مجددا .. 72 سفينة تركية ومصرية تتجاوز قرار حظر الملاحة الى الموانئ المحتلة    الان .. امطار على وسط صنعاء وشمال ذمار    تعز تدشن فعاليات المولد النبوي الشريف وتستكمل الترتيبات للإحتفال    القيادة التنفيذية للانتقالي تبحث التحضيرات لعقد مؤتمرات اقتصادية وخدمية محلية ودولية    ارتفاع حصيلة شهداء الإبادة الإسرائيلية في غزة إلى 61 ألفا و897    بن حبتور والنعيمي يدشنان الاستراتيجية الثانية لجامعة الرازي 2025- 2030م    شرطة المرور تنبّه بشروط تزيين السيارات خلال فعاليات المولد النبوي الشريف    إحباط ثلاث عمليات تهريب سجائر وشيش إلكترونية وأغذية علاجية بتعز    الرهوي : اليمن يفرض اليوم سيادته على البحر ومضيق باب المندب بقدراته الذاتية    مناقشة التجهيزات بساحتي الاحتفال المركزي للمولد النبوي في أمانة العاصمة    خوفا من العقوبات الدولية.. هائل سعيد يقدم تخفيضات جديدة (كشف)    شبوة: الأمن السياسي بمأرب يمنع طفلتان وجدهما من زيارة أبيهما المعتقل منذ 8 سنوات    من يومياتي في أمريكا .. أيام عشتها .. البحث عن مأوى    أفضل وأحسن ما في حلف حضرموت أن أنصاره اغبياء جدا(توثيق)    العميد جمال ديان آخر الرجال المهنيين والأوفياء    القنبلة التوراتية بدل القنبلة النووية    سيطرة العليمي والحوثيين على الانترنت خطر جسيم على أمن الجنوب وأبنائه    وطن تُذبح فيه الحقيقة ويُقدَّس فيه الفساد    أكاذيب المطوّع والقائد الثوري    مصر تستعيد من هولندا آثارا مهربة    جمعية حزم العدين التعاونية في إب... تجربة رائدة في التمكين الاقتصادي    المؤرخ العدني بلال غلام يكتب عن جولة أضواء المدينة "جولة الفل"    شركات هائل سعيد أنعم تعلن عن تخفيضات جديدة في أسعار الدقيق بدءًا من هذا اليوم السبت    تواصل الحملة الرقابية بالمحفد لضبط أسواق المحال التجارية والخضار والأسماك    سرقة مجوهرات مليونية ب 90 ثانية    الثائر علي بن الفضل الحميري    مأرب.. اعتقال صحفي بعد مداهمة منزله    مسؤولة أممية: الأزمة الإنسانية تتفاقم في اليمن والبلاد تواجه شبح كارثة انسانية    ترامب: اللقاء مع بوتين كان ممتازا    تخفيض رسوم المدارس الأهلية في العاصمة عدن 30%    إدارة مكافحة المخدرات تضبط مروج للمخدرات وبحوزته 60 شريطا من حبوب البريجبالين    الرئيس الزُبيدي يعزي العميد عادل الحالمي في وفاة والدته    السيول تقطع حركة النقل بين ساحل ووادي حضرموت    النصر السعودي يضم الفرنسي كومان رسميا من بايرن ميونخ    قائد اللواء الثاني حزم يتفقد الخطوط الأمامية لجبهة كرش الحدودية    أبو بارعة: مسؤولون في حجة يحوّلون الأجهزة الطبية إلى غنيمة    وقفة وإضراب جزئي لصيادلة تعز لمطالبة شركات الأدوية بخفض الأسعار    اختتام الدوري التنشيطي لكرة القدم في نادي شمسان    جواريولا يجهز رودري.. ويتمسك بسافينيو    توترات غير مسبوقة في حضرموت    رايو فاليكانو يصدم جيرونا بثلاثية    أضرار في تعز وتحذيرات من السيول بالمرتفعات    وفاة 23 شخصا بتعاطي خمور مغشوشة في الكويت    هل يُحسم أمر التشكيلات العسكرية الخارجة عن إطار الدولة في حضرموت؟    الاشتراكي "ياسين سعيد نعمان" أكبر متزلج على دماء آلآف من شهداء الجنوب    تريم على العهد: وقفة للمطالبة بالعدالة لدم الشهيد #يادين (بيان)    كسر طوق الخدمات.. الرئيس الزُبيدي يقود معركة فرض الاستقرار    فنانة خليجية شهيرة تدخل العناية المركزة بعد إصابتها بجلطة    "الريدز يتألق".. ليفربول يستهل حملة الدفاع عن لقبه بفوز مثير على بورنموث    ثمرة واحدة من الأفوكادو يوميا تغير حياتك.. وهذه النتيجة    العثور على جثمان لاعب شعب إب خالد الجبري قرب الحدود اليمنية–السعودية    مارسيليا يسقط بالوقت القاتل ضد رين    بمعنويات عالية شعب إب يستعد لمباراته أمام السهام الحالمي    بين القصيدة واللحن... صدفة بحجم العمر    تعز.. سيول جارفة في قدس تلحق اضرارا فادحة بالممتلكات وتهدد قرى بالجرف والاهالي يوجهون نداء استغاثة    مدقق مالي: شركات الادوية الكبرى تسعر الدواء في صنعاء بسعر يتجاوز السعر الرسمي للدولار باكثر من 40٪    حالة من الذعر تهز الأرجنتين بسبب "كارثة" طبية أدت لوفاة العشرات    توكل كرمان، من الثورة إلى الكفر بلباس الدين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حرب العُملة في اليمن: من يقف وراءها؟
نشر في شهارة نت يوم 14 - 07 - 2021

هدّد وفدُ صنعاء بصريح العبارة داخل أروقة المفاوضات قائلاً: "إذا لم تقبلوا الصفقة، فَإنَّ العُملةَ اليمنيةَ لن تساوي قيمتُها الحبرَ الذي طُبعت به".
