ناطق الزراعة بغزة: حرب العدو قضت على 92% من انتاج الزيتون في القطاع    الذهب بأدنى مستوى في 3 أسابيع وسط تفاؤل بشأن اتفاق بين أميركا والصين    أسر مختطفي إب تناشد المنظمات الحقوقية الدولية التدخل العاجل للإفراج عن ذويهم    الإصلاح في تعز يشترط المال لتسليم المقرات الحكومية    أمريكا تنشر طائرات تجسس متطورة في الخليج وسط تصاعد المخاوف من الصواريخ الباليستية    المساوي:استخبارات أجنبية تسعى لزعزعة استقرار تعز والسيطرة على ساحلها    توكل كرمان أمام القضاء التركي بتهمة التحريض على الإرهاب في المغرب    مصرع 4 مهاجرين غرقا قرب السواحل اليونانية    احكام في عدد من القضايا الجزائية في صعدة    كارفاخال يتعرض لانتكاسة جديدة    عبدالرحمن شيخ: الانتقالي مشروع وطني والشراكة ضمانة ضد التفرد والفساد    سفارات لخدمة العمل اللادبلوماسي    ضبط 369 كجم حشيش في صعدة    حملة تكشف اين رواتب اليمنيين    الدكتور الترب ل"سبوتنيك": حالة اللاحرب واللاسلم في اليمن "مقصودة" ولن تستمر طويلا    الذهب ينخفض عالميًا مع ارتفاع الدولار والتفاؤل التجاري بين واشنطن وبكين    وزير الشباب والرياضة يناقش برامج تأهيل وتدريب شباب الضالع واوضاع نادي عرفان ابين    المخدرات في المهرة تثير القلق.. ضحايا في اشتباك بين الشرطة وعصابة تهريب وترويج    تصاعد القلق في حضرموت.. تسليح الحلف وفتح سؤال "من يمول الفوضى؟"    قراءة تحليلية لنص "ولادة مترعة بالخيبة" ل"احمد سيف حاشد"    بحضور وزير الدفاع الفريق الركن محسن الداعري .. تدشين شركة "طيران عدن" بإطلاق أولى رحلاتها التجريبية من مطار عدن الدولي إلى القاهرة    الرئيس الزبيدي يعزز التنسيق مع القيادات الحضرمية لتأمين حضرموت وإنهاء التواجد العسكري اليمني في الوادي    مؤامرتا الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين واليمني للجنوب العربي    المنتخب الأولمبي يبدأ معسكره الإعدادي في صنعاء استعداداً لخليجي الدوحة    الأسهم الأوروبية تسجل ارتفاعا قياسيا    صنعاء.. مناقشة دراسة أولية لإنشاء سكة حديد في الحديدة    ضبط 185 قطعة أثرية عراقية في بريطانيا    أبطال اليمن في المصارعة يشاركون دورة الألعاب الأسيوية    حالات تحكيمية مثيرة للجدل بكلاسيكو ريال مدريد وبرشلونة.. أهداف ملغاة وركلات جزاء    مزاد "بلاكاس" الفرنسي يعرض تمثال لرجل من آثار اليمن    أشاد بجهود البحرين التنظيمية.... البدر: الألعاب الآسيوية للشباب حدث رياضي مميز    ثاني حادثة خلال أقل من شهر.. وفاة امرأة نتيجة خطأ طبي في محافظة إب    "بهاء سعيد" و"أرزاق بازرعة" يتوجان أبطالًا للبطولة التأسيسية المفتوحة للدارتس بعدن    وزارة الشباب والرياضة تمنح نادي التعاون بحضرموت الاعتراف النهائي    خامس حالة خلال أسبوع.. شاب ينهي حياته في إب وسط تردي الأوضاع المعيشية    التعليم العالي تعلن بدء تحويل مستحقات الرسوم الدراسية للطلاب المبتعثين    تنظيم دورة تدريبية لأطباء زوايا التثقيف الصحي حول الرسائل الأساسية لصحة الأم والطفل    وزير التربية يدلي بتوجيه هام!    دراسة حديثة تكشف فظائع للسجائر الإلكترونية بالرئتين    اللواء بن بريك يفتح بوابة حضرموت نحو وحدة الصف الجنوبي    الشتاء يبدأ مبكرًا في اليمن.. تقلص الامطار والحرارة تلامس 3 درجات في بعض المناطق    فشل وساطة العليمي بين قيادة الهضبة وسلطة حضرموت    مصر التي رفضت تهجير الفلسطينيين لا يجوز أن تهجّر أقباطها الذين سكنوها قبل الغزو السلفي    لصوص يسرقون ألفي قطعة نقدية من متحف فرنسي    وداعا أبا اهشم    مرض الفشل الكلوي (25)    عن ظاهرة الكذب الجماعي في وسائل التواصل الاجتماعي    بعد 3 أيام من إيقاف التعامل معها.. جمعية الصرافين تعمِّم بإعادة التعامل مع شركة صرافة    عندما تتحول الأغنية جريمة.. كيف قضى روفلات القومية على أحلام عدن؟    