947 خرقا لتحالف العدوان السعودي الأمريكي في صعدة    جزائية صعدة تصدر احكاما بقضايا مخدرات وتواجد غير مشروع باليمن    18 قتيلاً في غرق مركب مهاجرين قبالة ليبيا    اكتشاف أثري في ذمار يسلط الضوء على الإدارة الهندسية المتقدمة للمياه    الجاوي: الحكم بالقوة والإكراه يجعل السقوط مفاجئاً    تعيين أمين عام للسياسي الاعلى بصنعاء واخر لمجلس الوزراء بعدن    افتتاح رصيف جديد لاستقبال السفن التجارية غرب اليمن    المقالح يصف سلطة صنعاء بسلطة الأهل وعيال العم المعزولة عن الشعب    كأس المانيا: ضربات الترجيح تمنح بوروسيا دورتموند بطاقة التأهل على حساب اينتراخت فرانكفورت    قراءة تحليلية لنص "مراهقة" ل"أحمد سيف حاشد"    الاختطاف والتهجير.. الحرب الحوثية الخفية ضد اليمنيين    توتر في منتخب إسبانيا.. ثنائي برشلونة يلغي متابعة كارفاخال بعد أحداث الكلاسيكو    تنفيذية انتقالي خنفر تناقش الوضع الأمني والخدمي بالمديرية    تقرير خاص : تأمين منفذ الوديعة.. مطلب حضرمي من أجل الكرامة والسيادة    رئيس انتقالي لحج وضاح الحالمي يعزي بوفاة الأستاذ والتربوي فضل عوض باعوين    المنحة السعودية في طريقها لسداد حساب مكشوف للشرعية في جدة    المملكة المغربية تقاضي حمالة الحطب اليمنية توكل كرمان في تركيا    انطلاق ملتقى "RT Doc" للأفلام الوثائقية بالقاهرة    صنعاء.. إيقاف التعامل مع منشأة صرافة    رئيس هيئة الاستثمار يطلع على سير عمل مصنع شفاكو للصناعات الدوائية    مسيرات في مديريات حجة وفاءًا لدماء الشهداء وتأكيداً على الجهوزية    صحيفة دولية: الدين الخارجي لحكومة المرتزقة يبلغ نحو 7 مليارات دولار    مكتب الصحة في البيضاء يتسلم 4 سيارات إسعاف    مدرسة 22 مايو بسيئون تحيي فعالية توعوية بمناسبة الشهر الوردي للتوعية بسرطان الثدي ..    غزة.. استخراج رفات 42 فلسطينيا مجهولي الهوية من مقبرة عشوائية    إجراء قرعة بطولة التنشيطية الثانية لكرة الطائرة لأندية حضرموت الوادي والصحراء ( بطولة البرنامج السعودي )    اتحاد حضرموت يفتتح مشواره بالستة على مدودة في كاس حضرموت للناشئين    النفط يتراجع مع ترقب زيادة إنتاج (أوبك)    ميسي يحسم موقفه من مونديال 2026    البيضاء .. تدشين المخيم الطبي المجاني الشامل للأطفال بمدينة رداع    بإيرادات قياسية... باريس سان جيرمان يصعد إلى المركز السابع بين أغلى فرق العالم    نائب وزير الاقتصاد يلتقي المواطنين والقطاع الخاص خلال اليوم المفتوح    عقب اشتباكات مسلحة.. قائد محور الغيضة يؤكد ضبط جميع أفراد عصابة تتاجر بالمخدرات    هيئة المرأة والطفل بالانتقالي تشدد على ضرورة تعزيز خطط العمل المستقبلية    الأرصاد: درجات الحرارة الصغرى تنخفض إلى ما دون 5 درجات في المرتفعات    مجلس القيادة يجدد دعمه الكامل للحكومة والبنك المركزي في مواصلة تنفيذ الإصلاحات    الأسعار بين غياب الرقابة وطمع التجار    فلسفة السؤال    مدينة عتق.. عطش يطارد الأهالي ومؤسسة المياه في صمت مريب    أعرافنا القبلية في خطر: إختطاف القبيلة!    الإطاحة بعصابة استغلت العمل الخيري للاحتيال على المواطنين في عدن    اتحاد كرة القدم يعيد تشكيل الجهاز الفني والإداري للمنتخب الأولمبي    سفارات لخدمة العمل اللادبلوماسي    ضبط 369 كجم حشيش في صعدة    وزير الشباب والرياضة يناقش برامج تأهيل وتدريب شباب الضالع واوضاع نادي عرفان ابين    قراءة تحليلية لنص "ولادة مترعة بالخيبة" ل"احمد سيف حاشد"    صنعاء.. مناقشة دراسة أولية لإنشاء سكة حديد في الحديدة    ثاني حادثة خلال أقل من شهر.. وفاة امرأة نتيجة خطأ طبي في محافظة إب    دراسة حديثة تكشف فظائع للسجائر الإلكترونية بالرئتين    لصوص يسرقون ألفي قطعة نقدية من متحف فرنسي    وداعا أبا اهشم    مرض الفشل الكلوي (25)    عن ظاهرة الكذب الجماعي في وسائل التواصل الاجتماعي    عندما تتحول الأغنية جريمة.. كيف قضى روفلات القومية على أحلام عدن؟    الأوقاف تحدد 30 رجب أخر موعد للتسجيل في موسم الحج للعام 1447ه    فلاحين بسطاء في سجون الحقد الأعمى    الآن حصحص الحق    أبشرك يا سالم .. الحال ماهو بسالم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حرب العُملة في اليمن: من يقف وراءها؟
نشر في شهارة نت يوم 14 - 07 - 2021

هدّد وفدُ صنعاء بصريح العبارة داخل أروقة المفاوضات قائلاً: "إذا لم تقبلوا الصفقة، فَإنَّ العُملةَ اليمنيةَ لن تساوي قيمتُها الحبرَ الذي طُبعت به".
