بغض النظر عن الجدل الدائر في المجامع السياسية حول بعض المصطلحات الجديدة والكثير من المصطلحات القديمة، وما إذا كانت تطابق مسمياتها أم لا؛ يمكن لمن لا يتعصب لغير الحقيقة أن يتبيَّن حقيقة المصطلحات ومدى قربها من الممارسات التي استعارت أسماءها خلال ما أطلق عليه الربيع العربي. الثورة والتغيير مصطلحان كغيرهما من مصطلحات الراديكالية التي سمعناها ونسمعها كل يوم، وفي كل مرة نسمعها يتبادر إلى أذهاننا الكثير من الأسئلة ويثير مخاوفنا تنميط صورها على الممارسات التي تجري على الأرض، بل تقودنا إلى الشك بما قرأناه عنها في تواريخ الشعوب. غير هذا، فإن هذه المصطلحات لم تعد مقبولة في نفوس الكثير وتقابل بسخط كبير في أغلب الأوقات. لقد خلق ما يسمى بالربيع العربي صورة سيئة عن هذه المفاهيم، فحوَّل الثورة من رمز للنضال من أجل القيم، وأخذ المجتمع إلى معاني الراديكالية والتغيير نحو الأفضل إلى رمز للمكايدات السياسية والترويج للجريمة عن طريق الانتهازية واستغلال أوضاع الجماهير، فكيف لا يستقبحها الناس وهذه هي الصورة المعكوسة عنها، وكيف لا يستريح المستبدون من مقاومتها وهي الأمر الذي يصعب النطق به ويستحيل القيام به مهما اشتدت ظروف المواطن أو اقترب دعاته من سماته الحقيقية. لقد كانت الثورة بالنسبة لكثير من الناس أمراً مقدساً، لكنهم حين شاهدوا ما أطلق عليه ثورات لعنوا من أيقظها، وبدل أن كان مصطلح ثورة يذكرك بجيفارا ومالرو وغاندي أصبح يذكرك بالزنداني والحميري ومحسن. ما أريد أن أنبه عليه في هذا المقال هو أن من شوهوا صورة الثورة كانوا متعمدين في ذلك كي يأمنوا من اندلاعها مرة أخرى، وعلينا أن لا نكره الثورة ما دامت في أصلها تقود إلى العمل النبيل والقيم المثلى.