بالفعل.. الطوابير في اليمن إصلاح وتهذيب كالسجون واقتحام قناة اليمن اليوم الفضائية. وإذا كان هناك فارق فهو أن السجناء يعيشون على أمل أن تقوم جماعة من هنا أو تنظيم من هناك باقتحام السجن إما من الباب الرئيسي أو بفتح ثقب كبير يكفي لخروج جمل محمل بعروس تنتمي إلى زمان (قفا نبكِ من ذكرى حبيب ومنزل). بالأمس كان آخر كلام قرأته في الجدار (ويل لأمة لا تصلي الفجر) فقلت: ومن هذا الذي لا يصلي الفجر الحاضر فيجمع بين تجنب الويل وبين الالتحاق بطابور البترول بما تبقى من البنزين في قعر السيارة . تحركت إلى مجموع محطات شمال العاصمة.. فإذا بالطوابير تملأ النظر .. وليت الطوابير أمام محطات تقوم بالتموين وإنما أرتال سيارات مصلوبة أمام محطات خالية على خزّاناتها.. سألت سائق سيارة من كل طابور هل هناك بترول؟ وجاءت الردود من نوع ..الله أعلم.. علمي علمك.. يقولوا.. هناك قاطرة أمام المحطة لكنها فارغة.. المهم طوابير على غير هدى يحركها خليط من اليأس والأمل لكن .. الأمل لا يأتي.. توكلت على الله ووقفت في طابور لأتحول من باحث عن إجابة لسؤالي هل فيه بترول إلى مُطالب بالإجابة على أسئلة البائسين الجدد، وكان لابد أن أبحث عن منفذ عبر الرصيف للهروب من طابور مجهول النهاية فيما كانت الإذاعة تردد أغنية «قد نويت اشتكي ولكن على من»! عدت خائبا من الطابور بعد أن رصدت مشاهد من إعادة توزيع الثروة داخل الطوابير..هذا يشتري من بائع متجول ماء..هذا بلس شوكي..هذه جريدة..هذا بطاط، وعلى طريقة فكري قاسم بطااااط..طاط..طاط. في الطريق تذكرت باسندوة وهو «يخمّنا» ويعلن أنه قوي متوقفاً نهائيا عن البكاء رغم أننا في أمس الحاجة لبكائه.. بل أنه فاجأنا بما يثبت أن ضحايا الكهرباء والمشتقات النفطية وتردي كل شيء هم فقط المواطنون. سألت نفسي ..أين بترول اليمن.. أين بنزين جيرانه..أين الاكتفاء التدريجي ..كيف اتفق مندوبو المحطات مع أهل المحطات على إخراج المطوبرين من البحر يابسين؟ وأمام أحداث الأمس أوشكت على البكاء وكأنني باسندوة لولا الأخبار التي أكدت قيام قوات كبيرة بمداهمة قناة اليمن اليوم وحولت إمكاناتها في البث إلى أثر بعد عين..حينها صرخت :هيييه .. خلاص ..لقد حلوا كل مشاكل اليمن.. تعالوا نبترع حارثية ونرقص على نغمة الدان!