في الآونة الأخيرة، رفعت صنعاء الصّرخةَ عاليًا على وَقْعِ توالي الطّبعات النقدية الصّادرة عن فرع البنك المركزي في عدن، ومن دون غطاء، وبشكل يفتقر إلى أبسط المعايير القانونية والدستورية. وفي هذا السياق، كشف محافظ البنك المركزي في صنعاء مؤخّراً أنَّ "بنك عدن وقَّع عقوداً تجاوزت 5.3 ترليون ريال منذ العام 2017 – 2021، بعضها نزل إلى السّوق، وبعضها يجري التخطيط لضخّه إلى السوق، ما ينذر بمزيدٍ من انهيار العُملة في المحافظات الواقعة تحت الاحتلال، ليتجاوز سعر الدولار عتبة 1000 ريال يمني.
أزمة السوق المصرفية في اليمن، وما يترتب عليها من تداعيات كارثية على قيمة العُملة نفسها أمام العملات الأجنبية الصعبة، وانخفاض القدرة الشرائية، وارتفاع الأسعار، قد تبدو من الوهلة الأولى نتاج حرب العُملة بين صنعاء وعدن، لكنَّ المسألة في حقيقة الأمر تتعداهما، وهي انعكاس لقرار سياسي أمريكي، أَو بالأحرى لحرب أطلق شرارتها الأولى السفير الأمريكي السابق ماثيو تولر إبان مفاوضات الكويت في العام 2016، بعد فشله في تمرير صفقة سياسية تقضي باستسلام صنعاء لشروط واشنطن وإملاءاتها.
وقد هدّد وفد صنعاء بصريح العبارة داخل أروقة المفاوضات قائلاً: "إذا لم تقبلوا الصفقة، فَإنَّ العُملة اليمنية لن تساوي قيمتها الحبر الذي طُبعت به". ذلك ما كشفه رئيس الوفد الوطني المفاوض محمد عبد السلام، وكان رده قوياً، إذ قال للسفير الأمريكي: "اقضِ ما أنت قاضٍ، إنما تقضي هذه الحياة الدنيا"، وانتهت المفاوضات برفض صنعاء صفقة واشنطن.
ومنذ ذلك التاريخ، بدأ التهديد الأمريكي يشقّ طريقه إلى التنفيذ تدريجيًّا عبر الخطوات التالية:
– تجميد الصّادرات من خلال فرض الحصار الشامل براً وبحراً وجواً، ما يؤثر سلباً في الجزء الأكبر من إيرادات العُملة الأجنبية.
– نقل مهام البنك المركزي من العاصمة صنعاء إلى فرع البنك في عدن، علماً أنَ ذلك مخالف للقانون وللدستور، إذ إنَّ الدستور في المادة 11 أحال إلى القانون "مسؤوليَّة تنظيم قانون العُملة والنظام المالي والمصرفي"، فيما نصَّت المادة 4 من الباب الأول في القانون رقم 14 للعام 2000 بشأن البنك المركزي اليمني، على أنَّ المركز الرئيسي للبنك هو مدينة صنعاء، لتسيير أعماله داخل الجمهورية وخارجها.
– القرصنة على "السويفت" (نظام التحويلات المصرفية العالمي)، لنقل آلية التحويل من العاصمة صنعاء إلى محافظة عدن.
– تهديد البنوك الخارجية بعدم التعامل نهائياً مع البنك المركزي في صنعاء.
– محاولة ضرب ثقة التجار والمواطنين، بما يضمن عدم إيداع أموالهم في البنك المركزي، لإفقاد صنعاء السلطة النقدية، وحتى لا يستعيد الكتلة النقدية من خلال العُملة الصعبة الموجودة لدى القطاع الخاص.
