مثل لقاء الرئيس الأميركي باراك أوباما بولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان فرصة للمصارحة وإيضاح ما غمض من نقاط في علاقة الولاياتالمتحدة بحلفائها في الخليج. وعكس اللقاء أهمية بالغة كونه أول لقاء يجمع الرئيس الأميركي بمسؤول خليجي بعد اتفاق الإطار النووي مع إيران الذي أثار شكوكا حول متانة العلاقة المستقبلية مع واشنطن والعواصم الخليجية. وقال مراقبون إن الولاياتالمتحدة تعمل ما في وسعها لإقناع حلفائها الخليجيين بأن اتفاق الإطار النووي وضع جملة من الضوابط والشروط التي على إيران الالتزام بها، وأن أي إخلال منها بتلك الشروط سيقود إلى تشديد العقوبات ضدها. وهو الأمر الذي حرص أوباما أمس على إبلاغه لضيفه الإماراتي. ومثل اللقاء فرصة للطرفين، فالشيخ محمد بن زايد لا شك أنه عبّر عن الهواجس التي تنتاب الإمارات وبقية دول مجلس التعاون تجاه الاتفاق وما خلفه من غموض تجاه الدور الإقليمي لإيران، وهو دور أصبح مقلقا لدول مجلس التعاون. وكان اللقاء فرصة بالنسبة إلى أوباما لإزالة الغموض الذي رافق تصريحاته الأخيرة حول الاتفاق، حيث ساد اعتقاد لدى دول مجلس التعاون بأن البيت الأبيض وكأنه تخلى عن تعهدات سابقة تجاه أمن الخليج. ويأتي اللقاء قبل قمّة كامب ديفيد التي تجمع الرئيس الأميركي بقادة دول الخليج يومي 13 و14 من مايو، وهو لقاء يريد من خلاله أوباما إرسال رسالة واضحة بشأن شراكة بلاده الاستراتيجية مع دول الخليج. وقالت صحيفة "وول ستريت جورنال" إن الإمارات التي تعتبر من بين الحلفاء المقربين جدا من واشنطن، انضمت للسعودية ومصر والأردن في تعبيرها عن شكوكها تجاه الاتفاق النووي بين الغرب وطهران. وأضافت الصحيفة أن أفضل الضمانات الأميركية للإمارات ولدول الخليج أن تزيد واشنطن من مبيعاتها العسكرية لهذه الدول، وأن ترفع من وتيرة نشاط القوات المسلحة الأميركية في مياه الخليج العربي. وأكدت أن "إدارة أوباما أصبح مفروضا عليها تحد هائل (بسبب علاقتها مع إيران) وهو كيفية الحفاظ على حلفائها العرب"، دون الاستجابة لمخاوفهم من الهيمنة الإيرانية والدور المحتمل للولايات المتحدة في دعم هذه الهيمنة. وتعتبر دول الخليج أن خلافها مع إيران أكثر بكثير من مجرد ملف نووي، وأن ما تقوم به طهران من نشر للفوضى في عموم المنطقة يضاهي في خطورته خطورة الملف النووي. وظلت الولاياتالمتحدة حتى في عهد الرئيس أوباما نفسه، تؤكد بشكل مستمر على أنها لن تسمح للإيرانيين ب"تهديد أمن شركائها"، لكن أوباما قلب المعادلة رأسا على عقب وبدا كأنه يقدم نفسه "وسيطا محايدا" بين طهران والعواصم الخليجية.