثمانيين في النفاذ نحو المناطق الداخلية ومقاومتهم بشراسة فيما لو حاولوا ذلك ، وعندما تيقن الحسن أن قانصوة باشا قد استقر في زبيد ووزع قواته حولها وأن هدفه تعز، اتجه هو وأخوه الحسين إلى تعز وبدؤوا في سد أغلب الطرقات المؤدية إلى المدينة سيما في وادي حاجر وغيره من الأودية والمسالك المتوقع أن يمر منها الجيش التركي. واستدعى تنفيذ تلك الخطة المحكمة تجهيز عشرات الآلاف من المقاتلين فكان الإمام المؤيد يبعث بالرسائل إلى مختلف القبائل التي استمرت في إرسال الإمدادات والتعزيزات إلى جبهات تهامة وهو ما أدى في نهاية المطاف إلى تحقيق انتصارات كبيرة ضد العثمانيين حتى أن بعض المؤرخين أشاروا إلى أن إجمالي خسائر الأتراك في تلك المعارك بلغ ستة آلاف قتيل. معركة نجد المخيرب : بعد أن استكمل قانصوة باشا ترتيب وضع قواته في زبيد جهز حملة عسكرية كبير وعين الكيخيا يوسف قائداً لها وحدد مهمتها المتمثلة في التقدم نحو تعز والاستيلاء عليها وبالفعل تحركت تلك الحملة إلا أن القوات اليمنية بقيادة الحسن كانت قد علمت بذلك التحرك فاستعدت للمواجهة فقد احتشد الآلاف من اليمنيين للمشاركة في القتال وانتقلوا جميعاً إلى منطقة نجد المخيرب التي شهدت واحدة من أشرس المعارك بين اليمنيين والأتراك التي انتصر فيها اليمنيون بعد أن استبسلوا في التصدي والدفاع ،وبعد انكسار جزء من القوات التركية انتقلوا إلى الهجوم وبذلك ألحقوا هزيمة منكرة بالعثمانيين الذين فر قائدهم مذعوراً مع ما يقارب خمسمائة جندي وكانت تلك المعركة في آخر رمضان سنة 1039ه 13مايو 1630م ويشير بعض المؤرخين إلى أن المعركة الحاسمة كانت في محل يسمى تربة الشيخ عيسى وفيها قتل من الأتراك الكثير وبعدها تقدمت قوات الحسن لمحاصرة زبيد وعلى ما يبدو أن معركة الشيخ عيسى هي الثانية بعد معركة نجد المخيرب وقد انتصرت القوات اليمنية في كلنا المعركتين بعد أن وصلت تعزيزات إليها من مختلف المناطق ،وقد قاد المعركتين الحسن والحسين وكذلك القائد التركي سنبل الذي انضم إلى المقاومة اليمنية أثناء حصار صنعاء كما أشرنا إلى ذلك سابقاً ،وعلى الأرجح أن القائد سنبل لم ينضم بمفرده بل ومعه العشرات من الجنود الأتراك الذين تعاطفوا مع القضية اليمنية بعد أن شاهدوا من اليمنيين ما يؤكد أصالتهم ونخوتهم وشهامتهم وكذلك تمسكهم بالدين الإسلامي ودفاعهم عن أرضهم ورفضهم الخضوع لأيّة قوة خارجية ناهيك عن صلابتهم في الموقف وشدة بأسهم في القتال وتسامحهم مع أعدائهم من موقع القوة وليس من موقع الضعف ولهذا نجد أن اليمنيين لم يعتمدوا أساليب الغازي العثماني من الوحشية وكذلك من الأعمال الانتقامية. ثورة تهامة: اصطدم الأتراك في زبيد بأهالي تهامة الذين لم يجدوا أي خيار أمامهم سوى طلب العون والنصرة من الإمام المؤيد سيما بعد أن اعتدى عليهم الأتراك ونهبوا أموالهم ،فجهز المؤيد حملة عسكرية قادها الحسن في 1043ه وقد انضمت إليه العديد من القبائل فوصل إلى تهامة ودخل بيت الفقيه التي كانت أول محطة له ثم انتقل إلى الزيدية ثم إلى حيس ففر الأتراك إلى زبيد وما إن علم أهل تهامة بقدوم الجيش بقيادة الحسن حتى ثاروا على الأتراك فتمكنوا من قتل عدد من قادتهم وبعد تحرير معظم مناطق تهامة قرر الحسن حصار زبيد فعسكر خارجها وبدأ في الضغط العسكري واعتمد أساليب الغارات وتتبع الإمدادات أو أية فرق عسكرية تخرج من المدينة وكان الهدف الأول من الحصار هو إجبار ما تبقى من القوة العثمانية على التسليم بالأمر الواقع والخروج النهائي من اليمن ونلاحظ أن الحسن وعلى