السياسة الهندية واستراتيجياتها تعدد فى النفوذ التجاري وعلى توسيع دائرة مصالحها الاقتصادية مع محيطها الإقليمي والدولي .. وقد ظلت الهند تحت انظار العالم بتجارتها المتعددة .. وقد كان للشرق الاوسط المدى الجغرافي للنشاط الهندي وللعلاقات التجارية والاقتصادية .. على المحيط الهندي وفي اطلالة على امتداد البحر العربي ستجد نفوذاً هندياً .. وفي قضايا تهم الشرق الاوسط ستجد الهند منخرطة بالتواجد في غمار ذلك الصراع المحتدم والتنافس المتواصل التي تعيشه منطقة الشرق الأوسط . وحين اتجهت الأنظار إلى الممر الهندي الذي يربط الشرق الأوسط واوروبا أتضحت أهمية الهند في هذا الميدان من التنافس بين القوى الإقليمية الكبرى الهند والصين في اطار الشرق الأوسط فهذا الممر الاقتصادي والحيوي ينظر إليه بالتوازي كأنه منافس للمشروع الصيني " الحزام والطريق " .. نظراً لحيويته وأهميته الاقتصادية وفي 20سبتمبر العام 2023م جرى توقيع مبادرة انشاء ممر الهند الشرق الاوسط وأوروبا على هامش انعقاد قمة مجموعة العشرين في نيودلهي ومثل هذه المبادرة لها أثرها على اقامة شراكات استثمارية على اتساع حجم التبادل التجاري بين الهند وبين دول الشرق الأوسط .. ومثل هذا المسعى ظهر تأثيره واضحاً في حجم التبادل التجاري بين الهندوالامارات وبين الهند والسعودية .. ففي عام 2022م وقعت النهد والإمارات اتفاقية شراكة اقتصادية افضت لوصول التبادل التجاري بينهما إلى 100مليار دولار سنوياً بحلول عام 2027م .. وبالمقابل تضاعف حجم التبادل التجاري بين دلهي والرياض ليصل إلى أكثر من 50مليار دولار .. وكانت مجلة ناشيونال انترس الأمريكية قد نشرت تقييماً بمشاركة خمسة خبراء وهم موكيش اجي الرئيس التنفيذي لمنتدى الشراكة الاستراتيجية الأمريكي الهندي , وكاوش أرها رئيس المنتدى الهندي الهادئ الحر والمفتوح , والزميل غير المقيم في المجلس الأطلسي ومعهد كراش للدبلوماسية التقنية ' وكارلوس روا الزميل في معهد الدانوب والباحث المشارك في معهد السلام والدبلوماسية , وفرانيكس تالو المستشار الدبلوماسي السابق لرئيس وزراء ايطاليا واخيراً جيوليو تيرزي عضو مجلس الشيوخ الايطالي ووزير الخارجية السابق وقد أفضى تحليل هؤلاء الخبراء إلى التأكيد بان الهدف الجوهري لمبادرة الممر الهندي هو تحسين حركة التجارة والمواصلات العالمية عبر ربط منطقة جنوب آسيا بالشرق الأوسط وأوروبا واقترحوا على أوروبا ان اعطاء الأولوية لهذه المبادرة كمكون اساسي في أي مفاوضات سلام لحل النزاعات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط . وتجدد مسار هذا الممر من الهند الى الامارات ثم السعودية ليصل الى جنوبالأردن ثم يصل الى مدينة حيفاء ومنها الى ميناء بيرايوس اليوناني بحراً ومنه الى أوربا براً ويختزل هذا الممر طريق التجارة بين الهند واوروبا بنسبة 40% ومشروع هذا الممر هو شراكة بين ثماني دول من مجموعة العشرين هي الهندوالامارات والسعودية والمانيا وايطاليا والاتحاد الاوروبي والولايات المتحدةالأمريكية وقد استفادت تل ابيب من هذا الممر حين أغلقت اليمن على اسرائيل الملاحة البحرية عبر البحر الأحمر فقد استفادت بهذا الممر لإيصال المواد الغذائية وكثير من احتياجات سلاسل التوريد عبر الممر الهندي المشار إليه . وقد وقعت الهند في مأزق التجاذبات بين طهران وواشنطن وخاصة بعد وصول ترامب في ولاية رئاسية جديدة الى البيت الأبيض وبدء حزمة ضغوط امريكية على طهران وتأثير ذلك على علاقتها بالهند.. الان الهند ترى علاقتها بإيران حتمية نظراً للشراكة الجغرافية وكذا لاتساع مصالحها مع إيران فإيران استثمرت في ميناء تشابهار الايراني الذي يضمن للهند فرصة الوصول إلى دول آسيا الوسطى والى افغانستان .. ومؤخراً دعمت دلهي اتفاقيات التطبيع الاتفاقات الإبراهيمية مع إسرائيل .. كما شهدت ولاية رئيس الوزراء الهندي مودي منذ العام 2014م علاقات نوعية مع دول الخليج ومصر واسرائيل . لذا باتت منطقة الشرق الأوسط من الأولويات في السياسة الهندية وحرصت على سياسة توازن استراتيجي والتزامها بمسار متوازن حين شدد وزير خارجية الهند على فعالية سياسة التوافق الكامل وامتلاك الرشاقة في بناء علاقة مع اطراف متعددة في الشرق الأوسط وفي العالم . وقد اصبحت منطقة الخليج جزءاً من الامن الاقتصادي والاستراتيجي الهندي. وبالأرقام وكذا بقراءة الابعاد الدبلوماسية الهندية من الملاحظ ان دلهي ترى في الشرق الأوسط عمقها الاستراتيجي وهو المدى الذي يوفر للهند مرونة ضرورية في علاقاتها الاقتصادية ونظراً لهذا الاهتمام الاقتصادي برزت الحاجة الى تعزيز الجغرافيا العسكرية والامنية للهند والشرق الاوسط سواء ما يخصها من عمل بحري لحماية الملاحة الدولية أو في مواجهة ما تسميه القرصنة البحرية أو الاسهام بناء شراكات عسكرية يوفر لها حضوراً ومستوى من العلاقات العسكرية التي تخدم توجهاتها مؤخراً ومن هنا نعي جيداً أهمية انخراط الهند في منطقة الشرق الأوسط .. فهي تسير بالتدريج نحو المجاهل الرئيسية في الشرق الأوسط وهذا ما تسير اليه البحرية الهندية في 5يناير العام 2024م بإنقاذها للسفينة ليلا نور فولك في بحر العرب إثر تعرضها لمحاولة اختطاف .. وفي 23ديسمبر من العام ذاته انقذت سفينة تعرضت للقصف من طائرة مسيرة في المحيط الهندي .. ثم اعلنت الهند في 23ديسمبر من العام ذاته انها نشرت ثلاث سفن حربية وطائرة استطلاع بحرية من طراز بي 8إيد للإسهام في حماية الملاحة البحرية في البحر العربي . بقى ان نؤكد ان الهند لها مصالح حيوية في منطقة الشرق الأوسط ولها مصلحة في استقرار الملاحة البحرية لتأمين وصول الطاقة اليها كونها مستهلك كبير للطاقة التي تأتي من إيران ومن الشرق الأوسط من السعودية والإمارات .