تلقى محرر "شبوة برس" توضيح حول مدينة شبوة القديمة وعلاقتها بالقردعي ومغالطات اللواء محسن خصروف من الشاب النبيل "أحمد محمد عيدروس السليماني".. البحث التاريخي كتبه المهندس "محمد عيدروس بن علي السليماني" وننشر المقدمة والبحث التاريخي: بعد متابعتي لمقابلة اللواء محسن خصروف في برنامج #اليمن_بودكاست، وما تطرق إليه حول محافظة شبوة وادعائه بأنها كانت تابعة للإمام، أود أن أوضح أن هذه المعلومة مغالطة صارخة ومخالفة لحقيقة التاريخ.
ومن أجل إظهار الحقيقة، أعيد نشر فقرة من مقال تاريخي كتبه والدي - رحمه الله - المهندس محمد عيدروس علي السليماني، ونُشر سابقًا في عدة مجلات محلية. وسأركز هنا على الجزء الذي يتناول حادثة احتلال الشيخ علي بن ناصر القردعي لمدينة شبوة القديمة عام 1938، وكيف تم دحره منها. ------- **القردعي يحتل شبوة القديمة: في سبتمبر من عام 1938 وقع حدث مهم سبّب أهم اقتراب رسم بريطاني من منطقة خليفة. كان ذلك الحدث هو احتلال قوات إمامية بقيادة الشيخ علي بن ناصر القردعي المرادي لمنطقة شبوة القديمة. و قد أزعجت هذه العملية الحكومة البريطانية, لأنها ترى أن سيطرة إمام اليمن عليها, سيقطع التواصل ما بين حضرموت و بيحان و أرض العوالق العليا. و على حسب المصادر البريطانية فإن القردعي كان يزمع الزحف من هناك, طبعا بعد أن تأتيه الإمدادات اللازمة, إلى عياذ و جردان و حاضنة خليفة والعوالق العليا و مرخة. و ليجعل من بيحان التي لها صلات أقوى ببريطانيا, جزيرة في وسط مناطق تدين بالولاء لإمام اليمن.
هملتن و قواته يستعيدون شبوة القديمة من القردعي: لم تتردد بريطانيا لحظة واحدة في اتخاذ الإجراء المناسب لحماية مصالحها. فقد أرسلت تسع طائرات قامت بطيران استعراضي فوق شبوة و العبر و بيحان, لتخويف القردعي و قواته و قبائل المنطقة. و عينت الكابتن "هملتن" الذي أنتقل إلى الإدارة السياسية البريطانية في عدن ليرتب لعملية استعادت شبوة من القردعي. فتواصل مع شريف بيحان و بلحارث و العاقل الهمامي , و أصطحب معه قوة من حرس الحكومة بقيادة الرايس علي جازع العولقي. فتحركت قبائل همام و كانوا حوالي مئة رجل بقيادة العاقل صالح بن حسين الهمامي ومعهم كميات من المياه على ظهور الجمال تكفي لمدة ثلاثة أيام. كما أرسل هملتن رسالة إلى آل مهدي و على وجه التحديد طالب بن علي بن أحمد, و طالب بن علي بن حسين و حسن بن علي بن مقلم مع مجموعة من أصحابهم, و يطلب حضورهم إلى شبوة لمواجهة القردعي و قواته فذهبوا و معهم الشيخ عيدروس بن أحمد بن طالب الذي تزمل قائلا: إحنا توكلنا على الباري ذي كل شيء مكتوب بالخيرة, يا حد بن غالب و يا عرما جالش هملتن من جبل صيرة.
و من جهة أخرى كانت علاقة السلطان عوض بن صالح العولقي ببريطانيا سيئة للغاية في هذا الوقت, فرفض إرسال أية قوات عولقية للمشاركة مع هملتن في دحر القردعي, و جاراه في ذلك الشيخ محسن بن فريد العولقي. كما أن عامل الإمام في البيضاء السيد محمد عبدالله الشامي (كان صديقا للقردعي) قام باتصالات سرية, بواسطة السيد ناصر بن محسن (عاقل مرخة), مع السلطان عوض بن صالح لكي يتنازل عن أية حقوق تاريخية للعوالق في شبوة, لكنه رفض ذلك أيضا.
أستسلم القردعي و قواته, دون قتال, مساء يوم 28/11/1938 بعد أن سيطرت قوات هملتن على بير الماء الوحيدة في المنطقة و بعد يومين غادرت قوات القردعي باتجاه الحدود-برا- ترافقها حراسة شرف تتكون من حرس الحكومة و مجموعة من قبائل همام. أما القردعي وبناءا على طلبه فقد طارت به إحدى الطائرات البريطانية إلى النقوب في بيحان يوم 1/12/1938, يرافقه أحد السادة و منها تحرك إلى بلاده. (لم تذكر التقارير البريطانية أسم السيد و لا عن اختطاف القردعي لهذه الطائرة, بعد أن عرف أنها تريد أخذه إلى عدن, كما يدعي البعض), وقد دامت عملية احتلال شبوة و استعادتها حوالي الثلاثة أشهر (سبتمبر-نوفمبر 1938) ما بين احتلال و مفاوضات بريطانية-يمنية, و إنذار بريطاني, ثم استعادتها. وقد اهتزت جوارح القردعي لهزيمته و أبدع قصيدة أنتقينا منها الأبيات التالية: و في شبوة طعمنا الحلو مرا و نطلب يا خفي اللطف ستري, و طيارات كم حمرا و صفرا عليها أشرار كمن هيم عفري, و سيارات تسبق هجن ضمرا على الوعد أصبحوا كلن مسري, و ضابط بيده القوة تجارا كسبت الصبر و إن الصبر نصري, و نا من جيش بالغ كل شبرا و عاد (المام) و أبنه عند ظهري, و قلبي فيه وقادة و حرا بغيت الصبر لكن ضاق صبري, نقوب أشراف ما هم قوم عثرا تحب الضيف كمن غمر بشري, و يا بيحان ماذا الفعل يجرا و عادك في الوسط مانته بقري.
الصورة للشيخ علي بن ناصر القردعي بعد استسلامه في شبوة ( 29-11- 1938. و قد أخذ هذه الصورة أحد مرافقي هملتن
--------------- **المصدر: مقال العلاقات البريطانية – الخليفية خلال الأعوام 1938-1950- بقلم والدي محمد عيدروس علي –رحمة الله.