جدد شباب الثورة اليمنية معارضتهم للمبادرة الخليجية، ورفعت مسيرات أمس الثلاثاء شعارات ترفض التسويات السياسية ومنح الرئيس علي عبدالله صالح ورموز حكمه ضمانات من الملاحقة القضائية . وترى أغلبية شباب الساحات، بخاصة المستقلين منهم، أن "توقيع المبادرة خيانة للثورة ولدماء الشهداء" . وقال نجم الدين الرفاعي ل "الخليج": "التوقيع على المبادرة الخليجية بعد كل الدماء خيانة لدماء الشباب والتفاف على مطالب الثورة ولا تخدم سوى النخب المتخمة بسوئها وحقوق الشعب" . ويضيف: "التقاسم عام ،1990 في إشارة إلى مرحلة ما بعد الوحدة، هو من أفشل مشروع دولة المؤسسات المدنية وأثقل البلاد بكل المشاكل ما أدى إلى حرب الانفصال وصولاً إلى ما نحن عليه اليوم، والتقاسم اليوم هو ما يفشل الثورة الآن ولا يخدم إلا النخب المتسلطة سواء في السلطة أو المعارضة" . ويرفض علي هزازي المبادرة وآليتها التنفيذية جملة وتفصيلاً، ويقول: "موقفنا من المبادرة الخليجية كان واضحاً من أول لحظة بأننا لسنا طرفاً فيها، كما أننا غير معنيين بها فنحن خرجنا من أجل ثورة تصحح مسار وطن وتعيد للإنسان اليمني كرامته المسلوبة وحقوقه المغتصبة ولن نرضى بأي حلول ترقيعية من شأنها إفراغ ثورتنا من محتواها فأي قبول بالمبادرة يعتبر خيانة لدماء الشهداء" . وارتفعت الأصوات الرافضة للمبادرة مع أنباء عن قرب التوصل إلى اتفاق بين النظام والمعارضة بشأن الآلية التنفيذية التي طلب صالح تعديلها مع رفضه للبند الخاص بهيكلة الجيش . وفيما ينظر قطاع واسع من الشباب إلى المبادرة بوصفها شراً محضاً، يرى فيها آخرون مخرجاً جيداً يجنب البلاد مخاطر العنف والاقتتال، ويقف الدكتور صادق القاضي مع المبادرة، ويقول ل"الخليج": "أنا مع المبادرة وأشعر بالتفاؤل حيال كونها مخرجاً يجنب البلاد الانزلاق أكثر في التردي الأمني والسياسي والاقتصادي، ومع ذلك أشعر أن الأطراف غير مؤهلة لفتح صفحة جديدة في الحياة السياسية، في ظل انعدام الثقة بين الجميع ومراهنة كل الأطراف على تحقيق أكبر مكاسب ممكنة لنهاية الأزمة" . ويقول أمين الربيعي المحامي إن "التوقيع على المبادرة لا يحقق أي هدف للثورة لكن لا ننكر أنها تسحب فتيل الخلاف الشخصي الذي طرأ مؤخراً على رموز في المؤتمر والمشترك" . وفيما يتخوف عز الدين الصلوي أحد شباب ساحة الحرية بتعز من شيطان التفاصيل، يرى عبدالستار المقرمي أن رضوخ الرئيس صالح للتوقيع بحد ذاته يعد انتصاراً لشباب الثورة وإذلالاً لعلي صالح ونظامه، لكن المخاوف من عدم تطبيق المبادرة في ظل مماطلة صالح ومكره، حسب قوله . وبين التشكيك والتصديق، فقد انقسمت مواقف الشارع العام في اليمن إزاء التعاطي مع بوادر الانفراج المعلن للأزمة السياسية القائمة والمتصاعدة في البلاد من أكثر من تسعة أشهر . وتضاربت تصريحات قيادات حزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم وأحزاب المعارضة حيال تحديد السقف الزمني للتوقيع النهائي على المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية واختفى مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة جمال بن عمر عن المشهد الضبابي القائم إلى حد تقاطع الروايات حول ما إذا كان لا يزال في صنعاء