لا تفسير اقتصادي منطقي للإنهيار الأخير الذي ضرب سعر صرف العملة المطبوعة في المحافظات الجنوبية المحتلة مؤخراً ، فالأسواق في تلك المحافظات تعيش اسوأ فصولها ويعاني معروضها السلعي من عزوف استهلاكي غير مسبوق يعكس حالة التدهور الموازي الذي ضرب معدلات دخل الأسرة اليمنية في تلك المحافظات ، ودفع بالسواد الأعظم من المواطنين في تلك المحافظات إلى التضحية بالكثير من السلع والمنتجات الكمالية لصالح تأمين اساسيات الحياة من مأكل ومشرب ودواء ، فمعدل دخل الأسرة يتراجع بتراجع القوة الشرائية للعملة المتعامل بها في تلك المحافظات منذ تسع سنوات ، ولذلك فإن الطلب على الدولار في السوق من قبل التجار بغرض تأمين وارداتهم الجديدة من السلع والمنتجات شبه منعدم ، ولعل الإنحسار الكبير للحركة الملاحية في موانئ عدن التي كانت تستقبل أسبوعياً عشرات السفن وصار شبه خالٍ أحد المؤشرات التي تقودنا إلى البحث عن الدوافع الحقيقية والخفية للانهيار الاخير الذي تجاوز فيه سعر صرف الريال المطبوع في عدن حاجز 2000ريال ، خاصة وأن العجز العام في ميزانية الحكومة الموالية للتحالف السعودي الإماراتي ليس جديداً بل يعود إلى العام 2017 ، حين منحت دول التحالف السعودي الإماراتي مراكز القوى العسكرية والسياسية والأمنية في تلك المحافظات الضوء الأخضر في تقاسم وتناهب ايرادات الدولة ، ولم يطرأ على هذا الجانب أي تغيير خلال السنوات الماضية.، و الانتقالي لديه مركزه المالي والاصلاح في مأرب يستحوذ على إيرادات نفط وغاز صافر ، و الايرادات الأخرى ، وكل فصيل مسلح صار يشارك في السطو على ما تبقى من إيرادات ويفرض إتاوات خارج القانون وبحكم القوة والنفوذ يجبر المواطن والتاجر في الطرقات العامة او في مداخل المدن على دفع مبالغ مالية ضخمة مقابل الحماية أو باسم دعم لقوات كذا أو مليشيات كذا ورغم أن الحكومة الموالية للتحالف تتبع السعودية والإمارات وتم تشكيلها وفقاً لاتفاق الرياض الموقع في الخامس من نوفمبر 2019 ،الا إن الرياض وأبوظبي لم توجه المليشيات التابعة لها بوقف استلاب الايرادات العامة للدولة في تلك المحافظات ، بل تعاملت مع تلك الحكومة كأداة محلية كلفت بتنفيذ اهداف مرسومة لا تخرج عن مصلحة التحالف ومخططاته التآمرية على اليمن . وعلى هذا النحو ، مضت تلك الحكومة في تأدية دورها دون اعتراض ، متسببة بكارثة إنسانية في تلك المحافظات ، فعلى مدى السنوات الماضية لم تطالب أياً من تلك الحكومات دول التحالف بالكف عن تدمير المقدرات الوطنية من مصافي وموانئ في مدينة عدن ولم تطالب القوات الإماراتية والسعودية بإخلاء موانئ بلحاف ونشطون من قواتها ، ولم تدعو امريكا وبريطانيا بوقف احتلال مطاري الريان في حضرموت ومطار الغيضة في المهرة كون تلك المطارات مدنية وخدمية ، بل منحت أطراف العدوان غطاء لنهب الثروات النفطية والمعدنية والسمكية في المحافظات الجنوبية، مقابل قيام دول التحالف بمساعدتها على طباعة تريليونات الريالات من العملة المطبوعة دون غطاء ، وهو ما أدى إلى انهيار سعر صرف العملة المطبوعة بمعدل ثمانية أضعاف ما كانت عليه قبل عشر سنوات وتحديداً قبيل العدوان السعودي الأمريكي على بلدنا . لذلك وقف التحالف وراء تصاعد العجز العام في موازنة تلك الحكومة الموالية له ، الناجم عن استلاب ايرادات الدولة من قبل المليشيات ، ومنحت بنك عدن اعترافاً دولياً لكي تستخدم وظائفه في تدمير الاقتصاد الوطني ، من خلال الدفع بتلك الحكومة إلى الاصدار التضخمي الكارثي للعملة للحد من العجز المالي . يضاف إلى ذلك ، قيام التحالف بتحميل تلك الحكومة نفقات كبار العملاء الذين وقفوا إلى جانب العدوان السعودي الأمريكي ضد شعبهم ووطنهم مقابل امتيازات وظيفية ومالية ، وهما تؤكد الاحصائيات أن 11 الف من كبار موظفي تلك الحكومة يتقاضون 110 ملايين دولار بإجمالي سنوي 1.3 مليار دولار ، بينما مرتبات كل موظفي الدولة المقدر عددهم 1.2 مليون موظف وفق كشوفات العام 2014, لا تتجاوز 150 مليون دولار شهرياً . لذلك الحل أن توقف تلك الحكومة العميلة صرف المرتبات بالدولار ، لكي تخفف الضغط على الدولار في السوق المحلي من جانب ، وان تفرض رقابة على شركات ومحلات الصرافة التي تعمل دون ضوابط ودون رقابة وان تتخذ إجراءات لمكافحة كافة ممارسات المضاربة بالعملة ، وهو ما سيحدث تحسناً في سعر صرف العملة المطبوعة ، ونقول المرة الألف يؤسفنا ما يعانيه المواطن اليمني في المحافظات الجنوبية المحتلة من معاناة نتيجة العبث الاقتصادي الذي يديره التحالف عبر. أدواته في المحافظات الجنوبية . فنحو 90% من ابناء المحافظات الجنوبية يعيشون اليوم تحت واقع مأساوي ..ويدفعون ثمن فساد تلك الحكومة. وعبث الغزاة والمستعمرين الجدد . فالحكومة وموظفوها تتقاضى رواتبها بالدولار ولن يطالها أي أثر لانهيار سعر صرف العملة المطبوعة ، ولن تتحرك لتحجيم الانهيار ووقف تداعياته الإنسانية على عامة الشعب . فما يحدث جريمة من جرائم الحرب الاقتصادية التي يمارسها المحتل الجديد وأدواته بالاقتصاد الوطني . واحدى مؤشرات الالتفاف على الجهود الإقليمية والأممية الرامية إلى إنهاء الانقسام النقدي والمالي بين صنعاءوعدن وفقاً لاتفاق الرياض الموقع بين صنعاءوالرياض في يوليو الماضي، فالفرق اليوم واسع ومحاولات توحيد سعر صرف العملة في المستقبل ستكون مستحيلة في ظل الدفع بسعر صرف العملة المطبوعة نحو المزيد من الانهيار، فمن يستهدف سعر صرف العملة يستهدف لقمة عيش كل اليمنيين في المحافظاتالمحتلة ، ومن يقف وراء تحريك الدولار يمارس مخططاً عدائياً بهدف إعاقة أي توجه لإيجاد معالجات للانقسام النقدي والمالي في البلد . والله من وراء القصد