أزمة غاز تخنق عدن ولحج.. محطات تغلق أبوابها وطوابير السيارات تمتد بلا نهاية    الرئيس الزُبيدي يبحث مع سفير الصين دعم مسار التنمية    تبادل قصف بين كابول وإسلام أباد يعيد التوتر إلى الحدود    الأردن يتخطى الكويت ويضمن التأهل للدور الثاني من كأس العرب    إذا ضربتَ فأوجع فإن الملامةَ واحدة.    افتتاح معرض المنتجات المحلية بصنعاء الجديدة بمشاركة 110 أسرة منتجة    مصادر: الوضع في القصر الرئاسي بعدن يعود إلى ما قبل مغادرة كتيبة الحماية الرئاسية    اتحاد كرة القدم يؤجل انطلاق دوري الدرجة الثانية إلى 18 ديسمبر    عاجل: رشاد العليمي يغادر معاشيق ويأمر بحرق أوراق وملفات حساسة    الكثيري يلتقي مشايخ العوامر لتعزيز الشراكة الأمنية في حضرموت    انطلاق بطولة الجمهورية للجودو في ذمار بمشاركة ست محافظات    العلامة مفتاح يطّلع على أداء وزارة الشباب ويؤكد أهمية تطوير الأنشطة الرياضية والمجتمعية    رئيس انتقالي لحج الحالمي يهنئ الدكتور صلاح شائف بمناسبة حصوله على درجة الدكتوراه بامتياز مع مرتبة الشرف    خطوة في الفراغ    عاجل: سقوط معسكر لواء 11 بيد المهربين ونهابة مأرب وقوات درع العليمي تكتفي بالمشاهدة    الأرصاد يحذر من الصقيع في المرتفعات وينبّه من اضطراب البحر في باب المندب    انخفاض التضخم في كولومبيا خلال نوفمبر بفضل تراجع أسعار الغذاء    تعز.. انفجار عنيف في مدينة التربة    قطر: مفاوضات إنهاء حرب غزة تمر بمرحلة حرجة    الأردن والعراق لحسم التأهل بكأس العرب ومواجهة مصيرية لمصر والإمارات    أقدم توراة يمنية معروضة للبيع في نيويورك    صعدة: العدو السعودي يستهدف وادي الرقو    صحيفة أمريكية: حضرموت ساحة معركة جديدة بين السعودية والإمارات    تدخين الشيشة يضاعف خطر سرطان الرئة بمقدار 2-5 مرات!    الترب:اليمن يمر بمرحلة مفصلية وبحاجة للتوافق ولغة العقل    استراتيجية التحكم الإقليمي: هيمنة على الممرات والثروات اليمنية في ضوء مؤامرة حضرموت    اعتراف أمريكي: واشنطن تستخدم سلطات الجولاني لضرب المقاومة اللبنانية    السعودية تهزم جزر القمر بثلاثية وتتأهل لربع نهائي كأس العرب    قرعة كأس العالم 2026: الافتتاح بين المكسيك وجنوب أفريقيا،    الوفد السعودي يجدد رفض ما حدث في حضرموت ويشدد على ضرورة مغادرة القوات الوافدة    حفر بئر وسط مدينة تعز يثير حالة من الاستغراب وناشطون يطالبون مؤسسة المياه بالشفافية    انخفاض اسعار السكر ومشتقات الحليب والزيوت للشهر الثالث    لأول مرة في التاريخ: احتياطي الذهب الروسي يتجاوز 300 مليار دولار    وماذا عن الاحتلال الاستيطاني اليمني؟    بين الغياب والحنين.. قراءة في ديوان (قبل أن يستيقظ البحر) للشاعر حسين السياب    الرئيس الزُبيدي يُعزّي في وفاة المناضل الأكتوبري العميد عبدالله علي الغزالي    الأرصاد: صقيع على أجزاء من المرتفعات والحرارة الصغرى تلامس الصفر المئوي    الاتحاد العربي لكرة القدم يختار الجمهور الأفضل في الجولة الأولى لكأس العرب 2025    فقيد الوطن و الساحه الفنية الشاعر سالم زين عدس    الهجرة الدولية تسجل نزوح 50 أسرة يمنية خلال الأسبوع الفائت    حضرموت وشبوة.. قلب الجنوب القديم الذي هزم ممالك اليمن عبر العصور    الرئيس المشاط يعزّي مستشار المجلس السياسي محمد أنعم في وفاة