يطوي الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، هذا الشهر، عامه الأول على انتخابه رئيسا مؤقتا للبلاد خلفا للرئيس السابق علي عبدالله صالح وسط تباين في تقييم أدائه، وما ان كان حقق الأهداف التي اندلعت من أجلها الثورة اليمنية عام 2011. ويرى قطاع من اليمنيين أن هادي نجح في هذا العام الى حد كبير في الحفاظ على الاقتصاد من الانهيار وازاحة أقارب الرئيس السابق من المناصب المهمة في الدولة واعادة هيكلة الجيش والحفاظ على حكومة الوفاق.
وفي المقابل يرى قطاع آخر أن الرئيس لم ينجح في امتصاص دعوات انفصال الجنوب التي تشتد في الفترة الأخيرة، كما أن عودة ظهور أحمد بن الرئيس السابق في لقاء مع قادة عسكريين لوحدات ما كانت تسمى بقوات الحرس الجمهوري يشي بأن مشروع توريث الحكم ما زال يلوح في الأفق.
وتنحى علي عبد الله صالح في 23 نوفمبر»تشرين الثاني 2011 بموجب اتفاق نقل السلطة المعروف باسم المبادرة الخليجية بعد ثورة شعبية ضد نظام حكمه.
وحددت المبادرة الخليجية خريطة طريق لمرحلة الانتقال السياسي في اليمن كانت أبرز نقاطها تشكيل حكومة وفاق وطني مناصفة بين الحزب الحاكم وأحزاب المعارضة، على أن ترأسها شخصية معارضة، و اجراء انتخابات رئاسية مبكرة ، ينتخب فيها رئيس لمدة عامين، واصدار قانون يحمي الرئيس السابق عبدالله صالح من الملاحقة القضائية، وعقد حوار وطني بين مختلف القوى السياسية. وانتخب هادي، الذي ظل نائبا للرئيس السابق لنحو 17 عاما، كمرشح توافقي لجميع القوى في انتخابات جرت في فبراير»شباط 2012؛ مما منحه فرصة الحصول على أكثر من 6 ملايين صوت بزيادة كبيرة عما حصل عليه صالح في انتخابات سبتمبر »أيلول 2006.
ويقول عبدالسلام محمد، رئيس مركز أبعاد للدراسات باليمن، انه في المسار السياسي نجح هادي في الحفاظ على حكومة الوفاق من خلال التوازنات، وعمل على تقريب وجهات النظر بين الأحزاب في كثير من القضايا، وحاول تحقيق ما نصت عليه المبادرة الخليجية بالتدرج. ويضيف لقد حدد موعد انعقاد الحوار الوطني، وحاول التخفيف من حدة تأثير التدخل الايراني، ومن حدة التيار الانفصالي، وقدم الكثير من أجل اضعاف تيارات العنف المسلح في هذه الفترة مثل القاعدة، أو على الأقل اعاقتها عن استخدام السلاح مثلما حدث مع الحوثيين، أو عرقلة التوجه لتفجير الحرب الأهلية كما يريد بعض تيارات الحراك الجنوبي قوى سياسية تطالب بانفصال الجنوب عن الشمال .
وفيما يتعلق بالمجالات العسكرية والاقتصادية قال هادي توجه لاعادة ترتيب المؤسسة العسكرية وتوحيدها وان بشكل بسيط، لكن أهم انجاز هو وضع العسكر في اطار شبه مؤسسي لا يستطيع فرد أو نظام سابق أو جهة تحريكها ضد طرف آخر .
كما تمكن اقتصاديا من تحقيق منجزين، هما وقف تدهور العملة وارتفاع احتياطي البلاد من العملات الأجنبية الى جانب التواصل مع المانحين الدول المانحة للمساعدات . من جانبه يعدد المتحدث باسم اللجنة التنظيمية للثورة في ساحة التغيير بصنعاء، محمد الصبري، انجازات هادي في قرارات هيكلة الجيش ودمجه وهيكلة الأمن والداخلية وابعاد أبناء الرئيس السابق وأقاربه من المؤسسات العسكرية والأمنية والمدنية، اضافة الى التشاور مع مختلف شرائح المجتمع بكل القرارات، وتعاطيه الايجابي مع القضية الجنوبية.
أما الكاتب والمحلل السياسي، محمد الغابري، فيرى أن الانجازات التي تحققت محدودة وهي تنحصر في قرارات اعادة توحيد وهيكلة الجيش وبشكل أفضل نسبيا في المؤسسة الأمنية .
وفي مقابل هذه الانجازات التي تحققت ثمة اخفاقات تمثل تحديات ليس للرئيس فحسب وانما للبلاد أيضا، بحسب الغابري.
ويوضح ان وحدة البلاد التي كانت من أولويات الرئيس بعد انتخابه أصبحت مهددة بفعل تزايد دعوات الانفصال بصورة أكبر عما كانت عليه في السابق. وباعتقاده فان هادي فشل في تحقيق أغلب أهداف الثورة التي أصبح مطالبا بتحقيقها بعد توليه الرئاسة، ومنها اسقاط مشروع التوريث بشكل كامل في ظل عدم وجود مؤشرات مطمئنة على ذلك .
ويدلل الغابري على ذلك بظهور أحمد علي عبدالله صالح، نجل الرئيس السابق، مؤخرا في التلفزيون متحدثا بصفته قائدا لقوات الحرس الجمهوري المنحلة، بموجب قرار هيكلة الجيش الذي أصدره هادي في أواخر ديسمبر»كانون الأول الماضي.
ويؤكد أن هناك قضايا لم يتم حسمها بعد وبقيت معلقة على الحوار الوطني مثل اعادة تصحيح السجلات الانتخابية خاصة وانها مرهونة بالاتفاق على دستور جديد للبلاد تجرى على ضوئه انتخابات برلمانية ورئاسية موحدة.
وبدوره يقول محمد الصبري، المتحدث باسم اللجنة التنظيمية للثورة في ساحة التغيير بصنعاء، الذي عدد فيما سبق عددا من انجازات هادي ان الأخير من ناحية أخرى أخفق في رعاية أسر الشهداء ومعالجة جرحى الثورة، وفشل في اصدار قانون العدالة الانتقالية، ولم يشكل لجنة لمعالجة قضايا المتضررين من الحرب التي قادها الرئيس السابق على تعز ومناطق بصنعاء، ناهيك عن عدم اقالة بعض المحافظين المتهمين بقتل الشباب .
ومن جهته يعتقد عبدالسلام محمد، رئيس مركز أبعاد للدراسات باليمن، أرجع ضعف الانجاز في الملف الأمني الى وجود ثلاثة تيارات للعنف، تعرقل التنمية، وتفجر أنابيب النفط والكهرباء، وتتمدد عسكريا على الأرض هي التيار الأيديولوجي المتمثل في الحوثيين جماعة الحوثي التي نشب بينها وبين الجيش اليمني قتالا لعدة سنوات ، والقاعدة، وتيار مناطقي متمثل في الحراك المسلح الجنوبي، وتيار له ارتباط ومصالح مع النظام السابق .