الحرب على الإرهاب حرب مقدسة، مقدسة بالمعنيين الإلهي والإنساني، لأنها دفاع عن الحرية والحق والخير والسلام.. على أن الإرهاب في اليمن، وفي كل مكان، أكبر بكثير من مجرد إرهابيين وحملة سلاح، ومنظمات إرهابية وأعمال انتحارية لُخص الإرهاب فيها، الإرهاب قبل ذلك وبعده فكر وثقافة وإيديولوجيا قائمة على الكراهية والإقصاء والعنصرية والتعصب.. الوقاية أولى من العلاج، الوقاية هنا مكافحة التطرف في خطاباته ومنابره ومرجعياته وداعميه.. وتجفيف منابعه الفكرية والمالية والسياسية.. حيث تجفيف المنابع أولى من صد الشلال، ولا يعني هذا التقليل من أهمية الحرب العسكرية المباشرة، التي هي بمثابة العلاج، حيث آخر العلاج الكي. قبل ذلك وأثناءه وبعده لا يمكن لمن يريد أن ينتصر على الإرهاب التعامل معه بمعايير مزدوجة، ويكيل بمكيالين، كما يفعل المجتمع الدولي للأسف، أمريكا التي مونت الإرهاب ضد روسيا، تحاربه اليوم في اليمن وتدعمه في سوريا، هذه المداورة تكشف عن اللعبة القذرة للحرب على الإرهاب، القوى الدولية لا تريد القضاء على الإرهاب، تريد ترويضه، وتوجيهه، ووضعه تحت السيطرة.! السلطات العربية تلعب هي الأخرى نفس اللعبة، بشكل أو بآخر، وكذلك القوى السياسية التي تتبنى المواقف الأمريكية، بازدواجيتها، الحرب على الإرهاب مسيسة وعبثية، وتخلو من التوجهات الجادة والمسئولة لاستئصاله بشكل فعال وشامل من خلال المنابع والجذور..!! المنابع والجذور ماثلة بوضوح في التيارات الدينية السياسية المتصالحة مع الإرهاب، مبدئياً، وإن انتقدت الإرهابيين، الجماعات التي تقف مع الإرهاب في سوريا .. وتدافع أو في أضعف الإيمان تصمت عنه في أبين وشبوة.. هي التي توفر الحاضنة الفكرية والبيئة المناسبة لنمو الإرهاب وتصاعده.. الإرهابي لم يولد إرهابيا، ولكنه أصبح كذلك، هذه الحقيقة تجعل من الإرهابي ضحية للإرهاب، مثله مثل ضحاياه المؤسفين، وتلقي المسئولية حيث يجب أن تُلقى، على الفكر الإرهابي وأربابه.. الخطب المتطرفة والمحاضرات المتزمتة والكتب والنشرات.. التي يتلقاها الناشئة على يد دعاة التطرف وعلماء السوء، في المساجد والمدارس والجامعات التابعة للجهات المتطرفة .. تستلب إنسانيتهم وشخصياتهم، وتحيلهم إلى أدوات قتل عمياء بشعة.. صفوة القول إن حربا على الإرهاب لا تبدأ من المدرسة والجامع ووسائل الإعلام.. ضد خطابات التطرف ومرجعيات التزمت لا يمكن أن تنتصر في أبين وشبوة ضد المسلحين!! حرب على الإرهاب لا تبدأ بنزع فتيل التطرف من عقل المتدين لا يمكن أن تصل إلى نزع فتيل الحزام الناسف من خصر الانتحاري.!