صعدت مسرح تيدكس المكلا تتحسس بقلبها الجو العام للقاعة ، بدأت حديثها بكل جرأة وثقة ، ظن الحضور إنها نشوة البداية فقط ، ليتفاجؤا بقصة كفاح نادرة ، بطلتها امرأة مصابة بالعمى، أبكت الكثير في قاعة مركز بلفقيه الثقافي ، ووقف لها الحضور مرتين اجلالا واكبارا لنموذج قد لا يجد مماثل له في حضرموت على الأقل. الحديث أعلاه ملخص لقصة ملهمة ترويها عن نفسها "روزا بن شعب" أحد متحدثي مؤتمر تيدكس المكلا الذي اختتم فعالياته أمس الخميس.
تقول "روزا":" في عام 1989م أصبت بالعمى اثر مرض عضال ألم بي وكنت حينها في الصف السابع ابتدائي ، فجلست في البيت ، وكل يوم أتقبل كلمات الألم والمؤاساة " مسكينة الله يعينها عمياء ".
وتضيف "كنت أسمع هذه الكلمات وأنا أردد في نفسي لا إعاقة مع الإرادة ، وإنما المعاق هو المجتمع نفسه ، الذي ينظر للمعاق بصورة سلبية".
تضيف "روزا" :"قابلت ظروفي بتحدي كبير وفي 1999م التحقت بالصف الثامن بمركز النور للمكفوفين وأكملت المرحلة الأساسية بنسبة 97%".
وتسرد "روزا" قصتها المفعمة بالتحدي للظروف القاهرة فتقول:" تقدمت للدراسة بالثانوية فرضت من قبل إدارة المدرسة بحجة أنني "عمياء" وقال لها من حولها "ماكملوا دراستهم اللي يشوفون بتجي انت العمياء تكملين" إنها لحظة خيبة أمل وكلام مؤلم وجارح ، هكذا تقول روزا ".
لم تستلم روز واقترحت على الثانوية بكل شجاعة أن يجربوها للدراسة فإذا نجحت تواصل الدراسة وذا لم تنجح فهي من ستنسحب بذاتها".
تتحدث "روزا" :"قبلت الثانوية بذلك لكن المفاجأة أني حققت المرتبة الثانية على مستوى الثانوية العامة وليس هذا فقط بل وكرمت بلقب الطالبة المثالية كذلك!!" .
هنا لم يجد الحضور في القاعة إلا أن يقفوا ويوجهوا لها تحية وسط تصفيق حار ومستمر ، حتى قالت روزا "طيب وقفوا خلوني أكمل"..
في العام 2001 أسست "روزا" أول مركز الضياء لرعاية الكفيفات وهو أول مركز من نوعه في المحافظة، تقول روزا "الآن هناك أكثر من 70 طالبة في الثانوية والجامعة من خريجات المركز".
وبينما الحضور منسجم مع قصة "روزا" وعيون الكثير تذرف دمعاً تأثرا بقصتها ، لاتزال هي تسرد انجازاتها بطريقة جذابة فهي "مدربة " وتجيد الإلقاء.
تشير "روزا" إلى أنها في العام 2004م تقدمت للجامعة وكانت مواقف الرفض هي ذاتها التي واجهتها في الثانوية "كيف لكفيفة أن تدرس في الجامعة" لكن طلابا ساعدوها واستطاعت أن تقتنع إدارة الجامعة بالالتحاق بالدراسة حسب ماتقول روزا ".
تخرجت من الجامعة بنسبة 88% تخصص لغة عربية وأثناء فترة دراستها اقتحمت مجال الإعلام من خلال مشاركات أدبية، وفي 2009 حصلت على شهادة تدريب من المنظمة الفرنسية "انترناشيونال" للتدريب.
وبعد تحقيقها الكثير من الإنجازات على الصعيد الشخصي في عدة مجالات حقوقية وتنموية تقدم لها شخص سليم للخطبة منها وسط استغراب الأهل، وقبلته وكونت أسرة ولديها اليوم ولدين وتقول إنها تكن لزوجها "أبو عمار" كل الحب والحنان .
بعد سردها الكثير من الانجازات اختتمت حديثها بالإفصاح ع مشرعها الذي تعمل من أجله " نحن هنا" لمحو آثار الوعي المزيف تجاه المعاقين .
اختتمت "روزا" مشاركتها في تيدكس المكلا، دخل زوجها مبتسما مفتخرا وبتواضع ليصطحب زوجته، وقف الحضور حينها مرة أخرى اجلالا واكبارا حتى اختفيا وراء ستار المسرح ، وسط تجاذب للحديث وإشادات واسعة بقصة كفاح نادرة.
أبرز الإنجازات التي سردتها "روزا" الكفيفة التي تحمل قلبا بصيرا :
تحقيق المركز الثاني على مستوى الثانوية العامة وتحقيق لقب الطالبة المثالية.
تحقيق نسبة 88% من في الجامعة .
عام 2001م أسست دار الضياء لرعاية وتأهيل الكفيفات وهو أول مركز من نوعه في حضرموت .
أسست جمعية الضياء لرعاية وتأهيل الكفيفات.
أسست روضة للأطفال وتعمل مديرا لها .
2004 2006 عضو اتحاد المكفوفين بالشرق الأوسط.
أدخلت أول ناطق لتعلم الحاسوب للكفيفين.
2009 حصلت على الرخصة الدولية للتدريب من المنظمة الفرنسية للتدريب.
2010 2013 ساهمت في انشاء جمعية لرعاية المعاقين بفلسطين.
في هذا العام 2015 يبث أول برنامج لها في إذاعة المكلا يحمل عنوان " معاقون لكن عظماء".
حلمها يحمل شعار " نحن هنا" لمحو آثار الوعي المزيف تجاه المعاق بحضرموت.