مكتب المبعوث الاممي يكشف عن نقاشات فنية متعلقة بالأزمة اليمنية    جمارك منفذ حدودي مع سلطنة عمان توضح بعد أنباء متداولة عن توقف الحركة التجارية في المنفذ    جمارك منفذ حدودي مع سلطنة عمان توضح بعد أنباء متداولة عن توقف الحركة التجارية في المنفذ    المباحثات الأولى بشأن غزة تنتهي بإيجابية وترامب يتحدث عن موقف إيران وتركيا تدخل على خط التفاوض    المباحثات الأولى بشأن غزة تنتهي بإيجابية وترامب يتحدث عن موقف إيران وتركيا تدخل على خط التفاوض    أميرة شرهان تطل على الوسط الأدبي برواية «أرقّ النجوم» مشعة من بين العتمة بأسلوبٍ يقطر إحساسًا وصدقًا    أميرة شرهان تطل على الوسط الأدبي برواية «أرقّ النجوم» مشعة من بين العتمة بأسلوبٍ يقطر إحساسًا وصدقًا    ابنة المعتقل اليفاعي تكشف عن اعتداء تعرض له والدها قبل اعتقاله    تعز.. تشييع جنديين ارتقيا أثناء ملاحقة مطلوبين في الشمايتين    المنتخب الوطني الأول يبدأ مرانه الأول في ماليزيا استعدادا لمواجهة بروناي في تصفيات آسيا    بحضور فريق التوجيه والرقابة الرئاسي.. المهرة تشهد حفلًا ثقافيًا وتراثيًا احتفاءً بيوم اللغة المهرية    من "الحكم الذاتي" إلى "اللتر الذاتي".. فضيحة صفقة الديزل تهز حضرموت    فريق التوجيه والرقابة الرئاسي يتفقد سير عمل القيادة المحلية لانتقالي التواهي    شركات الشحن تراقب مفاوضات غزة لتقييم الوضع في البحر الأحمر    مسيران لخريجي دورات "طوفان الأقصى" في مديريتي الميناء والحالي    القائم بأعمال رئيس الوزراء يزور المعرض الثاني للطاقة الشمسية والري الحديث    أبين.. عسكريون بلا مرتبات منذ 4 أشهر يحتجون ويحذرون من ثورة جياع    حين أضاعوا الجنوب وراحوا ينتظرونه محملًا بأحلامهم    منتخبا السعودية ومصر يودعان مونديال الشباب في تشيلي    "وثائق" تكشف بالاسم أكثر من 200 جهة حكومية تدير المال العام خارج الخزينة العامة للدولة    الذهب يتجاوز 3900 دولار للأوقية لأول مرة    النفط يرتفع 1.5 بالمائة بعد إعلان أوبك+ عن زيادة في الإنتاج    تقرير عبري: السيسي يسخر من "الكيان" باختيار محادثات غزة يوم "6 اكتوبر 2025"    الرئيس المشاط يهنئ الرئيس المصري بذكرى انتصارات السادس من أكتوبر    اتحاد كرة القدم يُعيّن الأصبحي مدربا لمنتخب الناشئين وقيس صالح للأولمبي    أبوبكر عوض نجم نادي الأحرار يحتاج إلى لفتة    اليمني طه الحاشدي يدير النهائى العربي لكرة السلة    العلامة مفتاح يدّشن اختبارات نهاية الفصل الدراسي الأول في مدارس الجمهورية    تشييع جثمان الشهيد علي علي يمن في حجة    صل إلى 350 ألف جنيه.. أسعار السيارات في مصر تتراجع 23%    قلق يسود في مدريد.. مبابي يلتحق بمنتخب فرنسا رغم إصابة الكاحل!    رسمياً: سامر فضل مديراً فنياً للفريق الأول بنادي التلال    حضرموت تحتفي بتكريم 333 حافظ وحافظة للقران بمديرية القطن    إشبيلية يسحق برشلونة برباعية تاريخية في الليجا    بدء تعزيزات مرتبات شهر أغسطس    فضيحة مدوية.. أموال البطائق الذكية تودع في الحساب الشخصي للوزير حيدان    الجولاني يلغي اجازة يوم 6 أكتوبر مراعاة لمشاعر الصهاينة    بن حبريش والمحافظ يخونون الأمانة ويُفقر الشعب من أجل الديزل والمال!    ضبط متهم بارتكاب جريمة قتل خلال 48 ساعة    جامعة البيضاء تنظم المؤتمر العلمي السادس بمشاركة 299 باحثا من 17 دولة    أربعة أسباب دفعت حماس للموافقة على خطة ترامب    القنصل اليمني في الهند ينبه المسافرين اليمنيين بشأن الإجراءات الجديدة لوزارة الداخلية الهندية    الفريق السامعي يستحضر إرث الإرياني.. الطريق محفوف بالمكائد والخطر قائم    سمراء المجازات    إِنَّا عَلَى العَهْدِ    اليهود في القرآن...!!    