في الآونة الأخيرة، رفعت صنعاء الصّرخةَ عاليًا على وَقْعِ توالي الطّبعات النقدية الصّادرة عن فرع البنك المركزي في عدن، ومن دون غطاء، وبشكل يفتقر إلى أبسط المعايير القانونية والدستورية. وفي هذا السياق، كشف محافظ البنك المركزي في صنعاء مؤخّراً أنَّ "بنك عدن وقَّع عقوداً تجاوزت 5.3 ترليون ريال منذ العام 2017 – 2021، بعضها نزل إلى السّوق، وبعضها يجري التخطيط لضخّه إلى السوق، ما ينذر بمزيدٍ من انهيار العُملة في المحافظات الواقعة تحت الاحتلال، ليتجاوز سعر الدولار عتبة 1000 ريال يمني.
أزمة السوق المصرفية في اليمن، وما يترتب عليها من تداعيات كارثية على قيمة العُملة نفسها أمام العملات الأجنبية الصعبة، وانخفاض القدرة الشرائية، وارتفاع الأسعار، قد تبدو من الوهلة الأولى نتاج حرب العُملة بين صنعاء وعدن، لكنَّ المسألة في حقيقة الأمر تتعداهما، وهي انعكاس لقرار سياسي أمريكي، أَو بالأحرى لحرب أطلق شرارتها الأولى السفير الأمريكي السابق ماثيو تولر إبان مفاوضات الكويت في العام 2016، بعد فشله في تمرير صفقة سياسية تقضي باستسلام صنعاء لشروط واشنطن وإملاءاتها.
وقد هدّد وفد صنعاء بصريح العبارة داخل أروقة المفاوضات قائلاً: "إذا لم تقبلوا الصفقة، فَإنَّ العُملة اليمنية لن تساوي قيمتها الحبر الذي طُبعت به". ذلك ما كشفه رئيس الوفد الوطني المفاوض محمد عبد السلام، وكان رده قوياً، إذ قال للسفير الأمريكي: "اقضِ ما أنت قاضٍ، إنما تقضي هذه الحياة الدنيا"، وانتهت المفاوضات برفض صنعاء صفقة واشنطن.
ومنذ ذلك التاريخ، بدأ التهديد الأمريكي يشقّ طريقه إلى التنفيذ تدريجيًّا عبر الخطوات التالية:
– تجميد الصّادرات من خلال فرض الحصار الشامل براً وبحراً وجواً، ما يؤثر سلباً في الجزء الأكبر من إيرادات العُملة الأجنبية.
– نقل مهام البنك المركزي من العاصمة صنعاء إلى فرع البنك في عدن، علماً أنَ ذلك مخالف للقانون وللدستور، إذ إنَّ الدستور في المادة 11 أحال إلى القانون "مسؤوليَّة تنظيم قانون العُملة والنظام المالي والمصرفي"، فيما نصَّت المادة 4 من الباب الأول في القانون رقم 14 للعام 2000 بشأن البنك المركزي اليمني، على أنَّ المركز الرئيسي للبنك هو مدينة صنعاء، لتسيير أعماله داخل الجمهورية وخارجها.
– القرصنة على "السويفت" (نظام التحويلات المصرفية العالمي)، لنقل آلية التحويل من العاصمة صنعاء إلى محافظة عدن.
– تهديد البنوك الخارجية بعدم التعامل نهائياً مع البنك المركزي في صنعاء.
– محاولة ضرب ثقة التجار والمواطنين، بما يضمن عدم إيداع أموالهم في البنك المركزي، لإفقاد صنعاء السلطة النقدية، وحتى لا يستعيد الكتلة النقدية من خلال العُملة الصعبة الموجودة لدى القطاع الخاص.
