كشف محللون صهاينة عن مخاوف متصاعدة داخل الأوساط السياسية في كَيان الاحتلال إزاء توسّع الولاياتالمتحدة في الإعلان عن خطوات "تطبيع" جديدة مع دول ترتبط أصلًا بعلاقات كاملة مع (إسرائيل)، كان آخرها إعلان واشنطن ضمّ كازاخستان إلى ما يسمى (اتّفاقيات أبراهام)، رغم العلاقات الممتدة بين الجانبين منذ أكثر من ثلاثة عقود. وفي مقال نشرته صحيفة "يسرائيل هيوم"، أوضح خبير السياسة الدولية وإدارة الأزمات والاتصال الاستراتيجي شاي غال أن إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن كازاخستان لم يكن إنجازا فعليًّا، بل "استعراضا" سياسيًّا يخفي ما وصفه ب"وهم جيو-استراتيجي".. وذكّر غال بأن علاقات كًيان الاحتلال ونور سلطان راسخة منذ سنوات طويلة، شملت زيارات رسمية رفيعة، وتعاونًا في التكنولوجيا والزراعة والطاقة، واستخدام (إسرائيل) لمرافئ كازاخستان وإطلاق أقمارها الصناعية من أراضي الأخيرة. وأشَارَ غال إلى أن "الصمت الإسرائيلي" إزاء خطوة واشنطن جاء لتفادي الإحراج، خَاصَّة أنها كشفت – وفق قوله – مشكلة أوسع تتعلق بتسويق الولاياتالمتحدة رؤيتين متناقضتين لنظام عالمي جديد. الأولى تتمثل في "الممر الأوسط" الذي تقوده تركيا لربط الصين بأُورُوبا عبر آسيا الوسطى والقوقاز، وهو ممر يرى غال أنه يعزز نفوذ أنقرة بعد توقف خط السكك الحديدية العابر لسيبيريا منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية. في المقابل، يرى غال أن مشروع IMEC، الممرّ الهندي المتوسطي، يمثل رؤية استراتيجية مختلفة تقوم على شراكات بين الهند والإمارات والسعوديّة والأردن و(إسرائيل) وقبرص واليونان، عبر شبكة مترابطة من الموانئ والطاقة والسكك الحديدية والبيانات، واصفًا هذا الممرَّ بأنه "جسر هندي–عربي–متوسطي" يمتد من مومباي إلى بيريوس، ويوفر للعالم مسارًا مستقرًّا بمواجهة النفوذ الروسي والصيني والتركي. وبيّن الخبير أن إدراج كازاخستان تحت مظلّة اتّفاقيات أبراهام خلط بين هذه الممرات المختلفة، و"شوّه الرسالة الاستراتيجية" التي تسعى واشنطن لترسيخها في المنطقة.. كما لفت إلى أن الولاياتالمتحدة تنظر لكازاخستان بوصفها مصدرًا مهمًّا لليورانيوم والمعادن النادرة التي تحتاجها الصناعات الأمريكية. وَأَضَافَ غال أن هجوم حماس في 7 أُكتوبر 2023 أَدَّى إلى تعطيل مشروع IMEC الذي أعلن عنه قبل شهر واحد فقط، وهو مشروع ترى إيران – بحسبه – أنه يهدّد نفوذها الإقليمي، كما استغل اليمنُ الوضعَ عبر استهداف خطوط الملاحة لكيان الاحتلال وداعميه في البحر الأحمر؛ ما أَدَّى إلى ارتفاع تكاليف الشحن خلال العدوان على غزة وتحويل مسارات التجارة للشركات المتخادمة مع الاحتلال نحو طرق أطول حول إفريقيا. وأشَارَ إلى أن تركيا قدّمت "الممر الأوسط" كبديل آمن في ظل الفوضى بالبحر الأحمر، بينما قدّمت الهند نهجًا مغايرًا يقوم على بناء القوة من خلال تكامل المعلومات والاتصالات والفضاء وسلاسل التوريد العابرة للقارات، وهو جوهر فلسفة IMEC. وأكّد غال أن الممر الهندي المتوسطي انتقل بالفعل من مرحلة الفكرة إلى التنفيذ، عبر مشاريع سكك حديدية جديدة في الهند والسعوديّة، وتوسعة موانئ جدة وحيفا، إضافة إلى مشروع الربط الكهربائي البحري الضخم في أُورُوبا بتمويل من الاتّحاد الأُورُوبي. واختتم الخبير بالقول إن قمة الطاقة الأخيرة في أثينا شهدت تجديد آلية "3+1" بين (إسرائيل) واليونان وقبرص والولاياتالمتحدة؛ مما يضع الأَسَاس للمرحلة المقبلة؛ مؤكِّدًا أن السياسة الخارجية الأمريكية تقفُ اليوم بين "إدارة الأوهام" و"بناء نظام عالمي مستقر"، مؤكّدًا أنه "لا يمكن الجمع بينهما