في غزةَ كُلُّ شيء يئنُّ ويتوجع.. البشر.. الشجر.. الحجر؛ في غزة كُلّ شيء يصرُخُ ويستصرخ مَن يمتلك في نفسه ذرةً من إنسانية، ليس لتقديم الدعم والمساعدة، مثل الماء والغذاء والدواء، فحسب، بل بالدم والنصرة واستمرار الموقف المساند المتضامن، والضاغط حتى تحقيقِ الحرية والاستقلال والعدالة والإنصاف والعيش الكريم فيها. في اليمن تمثِّلُ فعالياتُنا اليومية وخروجُنا الأسبوعي في المسيرات المليونية أسمى أشكال التعبير عن التضامن والنصرة، ودعم الكرامة الإنسانية، وأرقى صور الانتصار للحرية التي لا وطن لها ولا أرض؛ لأَنَّها سماء، والسماء وطن الجميع، وفلسطين أرض العروبة والإسلام. خرج الشعب اليمني في (1.368) ساحة. في موقفٍ يعبِّرُ عن الحرية التي هي روحُ الموقف الأخلاقي والإنساني؛ فبدون الحرية لا أخلاق ولا إنسانية ولا إبداع في موقف ولا واجب؛ ولأنها أَسَاسُ القيم الإنسانية لا تُعطَى على جرعات؛ فالمرء إمّا أن يكونَ حُرًّا أَو لا يكون. واحتشد الشعب اليمني في أكثر من (1.368) ساحة وميدان في العاصمة صنعاء ومختلف المحافظات وعلى النحو التالي: العاصمة صنعاء: ميدان السبعين، محافظة إب: (280) ساحة، محافظة حجة: (275) ساحة، محافظة الحديدة: (265) ساحة، محافظة عمران:(106) ساحات، محافظة المحويت: (94) ساحة، محافظة تعز: (82) ساحة، محافظة ريمة:(76) ساحة، محافظة ذمار: (52) ساحة، محافظة الجوف:(49) ساحة، محافظة صعدة:(41) ساحة، محافظة البيضاء:(23) ساحة، محافظة مأرب: (17) ساحة، محافظة الضالع:(4) ساحات، محافظة لحج: (3) ساحات. إن الخروج مع غزة مسؤوليةٌ جماعيةٌ؛ لأَنَّها موقفٌ لا يُستجدَى بل هبةٌ مِنَّا عن رغبة بأن نكون مسؤولين عن أنفسنا، فالمواقف الحرة ثمرةٌ نادرة، تنبت على شجرة نادرة تُدْعَى الوعي والفهم والإدراك لما يجب أن نكونَ عليه، في موقفٍ يلخِّصُ أهميّة حياتنا وكيف يمكن لمشاركتنا أن تكونَ وسيلةً لتحقيق مبادئنا في هذه الحياة. إن الخروج إلى ساحات فلسطين خطوة أولى قوية، تتطلَّبُ شجاعة وإصراراً واستمرارية؛ كونها تعبيرًا صادقًا عن الوقوف في المستقبل في مواجهة مباشرة مع ذلك العدوّ الذي ينفردُ بغزة وأهلها، وضد كُلّ أشكال الظلم والقمع، بما يعكسُ قِيَمَنا الإيمانية والإنسانية والأخلاقية.