ارتبط ظهور الحرف اليدوية بوجود الإنسان على الأرض وتطورت هذه الحرف بتطور الحاجات الإنسانية المختلفة , فاخترع الإنسان أدوات الزراعة والصناعة وأواني الأكل والشراب والملابس ليلبي احتياجاته الطبيعية اللازمة لاستمرار حياته , واخترع أيضا أدوات الترفيه والزينة ليضيف إلى حياته البهجة ولأن الحاجة أم الاختراع فقد استطاع الإنسان أن يصنع جميع احتياجاته معتمدا على مكونات البيئة الطبيعية. ومع مرور الزمن تظل هذه الحرف والمهارات تراثا حضاريا متميزا للشعوب والدول تسعى للمحافظة عليه وتطويره كمنتج سياحي وقيمة تاريخية. وقد برع اليمنيون منذ القدم في المشغولات الحرفية المختلفة واشتهروا بصناعة السيوف والحلي المطعمة بالأحجار الكريمة والنسيج وتركوا للأجيال الجديدة تراثا كبيرا يجري العمل على المحافظة عليه من خلال عدد من المراكز المتخصصة وفي هذا التحقيق نسلط الضوء على مركزين متخصصين في حماية التراث بمدينة صنعاء القديمة هما مركز تنمية المرأة للفنون والتراث والدار الصنعاني .تديرهما الأخت امة الرزاق جحاف. مركز تنمية المرأة للفنون والتراث يهتم بجمع وتوثيق الأزياء اليمنية التقليدية، وقد تخرج من المعهد حتى الآن حوالي 460 متدربة في مجال التطريز والحياكة.. وقد لفت انتباهي الاهتمام الكبير بحرف اساسيه مثل التطريز التراثي بانواعه المختلفة حيث يوجد في المركز حوالي 55 زي ينتمي إلى مناطق مختلفة وقسم لإحياء الحرف التي توشك على الاندثار وآخر للاستفادة من النفايات وتحويلها إلى منتجات مفيدة. تقول مديرة المركز أنه تم تأهيل الخريجات ككوادر حرفية جديرة من أجل مساعدتهن في الحصول على مصدر دخل لأسرهن,وبعدما يتخرجن يشكلن القاعدة الإنتاجية للمركز من خلال عملهن في البيوت ويقوم المركز بشراء منتجاتهن وتسويقها. وتضيف الأخت امة الرزاق : يحتوي المركز على حرف أساسية مثل التطريز التراثي بأنواعه المختلفة ,إضافة إلى قسم للخياطة والتفصيل يركز على تعليم الخياطة العصرية الحديثة ويدخل في برنامجه جزء من برنامج التدريب على الأزياء القديمة أما بالنسبة للنسيج فهو متوقف في هذه الفترة بسبب انعدام المواد الخام. وهناك قسم لأحياء الحرف التي أصبحت على وشك الانقراض مثل الخدوجة وهي طريقة لحياكة الخيوط بأسلوب معين, وكانت موجودة في مدينة زبيد والحديدة وعدد من يجيدونها لا يتجاوزون أصابع اليد, وقد قمنا بإستقطاب امرأة كبيرة في السن من مدينة زبيد لتدريب بعض الطالبات هذ الحرفة. ونقوم في الفترة الحالية بتوثيق الفضة اليمنية , ووجدنا كنوز لا حصر لها ..ولا أحد سائل فيها. وجدنا في سوق الملح أكثر من 150 أسورة لا تشبه الواحدة الأخرى ولا توجد دولة تملك التراث الذي نملكه ومع ذلك ليس هناك من يهتم فيه فانا أتمنى أن يأتي الوقت على الأقل المسئولين يشجعوا الحرفيين بشراء نماذج من منتجاتهم ليس من أجل أن يوردها للمخازن وإنما لكي يبرزها في مكتبه وهذا كله ممكن أن يدعم الحرف والتراث. وهناك قسم آخر يقدم دورات استثنائية في كيفية الاستفادة من النفايات وتحويلها إلى منتجات مفيدة, ويحظى المركز بدعم من جمعية هائل سعيد الخيرية. أما الدار الصنعاني فعلى الرغم من أنه مشروع يبتع الهيئة العامة للمدن التاريخية