مجزرة «الدوار» هي مجزرة مروعة ارتكبتها قوات الاحتلال الصهيوني -فجر الخميس الماضي- في حقِّ المدنيين الغزاويين في «دوار النابلسى» بشارع «الرشيد» جنوب غرب مدينة غزة أثناء تدافعهم نحو شاحنات المساعدات علَّهم يظفرون بما يتقون به شبح الموت الذي يتهدد حياتهم في كل ساعة في ظل ما يعيشونه من مجاعة. على مدى خمسة شهور كاملة تمطر قوات الكيان الصهيوني أطفال ونساء وشيوخ قطاع غزة المحاصر منذ 17 عامًا متواصلة بحمم كثيفة من النيران بهدف إخلاء القطاع من السكان تمهيدًا لإغراقه من جديد ببؤر الاستيطان. ولمَّا لمست قوات العدو من بعض سكان الشمال ما لم يدر في خلدها من الإصرار المنقطع النظير على التشبث بأرضهم مهما طالها من تدمير بكل ما يعنيه ذلك التشبث من إفشال مخططات التطهير العرقي وعملية التهجير، عمدت سلطات إلى تفعيل سلاح التجويع الذي بدأ منذ عدة أسابيع -بعد نفاد آخر كميات الطعام والدواء التي كانت مخزنة- يحصد أرواح الرضع والمسنين وذوي الأمراض المزمنة. وحين يضطر سلاح التجويع الفظيع الناسَ إلى التدافع باتجاه الشاحنات المحملة بكميات محدودة من المساعدات الإغاثية على هيئة مجاميع تسارع سلطات الكيان إلى رشِّ تلك المجاميع بالنيران مودية -بشكلٍ متكرر عبر مجازر لها وليس لها آخر- بحياة أكبر عددٍ ممكنٍ من تلك التجمعات التي أخرجها الجوع للبحث عمَّا تيسَّر من فتات، وقد كانت آخر تلك المجازر وأشدها فظاعةً مجزرة «الدوار» أو مجزرة «الطحين» التي أسفرت عن استشهاد 118 وإصابة 800 أو أكثر من الغزاويين، ومن حالفه الحظ في الحصول -فجر ذلك اليوم- على قطمة طحينٍ أو قطمة أرزٍ، فقد انتزعها مخضبةٌ بدماء الأهالي والأذواء. ردود فعل محلية ودولية غاضبة لأنَّ مجزرة «الدوار» أو مجزرة الطحين التي تولى كبرها مطترفو الحكومة الصهيونية التي أشاد باقترافها «إيتمار بن غفير» مجزرة غير مسبوقة في تاريخ الإنسانية قاطبة، فقد قوبلت بردود فعل محلية ودولية غاضبة، ففي الوقت الذي اعتبرتها حركة المقاومة الإسلامية «حماس» -على سبيل المثال- مجزرة بشعة وغير مسبوقة في تأريخ جرائم الحروب، عبّر الرئيس الفرنسي «إيمانويل ماكرون» -إزاء فداحة هذا الجرم المرتكب- عن شعوره بالغضب، وقال -في منشور على منصة إكس- "إن هناك سخطًا شديدًا إزاء الصور القادمة من غزة، حيث استهدف الجنود الإسرائيليون المدنيين الفلسطينيين، وإنني أعبر عن تنديدي الشديد بعمليات إطلاق النار هذه، وأدعو إلى كشف الحقيقة وتحقيق العدالة واحترام القانون الدولي. وقد بات من الضروري التوصل إلى وقف فوري لإطلاق النار في هذه الحرب التي تحصد أرواح المدنيين من أبناء فلسطين). استفزاز جرم الكيان مشاعر «دحلان» من أهم مظاهر تميز مجزرة «دوار النابلسي» على الكثير ممَّا سبقها من المجازر حصدُها أرواح أكبر عددٍ من الضحايا في زمنٍ قياسي، محركة بوحشيتها غير المسبوقة مشاعر السياسي الفلسطيني «محمد دحلان» الذي عرف -من عقود مضت- بولائه المطلق لسلطات الكيان، وقد أشير إلى موقفه المنفعل ممَّا يحصل -في سياق الخبر المختصر المعنون [دحلان: «مجزرة الرشيد» هي صلب المخطط الشيطاني الإسرائيلي] الذي أذاعه «تليفزيون الغد» في ال29 من فبراير الفائت- على النحو التالي: (تساءل القيادي الفلسطيني «محمد دحلان» -في منشور على صفحته الرسمية على فيسبوك- قائلا: «إلى متى سيواصل هذا العالم المختلّ صمته وعجزه إزاء ما يتعرّض له أهلُنا من مئات المجازر؟ وإلى متى تتخلّى الإنسانية عن ضميرها، وتترك شعبًا أعزل يُقتل ويُذبح من أجل رغيف خبزٍ، أو قطرة ماء؟ وإلى متى سيواصل ساسة الغرب، وساسة واشنطن، مناوراتهم الكاذبة وهم مستمرون في تزويد الاحتلال الإسرائيلي بكل أدوات القتل؟ وإلى متى سيهزّون رؤوسهم موافقين على معزوفة الأكاذيب الإسرائيلية؟»). الهدف الكامن وراء الجُرم المقترف كان العدو يتوقع أنَّ تجويع المصرين على البقاء من السكان كفيلٌ بإجبارهم على الهجرة وإخلاء المكان، لما من شأنه مباشر عملية الاستيطان، ولمَّا يسفر سلاح التجويع عن النتيجة التي كان يتوخاها، إذا بهِ يعمد إلى استهداف الآلاف من الباحثين عمَّا يقيم الأوَد بهجماتٍ نارية متكررة في آخر مساعيه القذرة لإجبارهم على الهجرة، وذلك ما يفهم من استهلال الخبر التحليلي المعنون [حماس: المجزرة الإسرائيلية في غرب غزة تستهدف تهجير الفلسطينيين من أرضهم] الذي نشره موقع «مصراوي» عصر الخميس ال29 من فبراير بما يلي: (أكدت حركة «حماس» أنَّ المجزرة التي ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي -فجر اليوم الخميس- بحق المواطنين الذين كانوا ينتظرون المساعدات الإنسانية غرب غزة تندرج في إطار حرب التجويع التي يخوضها الاحتلال بتواطؤ أمريكي ينمُّ عمَّا يحكم علاقة «بايدن» ب«نتنياهو» من تفاهم يهدف إلى تهجير الفلسطينيين من أرضهم").