كنتُ معَ صديقي- المصري- الشاعر شعبان البوقي، في القاهرة، فسألني عن أيوب فقلت له: أيوب وطنٌ داخل الوطن ..أيوب هو نشيدنا الوطني، وأغاريد الزراعة، وألحان الحقول، وزفة العروس، ونداء البعيد، وتواشيح رمضان، وأغاني الرُّعاة، وبشارة الوحدة، وصوت الشعب، وشرارة الثورة، وتراتيل المولد النبوي، وأهازيج الحصاد، ولوعة الشوق، وحنين المفارق، ولوعة المغترب.. ثم قال لي كأنه يهزأ بي: أيوب أكتر من كِدَهْ.. سألته: منذ متى تسمع أيوب يا شعبان؟ قال لي: منذ سنين.. ومنذ ذلك الحين لم أعد أسمع سوى أيوب وأتتبَّع أخباره.. هو صحته عاملة إيه؟؟ طمأنته على صحة أيوب.. وفي المساء بدأ شعبان يفتح أغاني أيوب واحدةً تلو الأخرى، ومع كلِّ انتقالة من انتقالات أيوب اللَّحنية كان شعبان يتأوه ويقول: يا بوووووي، ده أيوب بيعوَّر، بيوجع.. بينما كان سالم عبيري- صديق من جيزان- قد رمى بكوفيته، وبين كلِّ دهشة وأخرى يدقُّ جبهته بيده كمن وجد جواباً لسؤالٍ أرَّقه أعواماً طوالاً.. عدتُ إلى صنعاء والتقيتُ بصديقي شعبان عبر الماسنجر، فقال لي قبل أن يرد السلام: والنبي يا مجيد عايز أسمع أيوب.. وعبر الماسنجر، أرسل له بأغنية، وأسمعه يغني مع أيوب ويتراقص طرباً، فأقول له: شعبان اهدأ أنت في مقهى انترنت ولست في البيت.. ثم يقول لي: اشتَغلِتْ الحَضْرَة.. قلت له: أي حضرة!! فقال: الحضرة.. والنبي الراجل ده خلانا زيِّ المجاذيب.. كلاب السِّكَكْ نامِتْ وأنا لسه بسمع أيوب.. كان شعبان كما قال: يحقن صوتَ أيوب طارش فى دمه، ويتمزق مع كل ياء حينما يمد أيوب صوته: يا من رحلت إلى بعيييييييييييييييييد.