أم غادرها متوجهاً إلى الرياض أو نيويورك، لتهيمن على واجهة المشهد العام في البلاد أجواء مبهمة من الغموض في الكشف عن حقيقة ما يعتمل على السطح من تفاعلات سياسية ومواقع أطراف الأزمة من التسوية السياسية المقترحة لمعضلة الآلية التنفيذية من قبل المبعوث الدولي . وامتنعت دار الرئاسة عن نفي أو تأكيد الموعد المتداول إعلامياً لتوقيع الرئيس ونائبه على المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، والتزمت قيادات أحزاب اللقاء المشترك المعارض حالة من "المراوحة" وعدم القطع بتحديد موعد وشيك لإنهاء مراسم التوقيع النهائي على وثيقة التسوية الخليجية المقترحة للأزمة ليتأرجح المشهد القائم بين مجرد تكهنات وتوقعات لاترتكز إلى سند رسمي أو سياسي معارض يعتد به . واعتبر الناشط السياسي البارز بساحة التغيير عبدالجليل عبدالله الحدي في تصريح ل "الخليج" ألا أحد من قيادات حزب المؤتمر الحاكم ولا حتى نائب الرئيس نفسه قادر على القطع بأن الرئيس صالح سيوقع على وثيقة المبادرة الخليجية، مشيراً إلى أن حسابات الساعات الأخيرة لتحديد مصير المساعي الإقليمية والدولية الهادفة إلى إنهاء الأزمة من قبل الأطراف الرئيسة للأزمة قد تفرز واقعاً مغايراً من التصعيد الوشيك أو التهدئة . من جهته عبر حسين أحمد علي الصلاحي، وهو ناشط سياسي مستقل في تصريح ل "الخليج" عن ذات الشكوك التي يتداولها قسم كبير من الشارع العام والتي تتمحور حول استبعاد مبادرة الرئيس صالح بالتوقيع النهائي على المبادرة الخليجية، وترجيح لجوئه سواء في حال توقيعه أو امتناعه عن التوقيع إلى المناورة واختلاق الذرائع للتنصل من التزامه حيال تنفيذ بنود المبادرة، التي اعتبر توقيعه عليها في تصريحات موثقة له مؤخراً أمام حشد من قيادات وكوادر حزبه الحاكم بأنها بمثابة حكم صادر بإعدامه . من جهة أخرى فقد فجّرت قوات موالية للرئيس علي عبدالله صالح عدداً من القنابل الصوتية في أنحاء متفرقة من ساحة التغيير في العاصمة صنعاء عشية الإعلان عن التوصل إلى تسوية سياسية للتوقيع النهائي على المبادرة الخليجية والآلية التنفيذية الخاصة بتطبيقها من قبل الرئيس صالح ونائبه وقيادات أحزاب اللقاء المشترك المعارض . وأكد عبدالرحمن العماري، أحد الناشطين البارزين في ساحة التغيير في تصريح ل "الخليج" أن انفجارات متعاقبة دوت في أنحاء متفرقة من ساحة التغيير في صنعاء ناجمة عن تفجير قوات موالية للرئيس صالح لقنابل صوتية ما أثار حالة من الهلع والفزع الجماعي في أوساط المعتصمين في الساحة . وأشار العماري إلى أنه سُمع دوي إطلاق نار مكثف ومتبادل صادر من مواقع مقابلة لمقر المعسكر الرئيسي لقوات اللواء الأول مدرع المنشقة عقب استهداف مقر المعسكر من قبل مجاميع مناوئة وموالية للنظام . من جهة أخرى، اتهم رئيس أركان قوات فرقة اللواء الأول مدرع العميد علي حسين الرقيمي الرئيس صالح بتبديد ونهب الأموال العامة والاستفراد بصناعة القرار السياسي والاقتصادي في اليمن خلال ال 33 عاماً الماضية من حكمه . واعتبر العميد الرقيمي في تصريحات صحافية أن الرئيس صالح انقلب على ثورة 26 سبتمبر 1962 وحول نظام الحكم في اليمن من حكم جمهوري إلى حكم عائلي . المصدر (الخليج)