ووزارة الثقافة ومؤسس على أن يكون متحف يوثق الحياة الاجتماعية والثقافية وما يتعلق بتفاصيل الحياة اليومية في مدينة صنعاء القديمة , إلا أنه لا توجد لديه ميزانية حتى الان, رغم أنه مشروع حكومي , كم أنه لم يدخل في الهيكل الإداري لهيئة المدن التاريخية , ويسير فيه العمل تقريباً بجهود ذاتية مع دعم بسيط من صندوق التراث عن طريق الاخ خالد الرويشان وزير الثقافة. وتقول امة الرزاق جحاف: قدمنا مقترح بإنشاء الإدارة العامة للبيوت اليمنية بحيث أن ننشئ في كل مدينة تاريخية بيت يحفظ لهذه المدينة تراثها التاريخي والاجتماعي والثقافي ويكون مثل الدار الصنعاني الذي يوثق الحياة الاجتماعية والثقافية في مدينة صنعاء القديمة التي اعتبرتها اليونسكو ضمن عدة مدن عالمية تهم التراث الإنساني العالمي ويفترض ألا ينحصر اهتمامنا في المحافظة على البناء أو على الهياكل البنائية بل لابد من الحفاظ على تراث المدينة الاجتماعية والثقافية ومشاريع البيوت تحقق الهدف . المقترح مطروح أمام رئيس الهيئة وننتظر تقديمه إلى الأخ وزير الثقافة ,وأعتقد ان الأخ الوزير سيرحب بالفكرة ويشجعها. وتقول الاخت امة الرزاق ل" 26سبتمبر نت" : ان السياحة هي الشريان الذي يدفعنا للاستمرار وكلما كان هناك إقبال على السياحة في بلادنا فإن عملنا ينتعش ومنتجاتنا تتطور وبالتالي ترتفع نسبة تسويق المنتج السياحي لمثل هذه المراكز التي تعتبر عاملا من عوامل الجذب السياحي لأن السائح عندما يزور أي بلد فإنه يحرص على التعرف على تراثها وطبيعة الحياة فيها. ولأننا في مجتمع محافظ وصعب أن السائح يدخل فيه ويتعرف عليه فالدار الصنعاني ممكن ان يقدم له طبيعة الحياة الاجتماعية بشكلها من دون ان يكون فيها توغل في حياة الناس , وممكن أن يقدم له أي معلومات يحتاجها إذا كان السائح مهتم بالانثربولوجيا أو بالتعرف ودراسة العادات والتقاليد والأنماط السلوكية المختلفة. كما إننا نجهز مكتبة مختصة فقط بما كتب عن المدن التاريخية وبما كتبه أبناءها أي انه توثيق للمؤلفين من أبناء المدن وتوثيق للمدن عن طريق ما كتب فيها سواء كان في صنعاء أو زبيد أو شبام , فالسياحة في اليمن هي أساساً سياحة ثقافية أكثر مما تكون ترفيهية. ولأن اليمن بلد حضاري وبلد غني جداً بموروثه الثقافي عندنا ما نقدمه للآخرين وعبر هذا الحوار الحضاري الذي يجمع بين الشرق والغرب بحوار حضاري ثقافي تقرب وجهات النظر فنحن كبلد حضاري لنا رسالة نحب ان نوصلها للآخرين. ومن مشاريع المركز المستقبلية للعام 2007 التركيز إنتاج نسخ جديدة من الأزياء التقليدية خاصة القديمة شبه المنقرضة , وإذا لم نسارع بإنشاء نسخ جديدة منها سنفقد التواصل ونحن نركز على أن نتخصص في إنتاج الأزياء التقليدية بنسخ أصلية. - إنتاج تصميمات عصرية تحمل طابع تراثي لكل منطقة. - نأمل أن يكون لدينا في الدار الصنعاني برنامج نشاط ثقافي سنوي على مدار السنة مثله مثل أي مؤسسة ثقافية وسيكون نشاطه محصور ضمن تراث المدينة الثقافية. - أنا أتمنى وهذه دعوة ابعثها عبر "سبتمبر نت"وأقول أنه حان الوقت أن يكون في كل مكتب من مؤسسات الدولة ووزاراتها وإداراتها لمسة تراثية.. حان الوقت أن نهتم بهذا التراث ونبرزه للعالم.