فوضى موانئ الحديدة تكشف صراع أجنحة الحوثي على تجارة القمح وابتزاز التجار    قراءة تحليلية لنص "أنتم العظماء لا هم" ل"أحمد سيف حاشد"    ايران تطور إسفنجة نانوية مبتكرة لجراحات الأسنان    الصحة العالمية تعلن عن ضحايا جدد لفيروس شلل الاطفال وتؤكد انه يشكل تهديدا حقيقيا في اليمن    قراءة تحليلية لنص "سيل حميد" ل"أحمد سيف حاشد"    الأوقاف تحدد 30 رجب أخر موعد للتسجيل في موسم الحج للعام 1447ه    عدن: بين سل الفساد ومناطقية الجرب    فلاحين بسطاء في سجون الحقد الأعمى    الآن حصحص الحق    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الفيسبوك تحت الإملاءات الأمريكية والإسرائيلية
نشر في شهارة نت يوم 07 - 07 - 2020

في سبتمبر من العام الماضي، اجتمع ممثلو موقع فيسبوك مع الحكومة الإسرائيلية من أجل تحديد حسابات الفلسطينيين التي ينبغي حذفها على أساس أنها تشكل "تحريضًا". جاءت الاجتماعات التي دعت إليها وترأستها وزيرة "العدل" المؤيدة للاستيطان، أييليت شاكيد، وهي -واحدة من أكثر المسؤولين الإسرائيليين تطرفًا واستبدادًا- بعد أن هدد الاحتلال الإسرائيلي فيسبوك بأن عدم الامتثال طوعيًا لأوامر الحذف الإسرائيلية سيؤدي إلى سن قوانين تجبره على دفع الغرامات أو حتى حظره من الاستخدام.
إن النتائج المتوقعة لتلك الاجتماعات واضحة الآن وموثقة جيدًا، منذ ذلك الحين، يشهد الفيسبوك هجومًا رقابيًا ضد النشطاء الفلسطينيين الذين يحتجون على الاحتلال الإسرائيلي غير القانوني المستمر منذ عقود، ويواجهون توجيهات المسؤولين الإسرائيليين للموقع. في الواقع، تفاخر الإسرائيليون علنًا بمدى ولاء الفيسبوك عندما يتعلق الأمر بأوامر الرقابة الإسرائيلية.
بعد وقت قصير من انتشار أنباء في وقت سابق عن الاتفاق بين الحكومة الإسرائيلية وفيسبوك، قالت وزيرة العدل الإسرائيلية شاكيد إن تل أبيب قدمت 158 طلبًا إلى عملاق وسائل التواصل الاجتماعي على مدى الأشهر الأربعة الماضية تطلب منه إزالة المحتوى الذي اعتبرته "تحريضًا" مشيرةً إلى أن فيسبوك وافق على 95% من الطلبات، تمامًا مثلما ذكرت صحيفة نيويورك تايمز في ديسمبر من العام الماضي: "تراقب وكالات الأمن الإسرائيلية فيسبوك وترسل المنشورات التي تعتبرها تحريضًا واستجاب فيسبوك بإزالة معظمها".
ما يجعل هذه الرقابة ذات أهمية خاصة هو أن "96% من الفلسطينيين قالوا إن استخدامهم الأساسي للفيسبوك كان لمتابعة الأخبار"، ما يعني أن المسؤولين الإسرائيليين يسيطرون عمليًا على وسيلة الاتصالات الرئيسية للفلسطينيين.
في الأسابيع التي تلت الاجتماعات، أفادت صحيفة "الإندبندنت"، أن مركز الإعلام الفلسطيني الجماعي النشط ذكر إيقاف ما لا يقل عن 10 من حسابات مديري صفحاتهم باللغتين العربية والإنجليزية -التي يتابعها أكثر من مليوني شخص- سبعة منهم بشكل دائم، والتي يقولون إنها نتيجة إجراءات جديدة تم وضعها في أعقاب لقاء مسؤولي فيسبوك والاحتلال. في مارس الماضي أيضًا، أغلق فيسبوك لفترة وجيزة صفحة الفيسبوك الخاصة بحركة فتح السياسية "بسبب صورة قديمة نشرها للزعيم السابق ياسر عرفات وهو يحمل بندقية".
