شنت شخصيات وقوى سياسية مصرية حملة انتقادات واسعة ضد نائب رئيس الجمهورية المؤقت السابق، محمد البرادعي، بعدما تقدم باستقالته من منصبه، احتجاجاً على استخدام القوة في فض اعتصامات أنصار الرئيس "المعزول"، محمد مرسي. وأعلن حزب "المؤتمر"، في بيان له الأربعاء، استنكاره لما أسماه "الموقف المتخاذل" لنائب رئيس الجمهورية المؤقت للشؤون الخارجية، والذي قال إنه "جاء في وقت تخوض فيه مصر معركة ضد الإرهاب والبلطجة، وتواجه فيه تنظيماً دولياً مدعوماً بقوى خارجية." ونقل موقع "أخبار مصر"، التابع للتلفزيون الرسمي، عن رئيس الحزب، السفير محمد العرابي، قوله: "كنا نتوقع من الدكتور محمد البرادعي أن يكون رائداً للدبلوماسية المصرية، التي تدافع عن الشعب وإرادته، التي عبر عنها ملايين المصريين يوم 30 يونيو." وبينما أكد الحزب أن مجلسه الرئاسي ومكتبه السياسي في حالة انعقاد دائم لمتابعة تطورات الأوضاع، فقد كشف عن أنه تقدم بطلب إلى "جبهة الإنقاذ"، لاستبعاد البرادعي من الجبهة، وعدم تمثيله لها، وهدد الحزب بأنه في حالة عدم الاستجابة لهذا الطلب، فإنه سينسحب من الجبهة نهائياً. إلى ذلك، اعتبر "تكتل القوى الثورية الوطنية" استقالة البرادعي في هذا التوقيت "تُعلي من المصلحة الخاصة، دون الالتفاف إلى المصلحة العليا للوطن"، واصفاُ الاستقالة بأنها "نوع من التخلي عن إدارة المشهد، أو المشاركة فيه، بتطوير وتحسين وتدارك ينجي مصر من أزمة دفعت لها البلاد من جانب جماعة الاخوان المسلمين غير المسؤولة، التي تستثمر أي حالة عبث مختلق ومتنامي، لتصدير تلك الأزمة خارجياً لخدمة موقفهم." أما رئيس حزب "الإصلاح والتنمية"، محمد أنور السادات، فقد وصف استقالة البرادعي بأنها "نوع من إرضاء الغرب على حساب الوطن، وهروباً صريحاً من المسؤولية، التي أثبت صراحة أنه غير قادر على تحملها"، داعياً إلى سحب جائزة "نوبل" من السياسي المصري، بسبب "تخليه عن المسؤولية في الانتصار لإرادة الشعب." وتابع السادات بقوله إنه "كان واضحاً منذ حكم (الرئيس الأسبق حسني) مبارك، أن اختفاء البرادعي لفترات، وظهوره فجأة في فترات أخرى، أنه شخص غير مؤهل للمسؤولية، أو لأن يكون رجل دولة"، بحسب ما جاء في بيان أورده التلفزيون المصري على موقعه الرسمي. * ماذا قال البرادعي برسالة استقالته من منصبه ؟ قدم محمد البرادعي، نائب الرئيس المصري المؤقت للشؤون الخارجية، استقالته من منصبه الأربعاء، على خلفية الأوضاع التي تمر بها البلاد. وقال البرادعي في رسالة استقالته، "أتقدم إليكم باستقالتي من منصب نائب رئيس الجمهورية، داعياً الله عز وجل أن يحفظ مصرنا العزيزة من كل سوء." كما دعا البرادعي، في رسالته، إلى "أن يحقق آمال هذا الشعب وتطلعاته، ويحافظ على مكتسبات ثورته المجيدة في 25 يناير 2011، والتي أكدها بصيحته المدوية في 30 يونيو 2013، وهى المكتسبات التي بذل من أجلها التضحيات الجسام من أجل بناء وطن يعيش فيه الجميع متمتعين بالحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية واحترام حقوق الإنسان والحكم الرشيد والتوافق المجتمع والمساواة التامة بين جميع المواطنين دون تفرقة أو إقصاء أو تمييز." وأضاف البرادعي: "لقد ساهمت قدر ما وسعني الجهد وظللت أدعو لهذه المبادئ من قبل 25 يناير ومن بعدها، دون تغيير ودون تبديل، وسأظل وفياً لها وفاءً لهذا الوطن الذي أؤمن بأن أمنه واستقراره وتقدمه لا يتحقق إلا من خلال التوافق الوطني والسلام الاجتماعي، الذي يتحقق من خلال إقامة الدولة المدنية، وعدم الزج بالدين في غياهب السياسة، واستلهام مبادئه وقيمه العليا في كل مناحي الحياة." وأشار البرادعي إلى أن "الجماعات التي تتخذ من الدين ستارا والتي نجحت في استقطاب العامة نحو تفسيراتها المشوهة للدين حتي وصلت للحكم لمدة عام يعد من أسوأ الأعوام التي مرت علي مصر