لم تنقطع التهديدات الحوثية للداخل والحدود السعودية منذ قيادتها لعملية "عاصفة الحزم" في اليمن مارس الماضي، إلا أن التهديد بخيارات عسكرية إستراتيجية تصاعد مع إحراز التحالف العربي بقيادة السعودية مكاسب عسكرية إستراتيجية ونوعية، ويعد تهديد قيادي حوثي بالتوغل بالأراضي السعودية كجزء من إستراتيجيتهم للرد عليها مؤشر على أزمة تعانيها جماعة الحوثي عقب سلسلة من الهزائم والانتكاسات منيت بها كان آخرها في مأرب وباب المندب.
وتنتهج جماعة الحوثي سياسة ضرب العمق الجنوبي والحدود السعودية ردًا على استهداف التحالف لقياداتها وبخاصة الميدانيين عقب إتباع التحالف سياسة مهاجمة منازل الحوثيين والمخلوع علي صالح، بالتوازي مع التقدم بمعارك في تعزومأرب، لكن الخطير في تهديدات الحوثي أنها تأتي بالتزامن مع تهديدات إيرانية فجة تلوح باستخدام الخيار العسكري في مواجهة النظام السعودي تحت ذريعة حادث منى الدامي، من قبل أهم قادة عسكريين بطهران، ما يجعل تهديد الحدود والأراضي السعودية يحمل مخاوف أشد عمقًا، خاصة مع اتهام خلية إيرانية وطهران بالتورط في عمليات إرهابية بدول خليجية واتهامها باصطناع أزمة حادث منى.
فهل ستكون الخيارات الإستراتيجية الحوثية بنكهة إيرانية مكثفة هذه المرة، وما شكل هذا التوغل وكيف سيتم، وبأي أسلحة، وسط اتهامات لطهران بمحاولة توريط السعودية بقلاقل وأزمات داخلية لمنع تقدمها في اليمن وبخاصة نحو تحرير العاصمة صنعاء بأي ثمن بحسب مراقبين.
وكان قد هدد رئيس "اللجنة الثورية العليا" لجماعة الحوثي في اليمن محمد علي الحوثي بالتوجه والتوغل في الأراضي السعودية وليس الهجوم على عدن، وذلك في توضيحه لإستراتيجية الجماعة لمواجهة التحالف الذي تقوده المملكة ضد الجماعة.
وقال "الحوثي" في حوار مع قناة الميادين، التابعة لحزب الله الشيعي، :" "القادم أسوأ للجيش السعودي"، واصفًا من يسيطرون على محافظة عدن ب"القوى الإرهابية"، وقال إن سيطرة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي وخالد بحاح عليها "شكلية"، على حد وصفه، مشيرًا إلى أن هناك توغلا مستمرا للجيش الموالي لعلي صالح وقوات الجماعة في جيزان ونجران وعسير.
انتكاسات حوثية كبيرة
تأتي هذه التصريحات أيضا في إطار الحرب النفسية والإعلامية ضد السعودية والتحالف عقب سلسلة هزائم لجماعة الحوثي وحليفهم صالح، وانتصارات نوعية للسعودية وأنباء عن مقتل قادة حوثيين ميدانيين في اليمن حيث قالت مصادر إعلامية أن مليشيات الحوثي فقدت عدد من مقاتليها في معارك ضارية على الحدود مع السعودية من بينهم قادة ميدانيين.
وأكد موقع "يمن فويس" عن مصادر وصفها "بالمطلعة" مصرع كلٌ من القيادي الحوثي أبوسيف صالح الصوفي قائد مليشيات الحوثي في الحدود مع السعودية والقيادي صالح صلب مسوؤل التموين والإمداد للجبهة، بعد معارك ضارية أمس دارت بين المليشيات الانقلابية وقوات الجيش اليمني المسنودة من التحالف".