لقد شملت الصفحات والحسابات الشخصية التي تم تصفيتها وحجبها: شبكة الحوار الفلسطيني، غزة الآن، شبكة أخبار القدس، وكالة شهاب، راديو بيت لحم 2000، شبكة راديو الشرق، صفحة ميش هيك، رام الله نيوز، الصحفية حذيفة جاموس من أبو ديس، الناشطة قسام بدير، الناشط محمد غنام، الصحفي كامل جبيل، الحسابات الإدارية لصفحة القدس، الحسابات الإدارية وكالة شهاب، الناشط عبد القادر الطيطي، الناشط حسين شجاية، وغيرهم.
في المقابل، يتمتع الإسرائيليون بحرية فعلية في نشر ما يريدون عن الفلسطينيين، إن دعوات الإسرائيليين لقتل الفلسطينيين شائعة في الفيسبوك، وما تزال إلى حد كبير دون عائق.
ومثلما ذكرت قناة الجزيرة العام الماضي، فإن "خطابات التحريض المنشورة باللغة العبرية لفتت انتباه السلطات الإسرائيلية والفيسبوك". ووجدت إحدى الدراسات أن "122000 مستخدمًا طالبوا مباشرة بالعنف بكلمات مثل القتل أو الذبح أوالحرق حيث إن العرب هم المستهدفون في تعليقات الكراهية". ومع ذلك، يبدو أن فيسبوك يبذل القليل من الجهد للرقابة على أي من ذلك.
على الرغم من إزالة بعض أكثر الدعوات التشجيعية والصريحة للقتل في بعض الأحيان، لكن فيسبوك واصل السماح لأكثر الدعوات المتطرفة بالتحريض ضد الفلسطينيين. في الواقع، غالبًا ما استخدم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وسائل التواصل الاجتماعي لنشر ما يحرض بوضوح على العنف ضد الفلسطينيين بشكل عام. وعلى عكس قمع الفيسبوك النَشِط للفلسطينيين، فإن فكرة أن يستخدم الفيسبوك قوته الرقابية على نتنياهو أو إسرائيليين بارزين آخرين يطالبون بتصفية الفلسطينيين هو أمر غير وارد غالبًا.
يبدو أن الفيسبوك الآن يعترف صراحةً بأنه ينوي أيضًا اتباع أوامر الرقابة من حكومة الولايات المتحدة. في وقت سابق، حذفت الشركة حسابات الفيسبوك والإنستغرام لرمضان قديروف، زعيم جمهورية الشيشان، الذي كان لديه 4 ملايين متابع على هذه الحسابات. وعلى الرغم من كون قديروف -الذي أطلق العنان لحكم المقاطعة مقابل الولاء المطلق لموسكو- هو زعيم دكتاتوري اُتُّهِمَ بشكل موثق بمجموعة واسعة من الانتهاكات المروعة لحقوق الإنسان، من السجن وتعذيب المثليين ومزدوجي الميل الجنسي ومغايري الهوية الجنسية وخطف وقتل معارضيه، لكن لا شيء من هذا يخفف من وطأة التبرير المزعج والخطير لفيسبوك لحذف حساباته. قال ناطق باسم صحيفة نيويورك تايمز إن الشركة حذفت هذه الحسابات ليس لأن قديروف قاتل جماعي وطاغية، ولكن "تم تعطيل حسابات قاديروف لأنه تمت إضافته للتو إلى قائمة عقوبات الولايات المتحدة وأن شركة الفيسبوك ملزمة قانونًا بالتصرف والالتزام".
كما تشير التايمز، يبدو هذا الأساس المنطقي مشكوكًا فيه أو على الأقل غير مُتَّسِق: فالآخرون الذين هم على قائمة العقوبات نفسها، كالرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، ما يزالون نشطين على كل من الفيسبوك والإنستغرام. ما يعكس ضرورة أن نأخذ بعين الاعتبار الآثار الخطيرة لتوجهات الفيسبوك.
إن حكومة الولايات المتحدة -بمعنى إدارة ترامب في الوقت الحالي- لديها سلطة متفردة وغير مقيدة من أجل إسكات أي شخص تريده من خلال سياسات الفيسبوك والإنستغرام عن طريق إدراجهم ببساطة في قائمة العقوبات. هل يعتقد أحد أن هذه نتيجة جيدة؟ هل يثق أحد في إدارة ترامب -أو أي حكومة أخرى- تجبر منصات وسائل التواصل الاجتماعي على حذف ومنع أي شخص تريد إسكاته؟ كما قالت جينيفر جرانيك من اتحاد الحريات المدنية الأمريكية للصحيفة:
"إن السياسات هذه ليست أمرًا قانونيًا بل تبدو وكانها مُعَدَّة ومصممة للتعامل مع المواقف الخاصة حيث يكون من القانوني أو المناسب قمع الكلام"، يُجيّر قانون العقوبات لقمع الكلام إلى جانب انتهاك قيم حرية التعبير والمخاطر الخاصة بحظر الكلام، على عكس الدعوة لتطبيق حظر التجارة أو الأموال وهو ما تم تصميم العقوبات من أجله.. هذه مشكلة حقًا.