حيث أدت سياسات الاستحواذ والإقصاء من جانب والشحن الإعلامي من جانب أخر إلي حالة من الانقسام والاستقطاب في صفوف الشعب." وألقى البرادعي الضوء في رسالته بقوله: "كنت أرى أن هناك بدائل سلمية لفض هذا الاشتباك المجتمعي وكانت هناك حلول مطروحة ومقبولة لبدايات تقودنا إلي التوافق الوطني، ولكن الأمور سارت إلي ما سارت إليه. ومن واقع التجارب المماثلة فإن المصالحة ستأتي في النهاية ولكن بعد تكبدنا ثمنا غاليا كان من الممكن - في رأيي - تجنبه." وأنهى نائب الرئيس المصري رسالته بقوله: "لقد أصبح من الصعب علي أن أستمر في حمل مسؤولية قرارات لا أتفق معها وأخشي عواقبها ولا أستطيع تحمل مسئولية قطرة واحدة من الدماء أمام الله ثم أمام ضميري ومواطني خاصة مع إيماني بأنه كان يمكن تجنب إراقتها.. وللأسف فإن المستفيدين مما حدث اليوم هم دعاة العنف والإرهاب والجماعات الأشد تطرفًا وستذكرون ما أقول لكم وأفوض أمري إلي الله." * من هو محمد البرادعي ؟ لعب محمد البرادعي أدوارا مختلفة في السياسة المصرية خلال السنوات الماضية، وظهر على الساحة بشكل بارز مع ثورة 25 يناير وإسقاط حكم الرئيس السابق حسني مبارك، وكذلك الفترة التي تولى خلالها محمد مرسي مقاليد السلطة، ولكن من هو محمد البرادعي الذي أوكلت إليه مهمة تشكيل الحكومة بعد التحول السياسي الجديد في مصر. إليكم أبرز النقاط في حياة البرادعي، الذي تولى رئاسة الحكومة المصرية بعد رئيس الوزراء السابق هشام قنديل، والذي كلف بتشكيل الحكومة المصرية بعد عزل مرسي: - ولد محمد مصطفى البرادعي في 17 حزيران/يوليو 1942 في العاصمة المصرية، القاهرة، والده هو مصطفى البرادعي محام ونقيب سابق للمحامين، ووالدته عايدة حجازي، تزوج من عايدة المكشوف، وأنجبا مصطفى وليلى. - حصل على شهادة البكالوريوس في مجال الحقوق من جامعة القاهرة عام 1962، وأكمل درجة الدكتوراه في جامعة نيويورك بمجال الحقوق الدولية عام 1974. - استهل البرادعي حياته العملية كموظف في وزارة الخارجية المصرية في قسم الهيئات لدى الأممالمتحدة في نيويورك وجنيف منذ العام 1964 حتى1980، والتحق بالوكالة الدولية للطاقة الذرية عام 1984 ليشغل عدة مناصب رفيعة منها المستشار القانوني للوكالة. - ومنذ العام 1981 عمل أستاذا للقانون الدولي في جامعة نيويورك حتى العام 1987. - عين مديراً للوكالة الدولية للطاقة الذرية عام 1997، وحاز على جائزة نوبل خلال عمله بالوكالة عام 2005، قبل انتهاء خدمته بعد إدارته للوكالة لدورتين متتاليتين عام 2009، أثير حوله الجدلٌ، خصوصا فيما تعلق بقضية أسلحة العراق قبل غزوها عام 2003 ، والبرنامج النووي الإيراني. - عاد إلى مصر في 27 يناير/كانون الثاني عام 2011، وسط تهديدات بالقتل، ليشارك المعارضة في مطالبها بإسقاط نظام مبارك، ورغم أن الحكومة المصرية فرضت عليه الإقامة الجبرية بمنزله في 28 يناير/كانون الثاني عام 2011، إلا أنه تجاوز أوامر الحكومة ليشارك في التظاهر مع المعارضين. - أعلن في التاسع من مارس/آذار عام 2011 رغبته في الترشح لرئاسة مصر، وبعد عشرة أيام تعرضت سيارته لهجوم على يد مجموعة منتعته من المشاركة في الاستفتاء الدستوري. - تراجع عن رغبته في الترشح للرئاسة بعد أن انتقد المجلس العسكري في 14 يناير/كانون الثاني عام 2012، بعدم قدرته على إنشاء "مؤسسة ديمقراطية حقيقية". - أعلن في 28 إبريل/نيسان عام 2012، تأسيس حزب الدستور الذي هدف منه إلى "إنقاذ الثورة الحقيقية." - شارك بتشكيل ورئاسة جبهة الإنقاذ الوطني المعارضة إلى جانب عمرو موسى وحمدين صباحي، وقد لعبت الجبهة دوراً بارزاً خلال مظاهرات 30 يونيو/حزيران 2013، التي انتهت بعزل الرئيس مرسي. - أعلنت الحكومة المصرية تكليفه برئاسة الوزراء خلفاً لهشام قنديل، وبتعيين أعضاء الحكومة الجديدة في السادس من يوليو/تموز عام 2013.