أخبر أحداً بأنك مهتم بزيارة محافظة "عمران" وارصد ردة فعله السريعة وهو يقول لك: أنت مجنون وإلا بعقلك؟ مو بينه عمران؟! يتوارث اليمنيون الانطباعات السيئة ضد بعضهم البعض على أية حال. وعادة ما يدفعنا الكسل المعرفي لوضع إنسان "عمران" في برواز واحد مع جبروت الشيخ الذي مات وخلف وراءه ذرية واصلت- وبشراهة- مهمة استعباد أناس كل ذنبهم في هذه الحياة أنهم "صديقون" يحترمون الكبير ويصغون إليه بقلوبهم خصوصاً إذا ما حدثهم هذا الكبير عن الإسلام فإنهم سرعان ما يتحولون إلى ذخيرة حية تهتف باسم السماء. شخصياً أقول لو ما في مناطق شمال الشمال إلا إنسانها "الصدَيق" بفطرته، فإن ذلك يكفي لجعل طاقات هؤلاء الناس "المبندقين" ثروة جديرة بصنع تحول جوهري في صميم الحياة، لكن هؤلاء "الصديقون" يفتقرون دائماً إلى كبير لديه اتجاه نحو الحياة. لدى "الصديقون" عموماً مخيلة إنسانية لا تتوقع الشرور ولا يخطر في بالها- عادة- أن كبيرهم الذي صدقوه سيقودهم إلى الحياة خارج العصر. وهذا تحديداً هو ما جعل من غالبية مناطق شمال الشمال جغرافيا يتداول "السيد والشيخ" مهمة السيطرة عليها، حيث الإنسان هناك شغوف للحياة ليس وفق تصوراته الخاصة، بل وفق تصورات "الكبير" الذي صدقوه. لكن عقوداً طويلة من الحظ السيئ جعلت سكان هذه المناطق ضحية سلوكيات الكبار الذين قايضوا التصديق بالخرافات. بالنسبة إلى الحوثيين سقوط عمران في أياديهم، أثمن ألف مرة من سقوط العاصمة ذاتها، ليس لأن عمران مدينة لها منفذ على البحر، بل لأن عمران لم تزل على "السجية" ولا يبدو أن أبناء الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر متأثرون على زوال إمبراطوريتهم من مناطق شمال الشمال.. لديهم من المال ما يجعلهم أباطرة في غير مكان من اليمن، لكن أين سيجدون "الصديقين" ؟!