ما مر به اليمن خلال ثلاثة عقود ونصف وهي أعوام عمر إعادة وحدتهم من فتن وصراعات ومؤامرات وحروب كافية ليفهم اليمنيين ان وحدتهم ليست خيارا بل مصير . لا نحتاج لتقديم جردة حساب ولا نحتاج لتحميل المسؤولية لما حصل فكل هذا بات معروفا والعامل الخارجي الإقليمي والدولي كان له دور كبير فيما تعرض له اليمن بدأ من فتنة وتامر بعد الثاني والعشرين من ما يوم1990 والنتائج التي تمخضت عن استقواء أدوات الداخل بالقوى الأجنبية القريبة والبعيدة ولا فرق بين من نظروا الى الوحدة بعيون واحقاد الأشقاء وعلى رأسهم النظام السعودي وبين من استقووا بالغرب وأمريكا لتصفية حساباتهم مع أحد الاطراف المحسوبة على الشرق باعتبارهم بقايا الحرب الباردة. وللتذكير كانت الاغتيالات والتكفير ودور مشايخ الاخوان والسفلية الوهابية الذين رفضوا الوحدة ليس كما ادعوا انها وحدة مع كفرة وملحدين وشيوعيين بل لأن اسيادهم في الرياض وابوظبي والدوحة ومن خلفهم بريطانيا وامريكا أمروهم بذلك ولا من أولئك الذين هربوا مما كانوا يخافون منه الى الوحدة مع التحولات العالمية والذين عادوا ليس فقط للنظام الشطري او الانفصال بل للخروج من جلدهم ومن خرج من جلده جيف وهذا ما بات واضحا . وها نحن في الذكرى ال35 للوحدة تعود بنا الذاكرة الى ما قبل 90 و89 – ومن لم يعد يذكر نعود الى شهر نوفمبر 89 والذي اعلن فيه الاتفاق على إعادة اليمن بشطريه الى سياقه التاريخي الصحيح..واذا ما تجاوزنا كل هذا سنجد ان الكثير من اليمنيين الذين انساقوا وراء الشعارات والمشاريع التقسيمية والمدمرة بعفوية يستعيدون وعيهم ويكتشف الكثير منهم ان لا خير لليمن واليمنيين الا بوحدتهم وان لا خيار أمامهم الا التفاهم والتلاقي والحوار خاصة وان هذا البلد اثبت انه بموقعه الجيوسياسي وبما يزخر به من الثروات سيكون ليس رقما صعبا ومؤثرا بالمعادلات الإقليمية والدولية بل هو من سيرسم اتجاهاتها ويشارك في صنع تحولاتها. أوضاع المحافظات الجنوبية والشرقية المحتلة من السعودي والاماراتي والامريكي والبريطاني تعيش أوضاع كارثية على صعيد الحياة المعيشية والخدمات والوضع الاقتصادي والكبت والقمع السياسي للناس ليكتشفوا ان ما كان يسوقه الغزاة والمحتلين ومرتزقتهم ليس الا وهما والأمور هناك لا تحتاج الا الى محطة كهرباء وكم مليار للاحتفاظ بقوة العملة بدلا من طباعة عشرات الترليونات من الريالات بدون غطاء ولكن المحتلين لا يجلبون الى الدمار والخراب والاذلال وهذا ما يشعر به أبناء تلك المحافظات الذين باتوا على يقين وحتى وان لم تظهر في شعارتهم الا ان مسار الأحداث وما تشهده عدن وحضرموت ولحج وابين وشبوة تؤكد هذه الحقيقة والحالة الاستثنائية الوحيدة الواضحة والصريحة بوحدويتها هي محافظة المهرة. الوحدة بحد ذاتها انجاز عظيم وهي لا تتحمل أخطاء الأشخاص والجماعات والأحزاب وأصحاب النعرات والنزعات المريضة فهذه أفعال بشرية او حيوانية لا فرق وهي ليست كما يسوق البعض انها فعل عاطفي بل هي حاجة موضوعية وهذا ما ادركه المفكرون الوطنيون من أبناء اليمن من وقت مبكر وما ادركه غالبية الشعب اليمني بوعيهم الذي يستند الى تاريخ طويل يعود الى عشرات القرون وهو تراكم أتخذ أحيانا الطابع الوجداني الذي اجتمع مع المصالح الحقيقة لأبناء اليمن جميعا ولهذا قلنا ان الوحدة هي المصير لهذا الشعب اذا أراد ان ينقذ نفسه مما هو فيه اليوم.