والده    مشروع جديد لصون المعالم الدينية والتاريخية في البيضاء    دعوة للتركيز على المستقبل    هيئة الآثار تنشر أبحاثاً جديدة حول نقوش المسند وتاريخ اليمن القديم    صنعاء.. شركة الغاز تمهل مالكي المحطات لتحويلها إلى محطات نموذجية    تراجع الذهب مع توخّي المستثمرين الحذر قبل اجتماع «الفيدرالي»    مدير فرع الأحوال المدنية بذمار: نحرص على تقديم النموذج الأرقى في خدمة المواطنين    دراسة حديثة تكشف دور الشتاء في مضاعفة خطر النوبات القلبية    تأخير الهاتف الذكي يقلل المخاطر الصحية لدى المراهقين    قرار حكومي بمنع اصطياد وتسويق السلاحف البحرية لحمايتها من الانقراض    ندوة ولقاء نسائي في زبيد بذكرى ميلاد الزهراء    كلية المجتمع في ذمار تنظم فعالية بذكرى ميلاد الزهراء    الهيئة النسائية في تعز تدشن فعاليات إحياء ذكرى ميلاد الزهراء    إب.. تحذيرات من انتشار الأوبئة جراء طفح مياه الصرف الصحي وسط الأحياء السكنية    رسائل إلى المجتمع    تقرير أممي: معدل وفيات الكوليرا في اليمن ثالث أعلى مستوى عالميًا    في وداع مهندس التدبّر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التعليم في جحيم الصيف وعبء الجوع
نشر في يمنات يوم 02 - 07 - 2025


عادل السياغي
بدء العام الدراسي صيفاً في مناطق الحوثيين… معاناة الأسر اليمنية بين حرارة الطقس ولهيب التكاليف
وفي مشهد يعكس واقعًا مأساويًا يتجاوز قدرات المواطنين العاديين، بدأ العام الدراسي الجديد في مناطق سيطرة جماعة أنصار الله (الحوثيين) خلال فصل الصيف، في توقيت يتناقض مع المعايير التربوية والمناخية المعمول بها عالميًا. وقد أثار هذا القرار موجة واسعة من الامتعاض بين أهالي الطلاب، الذين يواجهون ضغوطًا اقتصادية خانقة جعلت التعليم عبئًا إضافيًا لا قدرة لهم على تحمّله. في ظل هذا الوضع، تُطرح تساؤلات جوهرية حول أولويات السلطة المحلية، ومدى انسجام سياساتها التعليمية مع مصلحة المجتمع.
أولاً: قرار التوقيت الصيفي… قراءة تربوية ومناخية
من منظور تربوي بحت، يتعارض بدء العام الدراسي خلال أشهر الصيف، وخصوصًا في مناطق تشهد ارتفاعًا شديدًا في درجات الحرارة مثل الحديدة وذمار وإب، مع المبادئ الأساسية التي تراعي صحة وسلامة الطلاب. المدارس في هذه المناطق تعاني من ضعف البنية التحتية، وانقطاع الكهرباء المتكرر، وانعدام وسائل التهوية، مما يجعل العملية التعليمية شبه مستحيلة من حيث البيئة الآمنة والملائمة.
لا توجد أي إشارات أو تصريحات رسمية صادرة عن وزارة التربية والتعليم بصنعاء (الخاضعة للحوثيين) تفسّر التوقيت بشكل علمي، ما يعكس فوضى إدارية تتكرر مع كل عام دراسي. ويذهب البعض إلى أن السبب الحقيقي يكمن في محاولة السلطة الاستفادة من "فجوة الصيف" في تعزيز برامج التعبئة الطائفية أو تكثيف النشاطات المرتبطة بالأدلجة الفكرية في المدارس.
ثانياً: الأعباء المالية المتزايدة… والتعليم بوصفه رفاهية
بحسب تقارير منظمة اليونيسف وبرنامج الغذاء العالمي (WFP)، يعيش أكثر من 80% من السكان في اليمن تحت خط الفقر، وتحديدًا في المناطق التي تخضع لسيطرة الحوثيين. ولا تزال رواتب مئات الآلاف من الموظفين منقطعة منذ عام 2016، مما أجبر العائلات على تقليص نفقاتها الأساسية، بل والتخلّي عن تعليم أبنائها في كثير من الحالات.