– تجميد أرصدة البنك المركزي اليمني في الخارج، سواء في النقد الخليجي أَو الدولار الأمريكي.
– عرقلة الحوالات المصرفية من بعض الدول إلى اليمن.
ذلك كلّه على صعيد العُملة الأجنبيّة؛ مِن أجلِ الدفع نحو تآكل الاحتياطي من النقد الأجنبي لدى صنعاء. وبموازاة ذلك، تم إغراق السوق المحلية بكتلة نقدية تجاوزت 5 ترليون خلال قرابة 5 سنوات، أي ما يعادل 3 أضعاف الكتلة النقدية المطبوعة منذ العام 1965.
الهدف هو ضرب التوازن في المعروض من النقد الأجنبي أمام النقد المحلي، بحيث يتقلَّص المعروض من النقد الأجنبي مقابل تضخم النقد المحلي، بما لذلك من تأثيرات سلبية، كما أشرنا، في القدرة الشرائية وارتفاع الأسعار، في ظلِّ انعدام الحد الأدنى من الدخل وانقطاع المرتبات، وبالتالي إضعاف الدورة التجارية والاقتصادية.
أمام هذه الحرب النقدية الأمريكية في درجة أَسَاسية، اتّخذت صنعاء عدداً من الإجراءات؛ مِن أجلِ استقرار قيمة العُملة الوطنية والحفاظ على ما تبقى من الكتلة النقدية المتوفرة لديها. من أبرز تلك الإجراءات منع التداول بالعُملة غير القانونية الصادرة عن بنك عدن من دون غطاء من النقد الأجنبي والتنسيق مع الجهات المعنية، بما فيها أجهزة الأمن، لضبط أي مبالغ يحاول بنك عدن تسريبها، سواء عبر المسافرين أَو التجار، إلى المحافظة الخاضعة لسيطرة المجلس السياسي الأعلى.
ونجحت صنعاء في تثبيت سعر الصرف ليستقرّ عند 600 ريال يمني مقابل الدولار، فيما وصل الدولار إلى قرابة 1000 ريال في عدن، أي ما يزيد على 400 % من سعره الرسمي، قبل نقل مهام البنك إلى عدن، ولا يزال مرشحاً إلى الزيادة في ظلّ التضخّم النقدي وغياب السياسة النقدية.
ويرى مصرفيون أنّ ضخّ البنك المركزي في عدن السيولةَ باستمرار في السوق من دون غطاء، يفقد الريال اليمني قيمته مقابل العملات الأُخرى، ويزيد من التأزيم والحرب النقدية والاقتصادية. وبالتالي، إنَّ التجاذب بين أطراف الصراع يؤثر سلباً في النشاط المصرفي واستقرار العُملة في اليمن.
هذا الملفّ كان حاضراً بقوّة في كُلّ جولات التفاوض، من سويسرا إلى الكويت إلى السويد والأردن. وكانت صنعاء عبر فريقها السياسي والاقتصادي تطالب بتحييد الاقتصاد والقطاع المصرفي عن الصراع، وتأسيس "صندوق" أَو "حساب" تورد إليه كُلّ موارد البلاد، وتكون من مهامه صرف مرتبات كُلّ الموظفين تحت رقابة الأمم المتحدة، لكن تلك المطالب قوبلت بتعنّت حكومة المنفى، ومن ورائها السعوديّ والأمريكي، وظلَّت تنهب ثروات البلاد السيادية، وتتلاعب بالعُملة الوطنية وتدمّرها أكثر، وتسهم في ازدياد الوضع المعيشي سوءاً، إلى جانب التداعيات الكارثية للعدوان والحصار.
الخلاصة أنَّ صنعاء أبدت تماسكاً لافتاً لمواجهة كُلّ تلك العقبات، ونجحت في تثبيت سعر الصرف عند معدل لا يتجاوز 3 أضعاف السعر الأصلي، وهي خطوة لافتة مقارنة الدول ببقية المستهدفة أمريكياً، لكنَّ المشترك أنَّ ما يجري في اليمن يشبه ما جرى من انهيار الليرة التركية أثناء الأزمة بين واشنطن وأنقرة على خلفية قضية القس الأمريكي إبان حقبة ترامب، وكذلك انهيار الليرة السورية؛ بسَببِ "قانون قيصر" والعقوبات الأمريكية، وحَاليًّا انهيار الليرة اللبنانية. وقبل ذلك وخلاله انهيار التومان الإيراني، والدينار العراقي، وحتى الجنيه السوداني، رغم أنَّ عسكر السودان باتوا في الخندق الأمريكي.
كلّ هذه الأمثلة تعزّز لدينا القناعة أكثر بأنَّ الحربَ النقدية والاقتصادية أمريكية بامتيَاز، بل باتت واحدة من أبرز أشكال الحرب التي تمارسها واشنطن ضد من يعارض مشاريعها في المنطقة والعالم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.