– تجميد أرصدة البنك المركزي اليمني في الخارج، سواء في النقد الخليجي أَو الدولار الأمريكي.
– عرقلة الحوالات المصرفية من بعض الدول إلى اليمن.
ذلك كلّه على صعيد العُملة الأجنبيّة؛ مِن أجلِ الدفع نحو تآكل الاحتياطي من النقد الأجنبي لدى صنعاء. وبموازاة ذلك، تم إغراق السوق المحلية بكتلة نقدية تجاوزت 5 ترليون خلال قرابة 5 سنوات، أي ما يعادل 3 أضعاف الكتلة النقدية المطبوعة منذ العام 1965.
الهدف هو ضرب التوازن في المعروض من النقد الأجنبي أمام النقد المحلي، بحيث يتقلَّص المعروض من النقد الأجنبي مقابل تضخم النقد المحلي، بما لذلك من تأثيرات سلبية، كما أشرنا، في القدرة الشرائية وارتفاع الأسعار، في ظلِّ انعدام الحد الأدنى من الدخل وانقطاع المرتبات، وبالتالي إضعاف الدورة التجارية والاقتصادية.
أمام هذه الحرب النقدية الأمريكية في درجة أَسَاسية، اتّخذت صنعاء عدداً من الإجراءات؛ مِن أجلِ استقرار قيمة العُملة الوطنية والحفاظ على ما تبقى من الكتلة النقدية المتوفرة لديها. من أبرز تلك الإجراءات منع التداول بالعُملة غير القانونية الصادرة عن بنك عدن من دون غطاء من النقد الأجنبي والتنسيق مع الجهات المعنية، بما فيها أجهزة الأمن، لضبط أي مبالغ يحاول بنك عدن تسريبها، سواء عبر المسافرين أَو التجار، إلى المحافظة الخاضعة لسيطرة المجلس السياسي الأعلى.
ونجحت صنعاء في تثبيت سعر الصرف ليستقرّ عند 600 ريال يمني مقابل الدولار، فيما وصل الدولار إلى قرابة 1000 ريال في عدن، أي ما يزيد على 400 % من سعره الرسمي، قبل نقل مهام البنك إلى عدن، ولا يزال مرشحاً إلى الزيادة في ظلّ التضخّم النقدي وغياب السياسة النقدية.
ويرى مصرفيون أنّ ضخّ البنك المركزي في عدن السيولةَ باستمرار في السوق من دون غطاء، يفقد الريال اليمني قيمته مقابل العملات الأُخرى، ويزيد من التأزيم والحرب النقدية والاقتصادية. وبالتالي، إنَّ التجاذب بين أطراف الصراع يؤثر سلباً في النشاط المصرفي واستقرار العُملة في اليمن.
هذا الملفّ كان حاضراً بقوّة في كُلّ جولات التفاوض، من سويسرا إلى الكويت إلى السويد والأردن. وكانت صنعاء عبر فريقها السياسي والاقتصادي تطالب بتحييد الاقتصاد والقطاع المصرفي عن الصراع، وتأسيس "صندوق" أَو "حساب" تورد إليه كُلّ موارد البلاد، وتكون من مهامه صرف مرتبات كُلّ الموظفين تحت رقابة الأمم المتحدة، لكن تلك المطالب قوبلت بتعنّت حكومة المنفى، ومن ورائها السعوديّ والأمريكي، وظلَّت تنهب ثروات البلاد السيادية، وتتلاعب بالعُملة الوطنية وتدمّرها أكثر، وتسهم في ازدياد الوضع المعيشي سوءاً، إلى جانب التداعيات الكارثية للعدوان والحصار.
الخلاصة أنَّ صنعاء أبدت تماسكاً لافتاً لمواجهة كُلّ تلك العقبات، ونجحت في تثبيت سعر الصرف عند معدل لا يتجاوز 3 أضعاف السعر الأصلي، وهي خطوة لافتة مقارنة الدول ببقية المستهدفة أمريكياً، لكنَّ المشترك أنَّ ما يجري في اليمن يشبه ما جرى من انهيار الليرة التركية أثناء الأزمة بين واشنطن وأنقرة على خلفية قضية القس الأمريكي إبان حقبة ترامب، وكذلك انهيار الليرة السورية؛ بسَببِ "قانون قيصر" والعقوبات الأمريكية، وحَاليًّا انهيار الليرة اللبنانية. وقبل ذلك وخلاله انهيار التومان الإيراني، والدينار العراقي، وحتى الجنيه السوداني، رغم أنَّ عسكر السودان باتوا في الخندق الأمريكي.
كلّ هذه الأمثلة تعزّز لدينا القناعة أكثر بأنَّ الحربَ النقدية والاقتصادية أمريكية بامتيَاز، بل باتت واحدة من أبرز أشكال الحرب التي تمارسها واشنطن ضد من يعارض مشاريعها في المنطقة والعالم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.