ويأتي التصعيد الحوثي ردًا على تمكن القوات السعودية من تدمير مواقع جديدة استخدمتها ميليشيات الحوثيين والعناصر المؤيدة للمخلوع علي عبدالله صالح لتخزين الأسلحة والصواريخ في كهوف بمرتفعات النضير ورازح بمحافظة صعدة اليمنية، وصدت القوات البرية مساء أول من أمس محاولة اعتداء على قرية الجابري الحدودية.
ويعد التقدم الميداني نحو صنعاء هاجس يؤرق الحوثيين ويستهدفون عرقلته حيث واصلت أمس وحدات الجيش اليمني الموالي للحكومة الشرعية والمسنودة بقوات من دول التحالف تقدمها غرب مدينة مأرب بعد تطهيرها محيط منطقة السد من ألغام الحوثيين والقوات الموالية لهم وسيطرت على مواقع جديدة بالتزامن مع قصف جوي ومدفعي على مواقع الجماعة، كما واصلت تقدمها شمال باب المندب باتجاه ميناء المخا بعد ساعات من سيطرتها على الممر البحري ودحر المسلحين الحوثيين.
المثير للاهتمام تزامن التهديدات الحوثية مع نظيرتها الإيرانية، باستهداف الداخل السعودي وإن اختلفت الذرائع حيث أعلن القائد العام للحرس الثوري الإيراني اللواء محمد علي جعفري في تصريح له، اليوم السبت، على هامش اجتماع مقر "خاتم الأنبياء (ص)" البحري، "إن الحرس الثوري جاهز بانتظار الأوامر لاستخدام كل طاقاته المتاحة لتوجيه الرد السريع والعنيف في سياق تحقيق مطلب قائد الثورة الإيرانية علي خامنئي القائد العام للقوات المسلحة لدفع النظام السعودي لتحمل المسؤولية تجاه كارثة منى الرهيبة واستعادة حقوق الحجاج الضحايا.
الأمر الذي يستدعي وضع خطط استباقية لتأمين الحدود والداخل السعودية من أي قلاقل محتملة ففي 8 أغسطس الماضي توعد عضو ما تسمى اللجنة الثورية لجماعة الحوثي "الشيعة المسلحة" محمد المقالح، السعودية، بتنفيذ عمليات إرهابية تستهدف الحجاج على جبل عرفة في مكةالمكرمة، في محاولة للتغطية على انتصارات المقاومة الشعبية وقوات التحالف العربي بقيادة السعودية على جميع الجبهات وتحرير العديد من المدن اليمنية من ميليشيات الحوثي والقوات الموالية للمخلوع عبد الله صالح.
وقال المقالح، عبر صفحته الرسمية على موقع "فيس بوك" للتواصل الاجتماعي: "في موسم الحج سيكون هناك أمور لم يشهد لها التاريخ مثيلاً، دقوا يا رجال الله قبل الموسم ليتتوج نصركم على جبل عرفة"، وفقاً لما ذكره موقع اليمن الآن.
ولم تكشف التحقيقات بحادث منى عن الفاعل والأسباب حتى الآن ولكن هناك مخاوف واتهامات بشأن العلاقة بين ما يحدث في اليمن وما تتعرض له السعودية من أزمات داخلية متتالية.
وحتى الآن لم تؤثر تهديدات الحوثي بشكل مباشر على سير المعارك باليمن حيث أكد الرئيس عبدربه منصور هادي خلال لقاء ، أمس الجمعة، في نيويورك مع بعثة بلاده في الولاياتالمتحدة استمرار العمليات العسكرية حتى تطهير كامل المناطق اليمنية من ميليشيا الجماعة وصولاً إلى مسقط رأس زعيمها عبد الملك الحوثي في جبال «مران».
كما وعد بتحرير محافظة تعز قريباً كما تحررت مدينة عدن ومناطق باب المندب. وأكد أن وحدات الجيش الوطني ستعمل خلال 24 ساعة على فتح طريق إمداد إلى مدينة تعز التي يحاصرها الحوثيون منذ ستة أشهر ويخوضون فيها معارك كر وفر مع مسلحي «المقاومة الشعبية» والجيش الموالي للشرعية.