الرغم من أنه كان في موقع القوة لم يبادر إلى الهجوم على المدينة بل وضع العثمانيين أمام عدة خيارات فإما البقاء تحت ظل الحصار أو الخروج الآمن وحفظ أنفسهم أو القتال وبالتالي الهزيمة الحتمية ولعل الحسن بذلك اتبع قاعدة حربية قديمة تتمثل في ضرورة ترك خيارات لعدوك حتى لو كان في موقع الضعف والاستسلام لأن محاولة الإجهاز عليه وعدم فتح الخيارات أمامه للنجاة يدفعه إلى الاستبسال في القتال. معركة المصفرية : ظن العثمانيون أن عدم تقدم اليمنيين إلى المدينة لطردهم ليس إلا ضعفاً أو تخاذلاً فتشجعوا لتوطيد سيطرتهم وكذلك للتوسع خارج زبيد فاتخذوا أسلوب الغارات والغزوات على عدد من مناطق تهامة بهدف النهب والسلب واستمروا على ذلك الحال حتى ثار أبناء تهامة عليهم إضافة إلى وصول جيش الحسن بتعزيزات كبيرة وكذلك وصول مجموعة مقاتلين آخرين بقيادة الأمير شمس الدين الذي اختار منطقة المصفرية بموزع للعسكرة فيها فخطط الأتراك للهجوم عليها في يوم عيد الفطر المبارك ،وعلى ما يبدو أن اختيار توقيت الهجوم كان له أثر على نتائج المعركة فقد كانت القوات اليمنية غير مستعدة للقتال الأمر الذي أدى إلى حسم المعركة لصالح الأتراك فكانت الخسائر الكبيرة في صفوف اليمنيين فمن ضمن الشهداء الأمير شمس الدين إضافة إلى عدد غير قليل من المقاتلين وعلى وقع ذلك الانتصار هاجم الأتراك وادي شرق زبيد غير أن الحسن وقواته كانوا على أهبة الاستعداد للمواجهة فجرت معركة شرسة بين الطرفين اضطر فيها الجيش العثماني للتراجع إلى زبيد بعد أن تعرضوا لخسائر كبيرة . معركة النخل الليلية : تخصص مجموعة من المقاتلين اليمنيين بتعقب الأتراك الذين كانوا يخرجون في جماعات من زبيد ثم يقعوا في قبضة تلك المجموعة التي تمكنت من إلحاق خسائر كبيرة بالأتراك والاستيلاء على خيولهم وأسلحتهم ولم تأتِ معركة المصفرية إلا وكان مصطفى باشا قد قرر الحرب على الحسن غير أنه لم يبادر إلى ذلك بسبب ما تعرضت له قواته من هزائم . وفي أحد الأيام تقدم الحسن على رأس مجموعة من المقاتلين ليلاً نحو زبيد فتصدت له القوات العثمانية ودارت المعركة بين النخل واستمرت لعدة ساعات وكادت المعركة أن تنتهي بانتصار الأتراك لولا اتخذ اليمنيون الحيلة فقاموا بالضرب بالمدافع من داخل المعسكر لإشعار الأتراك بقدوم تعزيزات كبيرة وما إن سمعوا ضرب المدافع حتى فر معظمهم وحينها تعقبهم اليمنيون حتى تمكنوا منهم فألقوا القبض على عدد منهم فيما قتل عدد آخر إضافة إلى الاستيلاء على كميات من الأسلحة وبعد هذه المعركة الليلية التي تلقى فيها الأتراك خسائر كبيرة طلب قائدهم من الحسن الاتفاق على هدنة مدتها ثلاثة أشهر . استسلام القائد التركي : أثناء معارك تهامة لم تتوقف القبائل اليمنية عن إرسال قوافل الإمداد والدعم حتى قيل إن عشرات الآلاف من اليمنيين انتقلوا إلى تلك الجبهات لقتال الأتراك الذين لم يجدوا أمامهم من خيار سوى طلب الصلح بعد ما شاهدوا إصرار اليمنيين على تحرير أرضهم ورفضهم وجود أيّة قوة خارجية عليها فكان الصلح الذي وافق عليه الحسن في 10 أغسطس 1630م وبموجبه احتفظ الأتراك بزبيدوالمخا واستمر الأمر على ذلك الحال حتى 1634م وهو العام الذي عادت فيه الحرب من جديد بين الطرفين بسبب محاولة الأتراك التوسع واحتلال مناطق جديدة فقد أرسلوا حملة عسكرية لاحتلال عدن وذلك عن طريق البحر غير أن تلك الحملة فشلت في تحقيق أهدافها ثم أرسل قانصوة حملة عسكرية ثانية للاستيلاء على ميناء جيزان وقامت تلك الحملة بأعمال السلب والنهب ولم يكتب لها النجاح أيضا .