إلى اليوم، ورغماً عن كل شيء حدث وقيل، ورغماً عن تمدُّد وتوغل وتغوّل المليشيات الغازية وحروبها وأرتالها وتعزيزاتها، بقيت حزم العدين خارج دائرة الغارات والضربات الجوية تماماً. انحصرت المواجهات دائماً بين مسلحين من أبناء البلاد، بإمكاناتهم الشخصية المحدودة (بصرف النظر عن عواء وزعيق التهويل والتدليس عن مقاومة سعودية وتحالف، بينما نفدت الذخيرة الشخصية للأهالي وسط المواجهات!)، وبين جحافل مليشيا وافدة غازية متجبرة آثمة عاثت فساداً وبغياً وعدواناً، ولا تزال كذلك، وبأشنع الأساليب وأكثرها انحطاطاً. وما كان لها من سيبل إلا بالخيانات المشتراة! ومن حيث هم في جبال نائية؛ لجأ الرجال إلى الكمائن في مواجهة الجحافل، فأوجعوا. فإذا كان رفض البغي والتجبُّر والتصدي له، ومواجهة العدوان دون العرض والأرض والكرامة سوف يُقال له مقاومة، فهي أشرف من ارتهان وارتزاق لعدوانين. وشتان بين رجال وأشباه. ،،، فيما، وفي الأثناء، سمح لمستثمري الزفة، من إخوان وخونة، بالمرور والنفاذ من المناطق، ومنها إلى السعودية تباعاً، سالمين آمنين. وما كانوا يكتنزونه من سوق الاستثمار الرخيص والاسترزاق على حساب البلاد والرعية تقاسموه والنهّابة الجدد، الذين يتقاسمون المصالح والفوائد مع مرتزقة التحالف وينكِّلون بالقرى باسم ملاحقة عملاء التحالف! ،،، كثير من الصفحات والحسابات والمواقع المنسوبة زعماً إلى مقاومة في إب ومديرياتها والمزوبعة والمتاجرة بالقضايا وبالأسماء، هي في الحقيقة تدار من قبل الحوثيين أنفسهم، ومن قبل متحوثين وشركاء آخرين. ولطالما استخدمت؛ لتبرير البغي، ولتمرير الجرائم والنهب والسرقة والسلب بحق القرى، وحتى القتل وتفجير المنازل، بوصفها أعمالاً جهادية مبررة (..) ،،، هذه ليست أسراراً البتة، لكنها معلومات، لن يود المتحذلقون أبداً سماعها أو التعاطي معها. كثر حريصون على عقولهم من مخاطر التفكير. ويفضلون التفسيرات والتبريرات الجاهزة. سينكرون الحقائق حتى لو تبلجت على ساق. ،،، عوداً على بدء، اليوم حدث تطور جديد هو بمثابة استدعاء حتمي ومقصود لضربات الطائرات إلى الحزم وقراها التي بقيت بعيدة عنها، وهو ما لم يعجب المتغولين بذريعة مواجهة وملاحقة الموالين للتحالف والمدعومين من التحالف- الذي لم يدعمهم أبداً ولا هم في وارد استجداء دعم من أحد. يجب أن يستدعي الحوثيون، إذاً، ضربات جوية وغارات إلى حزم العدين، لإعفاء أنفسهم من حرج انتفاء شواهد على صدق مزاعمهم. يجب أن يبرروا ويوجدوا أسباباً تستدعي بالضرورة الطائرات؛ لتقصف، فيُقال حينها: أرأيتم، التحالف يدعمهم الآن!! بدأ الحوثيون بقصف القرى بالصواريخ والمدفعية، الخميس، انطلاقاً من مركز الحزم حيث نصبوا مدفعية ومنصات صواريخ كاتيوشا. ،،، علاوة على أن هذا إمعان في العدوان والإجرام والتجبر، فإنه، أيضاً، استدعاء عن سابق إصرار للضربات الجوية إلى القرى والمديرية. أقله كنوع من استدعاء تبرير- ولو متأخراً؛ باسم العدوان، للعدوان اليومي المتقدم والمستمر. ،،، منذ ثمانية أشهر والحزم لا تعرف إلا عدواناً حوثياً، وهو اليوم وحده من يستدعي إليها عدوان الطائرات. في الحقيقة، فإن هذا يكاد يلخص ما حدث ويحدث في اليمن عامة: "عدوان... استدعى العدوان". عدوان.. وله وجهان. ولا عزاء للعميان، الذين يرون كل شيء.. إنما بعيون الجبن والنفاق.