مرض الفشل الكلوي (22)    محمد عبده الفنان السادس على مسرح البواردي    وادي التماثيل في جزيرة قشم.. بقايا ظواهر رسوبية وجدران طبيعية مذهلة    كاد تهرب المسؤول أن يكون كفرا    جريمة قتل جماعي قرب حقل مياه عدن.. دفن نفايات شديدة الخطورة في لحج    مأرب.. تكريم الفائزين بمسابقة شاعر المطارح    بدء توزيع الزكاة العينية للأسر الفقيرة في مديرية اللحية    رئيس إصلاح المهرة يدعو إلى الاهتمام بالموروث الثقافي واللغوي المهري    تعز تناقش مواجهة مخاطر الكوليرا وتحديات العمل الإنساني    أنا والحساسية: قصة حب لا تنتهي    تنفيذ حملة لمكافحة الكلاب الضالة في مدينتي البيضاء ورداع    في 2007 كان الجنوب يعاني من صراع القيادات.. اليوم أنتقل العلة إلى اليمن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من مصير الهدنة إلى مصير الصراع
نشر في 26 سبتمبر يوم 26 - 11 - 2023

انتظر العالم الغربي وبعض الحكومات التابعة له والملحقة به في العالم العربي والإسلامي بكل أسف 47 يومًا لكي تجهز آلة الحرب الأميركية _ الصهيونية على غزة وحماس،
ولكن المهمة لم تنجز. بل افتضحت هوية المعتدي الحقيقية، في سلسلة مروعة من جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية تم توثيقها بالصوت والصورة، بحيث لم تنفع في تغطيتها كل أكاذيب الإدارة الاميركية والحكومة الصهيونية.
كان الطفل يسقط أشلاءً تحت الأنقاض، ولكن روحه تذهب لتفتح بصيرة البشر في العالم أجمع على حقيقة حكومات قلبها من حجر، وعقلها من سيليكوم، حولت التكنولوجيا إلى إيديولوجيا، وآمنت بقدرة القوة العارية من القيم، على تحقيق ما تصبو إليه من هيمنة على العالم إنطلاقًا من الهيمنة على البحر المتوسط وما تحته من نفط وغاز.
كما أرادت الولايات المتحدة الأميركية بالتورط مباشرة بالمجازر، أن تحول غزة إلى صندوق بريد لكل من يحاول أن يبني عالمًا متعدد الأقطاب تسوده القوانين، واحترام سيادة الدول، وحق الشعوب في تقرير المصير. فكانت أطنان القنابل المتساقطة على رؤوس المدنيين الابرياء في غزة ، بوزن الصراع الدولي القادم، لترسم بالدم خطوط التماس وممرات الطاقة وساحات النفوذ... ولكن الرسالة التي أريد لها أن ترهب العالم، كانت كافية لتحريك الشوارع في المدن والعواصم الغربية، بزخم أكبر من المدن والعواصم العربية والإسلامية، إذا استثنينا مناطق نفوذ محور المقاومة وخصوصا اليمن العزيز الذي قدم النموذج الأبرز في الحراك الشعبي والرسمي لنصرة غزة.
هذا الضغط الشعبي ترجم تراجعًا لبعض الحكومات الغربية تدريجيًا عن الدعم المطلق للعملية، وتعالت الأصوات المطالبة بوقف النار أو هدنة إنسانية، إنقاذًا لما سماه جوزيف بوريل "بالسلطة الأخلاقية للغرب". أصبحت الهدنة الإنسانية مطلباً شعبياً عالمياً، وفشلت الأكاذيب والسرديات الصهيونية، في إبقاء الكيان الغاصب في موقع الضحية، واعلنت المنظمات المعنية بحقوق الإنسان أن ما يحصل جرائم حرب موثقة.
أما تدخلات محور المقاومة بالصواريخ والنار وليس بمجرد الدعم اللفظي، فقد هددت بتوسعة نطاق الحرب ، بحيث تشمل عدة جبهات مشتعلة، في وجه عدو عاجز عن هزيمة حماس. وكان القبض على سفينة مملوكة لرجل أعمال صهيوني مقرب من الحكومة من قبل القوات المسلحة اليمنية قاصمًا لظهر المصرين على المضي في جريمة الإبادة الجماعية والتهجير القسري، لما يحمل من ابعاد استراتيجية على مستوى باب المندب والبحر الأحمر وأسواق الطاقة، وحرب الممرات المائية في المنطقة التي يراهن الغرب على استبدال غازها بالغاز الروسي.
على مضض ضغطت الولايات المتحدة على حكومة الكيان بعد فشله العسكري في إنجاز المهمة رغم المشاركة الأميركية الواضحة. وكان الضغط حصيلة حسابات إقليمية ودولية ومحلية أميركية تتعلق بمستقبل الإنتخابات بعد أن تراجعت نسب التأييد للعجوز الخرف بايدن.
