يتمتع علي أحمد صالح عزاني (7/7/1948م) بشخصية هادئة حتى ليظن من ينظر إليه بأنه رجل مسالم لا يحب الدخول في مشاكل من أي نوع في معترك الحياة، و عادة مثل هذه الصفات يُنظر لها في مجتمعنا بأنها نقاط ضعف، غير أن العزاني أعطى لها بُعداً مُغايراً بحيث باتت نقاط قوة في شخصيته بل و محل إعجاب قلما نجد له نظيراً. كان بودي التعرف على الجانب الرياضي في شخصية العزاني سواء عندما كان حارس مرمى شهير في لعبة كرة القدم، أو عندما كان مدرباً لا يشق له غبار في سماء لعبة الكرة الطائرة، ففي المرحلتين كان الرجل عنواناً رائعاً للتألق خصوصاً عند الحديث عن لعبة الكرة الطائرة بوصفه الأب الروحي لها و فارسها النبيل سواء لنادي الميناء أو للمنتخبات الوطنية المختلفة، كان بودي فعل ذلك، غير أن فارق السن بيننا حال دون أن يحدث هذا الأمر، لكن شاءت الأقدار أن أتاحت لي التعرف على العزاني عن قرب كناقد و محلل رياضي من الطراز الرفيع. شكّل قلم علي العزاني بوصفه ناقداً و مُحللاً رياضياً متخصصاً في لعبة الكرة الطائرة بل و كاشفاً بارعاً لحالات الأخطاء فيها حالة فريدة من نوعها؛ ففي الوقت الذي أفاد منتسبي اللعبة بأطروحاته القيّمة، كان في الوقت ذاته محل تربص قيادات اللعبة التي جعلت من العزاني في ساحة المعركة العدو اللدود الذي يتوجب شطبه من سماء اللعبة خصوصاً و قد (جنّدت) هذه القيادات – بعطاءاتها المالية و فوائد السفر- عدداً من الإعلاميين لمساندتها في حربها غير الشريفة ضد العزاني، مع أن الأخير كان سلاحه في المعركة قلم؛ مجرد قلم و حسب. كان موقعي كمشرف عام على 14أكتوبر الرياضي نهاية التسعينات و حتى 2007م الفرصة الحقيقية التي عرفتني على العزاني بحلته الجديدة: الناقد و المحلل الرياضي الذي لا يعرف معنى الاستسلام أبداً. بادئ الأمر وجدتُ نفسي كمشرف عام على 14أكتوبر الرياضي محل اختبار من العزاني ظناً من الأخير بأنني من المُجندين سالفي الذكر؛ بيد أن تالي الأيام راحت بتلقائية شديدة تكشف لنا – نحن الاثنين- عن كوننا واقعين في خندق واحد. جمعتني ب(العزاني الذي صار صديقاً لي) – مواقف عديدة على مدى سنوات طويلة لا يقفها إلاّ الرجال الصناديد ضد عديمي الأخلاق و الامعة والفاسدين وشعارنا : "يا جبل ما يهزك ريح". كان العزاني مثالاً نابضاً للرجل عفيف اليد و اللسان أيضاً على الرغم من غنى تاريخه الرياضي. كان هذا العزاني – و لا يزال بشموخ آسر- مثالاً رائعاً للرجل الذي جعل من ممارسة الرياضة لاعباً و مدرباً و ناقداً عنواناً ساطعاً للأخلاق السامية بكل ما تحمله الكلمة من معنى. كل عام و صديقي بشموخ آسر.