لا شك أن هناك توجيهات رسمية من قبل النظامين في السعودية والإمارات إلى وسائل إعلامهما وخاصة القنوات الفضائية وفي مقدمتها "العربية والحدث وسكاي نيوز" لتسخير معظم برامجهم للتغطية المشوهة والمبالغ فيها لما يحدث في اليمن من قصف أمريكي بطائرات الشبح القادمة من مسافات تبعد عن اليمن بخمسة آلاف كيلو متر لتضع حمولتها من القنابل والصواريخ ذات التدمير الكبير على العاصمة صنعاء وعدد من المحافظاتاليمنية انتقاماً لفشل الإدارة الأمريكية في تحقيق أهداف عدوانها على اليمن منذ ما يقارب الشهرين والذي شاركت فيه مؤخراً التابع الذليل لأمريكابريطانيا العجوز دفاعا عن الكيان الصهيوني وتقوم هذه القنوات السعودية والإماراتية التي أصبحت بمثابة توجيه معنوي وناطق عسكري باسم أمريكا بعد كل غارة عدوانية تشن على الأعيان المدنية بتضليل متابعيها بأن ما يتم قصفه هي أهداف عسكرية وقتل قيادات حوثية حسب زعمها ثم يسارع العملاء والمرتزقة لتبني ما تبثه هذه القنوات من أكاذيب فيقومون بتعميمه على وسائل التواصل الاجتماعي والهدف معروف من كل هذا الاهتمام الإعلامي المضلل لتغطية عورة أمريكا التي هتك اليمن سترها وكشف حقيقتها للعالم الحر الذي لم يعد يتهيبها. وبدخول السعودية والإمارات على الخط دفاعا عن أمريكا وتغطية لجرائمها من خلال ما تسوقانه من تبريرات واهية في وسائل إعلامهما تقلب الحقائق رأسا على عقب بالإضافة إلى تمويلهما للضربات الأمريكية فإنهما تصبحان شريكين أساسين في عدوان أمريكا على اليمن ولم تصغيا لنصائح قائد الثورة الشعبية السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي الذي طلب منهما الوقوف على الحياد وأن تتركا اليمن يواجه أمريكا بمفرده، كما إن مشاركة بريطانيا في العدوان على اليمن بطيرانها الحربي يُعد في حد ذاته محاولة يائسة لإنقاذ أمريكا من ورطتها. لقد تسرع المعتوه ترمب باتهام ادارة بايدن السابقة التي وصفها بالعجز في هزيمة يمن الإيمان والحكمة قبل أن يقدم على عدوانه دفاعا وخدمة للكيان الصهيوني المدلل أمريكيا معتقدا أنه باستخدام إدارته القوة المفرطة عند قصفها للأعيان المدنية والمقابر ومراكز الإيواء وقتل الشيوخ والنساء والأطفال سيحقق له ذلك نصرا يتباهى به أمام الإدارة السابقة ويستعيد من خلاله هيبة أمريكا وسمعتها ولكنه وقع في شر أعماله فلم يجن من عدوانه على اليمن سوى الخسران ومرمغة سمعة أمريكا وهيبتها في الوحل على أيدي رجال الرجال في القوات اليمنية الصاروخية والبحرية والطيران المسير والدفاع الجوي، ولم يكن يدر بخلده أن اليمن البلد المعتدى عليه والمحاصر منذ عشرة أعوام هو من سيقف بوجه أمريكا ويتصدى لها بمفرده دون دول العالم أجمع، ويذل حاملات طائراتها ويجبرها الواحدة تلو الأخرى على مغادرة مياه البحر الأحمر بل ويجعلها سخرية لكل الشعوب وهي التي كانت أمريكا تهدد بها العالم بما في ذلك خصومها ومنافسيها من الدول الكبرى كالصين الشعبية وروسيا الاتحادية، وتجعل حكام الدول العربية والإسلامية يتبولون في سراويلهم بسببها وخوفاً منها وما تخليهم عن غزة هاشم وما يجري فيها من إبادة جماعية على أيدي الجيش الصهيوني هو أكبر برهان على هذا