ومن الآن لا يظهر أن التأييد الغربي لاستئناف العدوان بعد الهدنة سيكون بنفس زخم انطلاقتها، وحكومة العدو تدرك هذا الأمر وتحاول التأكيد أكثر من مرة أنها ستعود للعدوان بعد الهدنة. وإلى أن تنتهي الهدنة تحاول الأجهزة الأمنية الصهيونية من اليوم أن تنكد فرح الفلسطيني بالنصر، وتلعب على شروط الاتفاق لاختبار إرادة حماس واستعدادها للعودة إلى المعركة البرية. وقد برهنت حماس بالأمس عن تماسك واستعداد مهم عندما أوقفت تسليم الأسرى الصهاينة ريثما تطبق حكومة العدو بدقة شروط اتفاق الهدنة سواء في حجم المساعدات التي يجب أن تصل إلى شمال غزة، أو بالنسبة إلى مراعاة شرط التقادم في اختيار أسماء المفرج عنهم من النساء والأطفال الفلسطينيين، والمحكومين أحكاما عالية.
الصلابة التي تبديها حركة حماس تشكل بحد ذاتها قوة ردع ، لأنها لا تدع مجالا للشك من أن حماس والفصائل الفلسطينية المقاتلة معها لا تزال جاهزة للميدان، والتسريبات الاميركية عن مساع لتمديد الهدنة الحالية تشير إلى ان الإدارة الاميركية ما عادت قادرة على دعم استئناف العدوان علنا وبالوقاحة نفسها التي أبدتها في لحظة تمثيل الهستيريا والجنون خوفًا على كيان هش تعرض لضربة قاصمة. أما الحكومة الصهيونية المنقسمة على نفسها، فستزداد انقسامًا في حال إصرار نتنياهو وحلفائه المتشددين على المضي في جريمة الإبادة الجماعية والتهجير القسري تحت عنوان كسر حماس. وهي حكومة لا تريد أن تسمع بكلمة وقف النار باعتباره المصطلح الذي يعلن هزيمتها وانتصار حماس وغزة والفلسطينيين الذين دعموا خيار المقاومة مهما كان الثمن.
كل هذه العوامل ترجح تمديد الهدنة بدون الكلام عن وقف للنار، وفي أثناء عمليات التبادل التي ستشهد توترات لا بد منها لحفظ ماء الوجه ، ستحاول الإدارة الاميركية كالعادة، أن تحصل في السياسة على ما لم تحصل عليه في الميدان، عن طريق طرح مشاريع الوصاية الدولية على غزة، أو حتى عودة الوصاية المصرية، أو العربية الموالية للمعسكر الاميركي. وكلما شعرت أميركا بضعف في الضغوط السياسية سيحرك الكيان الصهيوني آلته العسكرية بحيث تمنع غزة من استعادة عافيتها لفترة طويلة ، باعتبار أن ليس هناك اتفاق لوقف النار...
لذلك لن يعود العدوان بالزخم نفسه ولكن لن يتوقف نهائيًا، حتى تطبخ التسويات ولو على ناره التي تخبو أو تشتعل كاسلوب في التفاوض. وفي هذه الفترة ستحتاج أميركا إلى حكومة أقل تطرفًا في الكيان الصهيوني، لإعادة تعليب وتسويق مشروع حل الدولتين. كما ستحتاج إلى سلطة أكثر فعالية في رام الله ، لتعطيها دورًا مقنعًا في غزة على حساب سلطة حماس. هذا من جهتهم.
كما إن حملات المقاطعة للبضائع الأجنبية، يجب أن تواكبها مقاطعة للحكومات العميلة بوصفها سلعة غربية يعاد تعليبها باستمرار، ولقد لمست الشعوب العربية والإسلامية مدى بعد هذه الحكومات عن إرادتها السياسية في محنة غزة بشكل فاضح أكثر من أي وقت مضى. والآن تشكل هذه الحكومات التابعة للغرب نقطة الضعف في تسييل الإنتصار الفلسطيني على مستوى القضية المقدسة ومستقبل التموضع الإقليمي والدولي في عالم يتشكل من جديد بالحديد والنار.
لقد برهن اليمن بقيادته الحكيمة وجيشه ولجانه الشعبية ، على أن بإمكان حكومة عربية حرة ومستقلة، إعادة خلط الأوراق، وإحداث تغيير ملموس في حسابات الاطراف، وتوازنات القوى. فكيف لو سارت على طريق اليمن حواضرعربية كبيرة لها وزنها، وأنتجت ثورات عربية سلمية حقيقية هذه المرة ، تثمر بدورها حكومات تعبر عن إرادة الشعوب وتطلعاتها، في التخلص من التبعية الذليلة والإستبداد المزمن والتخلف المحروس بقروض التنمية الوهمية.
لن تقوم للكيان الصهيوني قائمة بعد اليوم مهما كانت محاولات الإنقاذ سخية ومجرمة، وقد بدأ بشكل متسارع مسار الإنحدار، المشكلة أن أميركا بوجود النظم العربية الموالية لها ستضغط بقوة لإعادة ضبط النظام الإقليمي على قياس مصالحها، وستزيد من تدخلاتها المباشرة بعد سقوط الوكيل. لذلك لا يمكن الإكتفاء بالردود العسكرية بل لا بد من الثورات السياسية لإسقاط الصهاينة العرب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.