ومع ذلك، تطالب المدارس الحكومية في صنعاء وغيرها من المناطق "بمساهمات طوعية" من أولياء الأمور – وهي مساهمات تُفرض فعليًا وتُربط بتسجيل الطالب – إضافة إلى شراء الزي المدرسي والقرطاسية والكتب، التي أصبحت تُباع بأسعار باهظة عبر السوق السوداء.
تؤكد تقارير محايدة، من ضمنها تقرير المرصد اليمني لحقوق الإنسان (2024)، أن هناك ما يشبه الخصخصة غير المعلنة للتعليم، حيث يتم تحميل المواطن كامل تكلفة العملية التعليمية في ظل غياب الدعم الحكومي، باستثناء تغطيات شكلية من منظمات دولية تركز على جوانب الإغاثة أكثر من البنية التحتية التربوية.
ثالثاً: ردود فعل الشارع… بين الغضب والصمت القسري
ما يُمكن رصده بوضوح على وسائل التواصل الاجتماعي أو في مقابلات ميدانية أعدّتها منصات مثل المصدر أونلاين والعربي الجديد، هو سخط متزايد لدى الأهالي، خصوصًا في الأحياء الفقيرة. يعبر البعض عن قلقهم من اضطرارهم إلى إخراج أبنائهم من المدارس لعدم قدرتهم على تغطية النفقات، أو من تحويل المدارس إلى أدوات ترويج سياسي بدلاً من أن تكون مؤسسات تعليمية محايدة.
لكن في المقابل، يصعب على كثيرين التعبير عن مواقفهم بشكل علني، بسبب القبضة الأمنية المفروضة على الفضاء العام، وخشية التعرض للمساءلة أو التضييق. فحتى المعلمون الذين يشتكون من ضعف الرواتب أو غياب الحوافز يفضلون الصمت.
رابعاً: تأثيرات بعيدة المدى على الأجيال
يحذّر تقرير البنك الدولي (2023) من أن تدهور التعليم في اليمن – خاصة في مناطق النزاع – سيؤدي إلى أجيال غير مؤهلة للمشاركة في التنمية الاقتصادية، مما يكرّس دورة الفقر لعقود قادمة. كما تؤكد دراسة صادرة عن جامعة أكسفورد بالتعاون مع مبادرة التعليم في مناطق النزاع (EiCC) أن أكثر من نصف الطلاب في بعض المناطق يتركون الدراسة قبل بلوغ المرحلة الإعدادية، وأن الفتيات أكثر تضررًا بسبب الأعباء المنزلية أو الزواج المبكر.
خامساً: توصيات واقعية
1. إعادة النظر في توقيت التقويم الدراسي ليكون متناسبًا مع ظروف المناخ والبنية التحتية.
2. ضمان مجانية التعليم الحقيقي ووقف جميع أشكال الجباية غير القانونية من أولياء الأمور.
3. الرقابة على المناهج والبرامج اللاصفية لضمان حياد التعليم وفصله عن التوظيف السياسي أو الطائفي.
4. الشراكة مع منظمات دولية لتأهيل المدارس وتوفير الدعم المباشر للطلاب الأكثر فقرًا.
5. فتح قنوات للمساءلة المجتمعية لضمان سماع صوت المواطنين والمعلمين ضمن عملية صنع القرار التربوي.
اخيراً
بداية العام الدراسي في مناطق سيطرة الحوثيين تعكس خللاً بنيويًا يتجاوز الجوانب التربوية، ويكشف عن أزمة في الحوكمة والتخطيط والعدالة الاجتماعية. في ظل غياب رؤية شاملة، يصبح التعليم عبئًا لا أملًا، وتتحول المدرسة من منارة للمعرفة إلى صرح محاصر بالسياسة والفقر. ومن دون تدخل عاجل ومنهجي من أطراف محلية ودولية، فإن مستقبل التعليم في هذه المناطق يبدو أكثر ظلمة من أي وقت مضى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.