الإذلال الذي لحق بحكام العرب والمسلمين لم يسبق له مثيلا لا في الشعوب العربية ولا في الشعوب الإسلامية فلم يكن احد يتصور بأن كسر هيبة أمريكا سيأتي من اليمن ويجعلها اضحوكة أمام العالم خاصة بعد أن صرح قادتها العسكريون تعليقا على اسقاط اليمن للطائرة إف 18 في شمال البحر الأحمر بأن حاملة الطائرات ترومان انعطفت تفاديا لصواريخ القوات اليمنية فسقطت الطائرة من على متنها وجرح أحد ملاحيها وهو تصريح نزل على الشعب الأمريكي نزول الصاعقة بسبب ما تركه من حالة إحباط وسخرية في أوساط الخبراء والمحللين العسكريين والسياسيين وما وصلت إليه إدارة ترمب ووزارة دفاعه من تخبط وعشوائية جعلت الحاملة ترومان تهرب إلى شمال البحر الأحمر باتجاه قناة السويس فاقدة للشموخ الذي كان يرافقها وهي تعبر البحار والمحيطات ولم يجرؤ أي طرف الاعتراض حتى على مرورها فكيف بمهاجمتها وإن كانت المشكلة لم تعد في جبروت أمريكا كدولة فرضت هيمنتها على العالم بالقوة منذ اكثر من ثلاثة عقود بعد انهيار ما كان يعرف بالاتحاد السوفيتي في بداية التسعينيات من القرن الماضي والذي كان يشكل معها حالة توازن كقطبين في هذا العالم المترامي الأطراف حيث كان السلام والاستقرار نسبيا هو السائد، لكن مُنذ أن انفردت أمريكا بالهيمنة لم تشهد الشعوب في مختلف القارات سوى الحروب وتصدير الفتن الأمريكية إليها بهدف إضعافها وفرض عليها الإرادة الأمريكية وهنا يحضرني قول أحد حكام دول أمريكا اللاتينية تعليقا على ما تقوم به أمريكا من إثارة الفتن والحروب والانقلابات العسكرية في الشعوب الأخرى بأن أمريكا هي الدولة الوحيدة التي لا يمكن أن يحدث فيها انقلاب عسكري والسبب أنه لا يوجد فيها سفارة أمريكية. وبعد وصول دونالد ترمب إلى البيت الأبيض في دورة رئاسية ثانية غير متتالية وما نجم عن تصرفاته الهوجاء من خلق متاعب ليس للشعب الأمريكي فحسب وإنما لأصدقاء أمريكا وحلفائها قبل أعدائها أو خصومها يتوقع الكثيرون إذا ما استمر ترمب على هذا النهج غير العقلاني فإنه قد يتحول إلى غورباتشوف آخر فيتم تفكيك ما يعرف بالولايات المتحدةالأمريكية على يديه ويجري عليها ما جرى للاتحاد السوفيتي في بداية تسعينيات القرن الماضي وهناك أصوات من قبل حكام ولايات أمريكية بدأت ترتفع مطالبة بشكل علني بالانفصال وهي مؤشرات خطيرة قد ينتج عنها حرب أهلية في الداخل الأمريكي فيجعل أمريكا التي تخصصت في تصدير الحروب وجعل الشعوب تنشغل بنفسها تفقد مكانتها التي عرفت بها كدولة عظمى تفرض إرادتها بالقوة على من يقف ويخالف توجهها، وذلك في ظل بروز قوى عظمى أخرى تتقدمها الصين وروسيا الاتحادية فيتم خلق عالم جديد بدأ يتكون متعدد الأقطاب مما يتيح للشعوب الضعيفة أن تعيش في ظله في أمن وسلام، وهي أمنية قد لا تتحقق في وقت قريب طالما والصراع قائم على أشده بين القوى المهيمنة التي جعلت من جني وتحقيق المصالح بالقوة هي السياسة السائدة على حساب الشعوب المستضعفة التي لا تقوى على الدفاع عن نفسها لاسيما تلك التي يتحكم في مصيرها حكام مفروضين عليها وعملاء لهذا الطرف أو ذاك، كما هو حال حكام الدول العربية الذين يشكلون أنموذجا لغيرهم ممن يسيرون على خطاهم.