من الواضح أيضًا أن سياسة الفيسبوك المتمثلة في حظر الأشخاص لا تطبق قرارات جميع الحكومات، إذا قررت إيران، على سبيل المثال، فرض عقوبات على السياسي الأمريكي تشاك شومر لدعمه لسياسة ترامب بالاعتراف بالقدس عاصمة للاحتلال الإسرائيلي، فلن يحذف الفيسوك أبدًا حسابات زعيم الأقلية في مجلس الشيوخ بالحزب الديمقراطي -تمامًا مثلما لن يحذف روايات المسؤولين الإسرائيليين الذين يحرضون على العنف ضد الفلسطينيين. مثال آخر وقع الشهر الماضي عندما أعلنت روسيا عن عقوبات ضد العديد من المسؤولين الكنديين والتنفيذيين، ولكن ببساطة لم يتخذ فيسبوك أي إجراء لفرض الرقابة عليهم أو حجب حساباتهم. وبالمثل، هل يجرؤ الفيسبوك على فرض رقابة على السياسيين الأمريكيين أو الصحفيين الذين يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي للدعوة إلى العنف ضد أعداء أمريكا؟
كما هو الحال دائمًا في الرقابة، هناك مبدأ واحد فقط، يقود كل هذا: السلطة. حيث يخضع الفيسبوك لمطالب الرقابة من الحكومات والمسؤولين الذين يسيطرون عليها فعليًا، بينما يتجاهل من هم في الطرف الآخر، هذا هو السبب في أن الأعداء المعلنين للحكومتين الأمريكية والإسرائيلية معرضون لإجراءات الرقابة في حين أن المسؤولين الأمريكيين والإسرائيليين (وحلفائهم الأكثر استبدادًا وقمعًا) خارج إطار تكميم الأفواه.
كل هذا يوضح أيضًا نفس المخاطر الشديدة للرقابة الحكومية على خطاب الكراهية حيث تبدو حسنة النية وراغبة في حماية كل شرائح المجتمع، لكنها كما هو متوقع تُستخدَم في كثير من الأحيان ضد الفئات المهمشة، لفرض السلطة عليها بدلًا من حمايتها. يحتاج المرء فقط إلى النظر في كيفية استخدام قوانين خطاب الكراهية في أوروبا، أو في حرم الجامعات الأمريكية، لرؤية أن ضحايا الرقابة هم أشخاص غالبًا ما ينتقدون الحروب الأوروبية، أو نشطاء ضد الاحتلال الإسرائيلي، أو مدافعين عن حقوق الأقليات.
يمكن للمرء أن يخلق عالمًا خياليًا في رأسه، إذا رغب في ذلك، يستخدم فيه المسؤولون التنفيذيون في سيليكون فالي (المنطقة الجنوبية بولاية كاليفورنيا في الولايات المتحدة التي تضم جميع أعمال التقنية العالية في العالم) سلطتهم لحماية الشعوب المستهدفة في جميع أنحاء العالم من خلال مراقبة أولئك الذين يرغبون في إيذائهم. لكن في العالم الحقيقي، هذا ليس سوى حلم مزعج. ومثلما ستفعل الحكومات، ستستخدم هذه الشركات قوتها الرقابية لخدمة أقوى الأنظمة الاستبدادية في العالم وليس لتقويضها.
كما يمكن للمرء أن يصفق للرقابة الفيسبوكية على الزعماء الطغاة عندما اختفى الشيشاني من الساحة، لكن بقليل من التفكير، لقد قام الفيسبوك بذلك طاعة لقرارات الحكومة الأمريكية لا خدمة للمستهلكين أو حرصًا على حقوق الإنسان.
من الصعب تصديق أن أي وجهة نظر مثالية للإنترنت تستلزم تخويل سلطة هذه المواقع لحكومة الولايات المتحدة والحكومة الإسرائيلية والقوى العالمية الأخرى لتقرير من يمكن سماعه ومن يجب قمعه، ولكن بشكل متزايد، تحت حجة شركات الإنترنت لحمايتنا، هذا بالضبط ما يحدث.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.