عزيزي اللورد روتشيلد: يسرني جداً أن أبلغكم بالنيابة عن حكومة جلالته، التصريح التالي الذي ينطوي على العطف على أماني اليهود والصهيونية، وقد عرض على الوزارة وأقرته: "إن حكومة صاحب الجلالة تنظر بعين العطف إلى تأسيس وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين، وستبذل غاية جهدها لتسهيل تحقيق هذه الغاية، على أن يفهم جلياً أنه لن يؤتى بعمل من شأنه أن ينتقص من الحقوق المدنية والدينية التي تتمتع بها الطوائف غير اليهودية المقيمة الآن في فلسطين، ولا الحقوق أو الوضع السياسي الذي يتمتع به اليهود في البلدان الأخرى". وسأكون ممتناً إذا ما أحطتم الاتحاد الصهيوني علماً بهذا التصريح. المخلص آرثر بلفور. وزارة الخارجية. هذا نص التصريح الرسمي الذي أصدره وزير الخارجية البريطاني "جيمس بلفور" للصيرفي اليهودي وعالم الحيوان "ليونيل روتشيلد"، والشهير ب(بوعد بلفور). ذكرته للقارئ كمادة للتحليل والتأويل. صدر الوعد في يوم يوافق الثاني من هذا الشهر، عام 1917م، وبعد عقود، وبالتحديد في 14 مايو 1948م أعلن "ديفيد بن غوريون" الرئيس التنفيذي للمنظمة الصهيونية العالمية انتهاء الانتداب البريطاني، وإعلان قيام الدولة الإسرائيلية. بين صدور وعد بلفور، وإعلان دولة إسرائيل، فترة قصيرة في حساب الزمن، لكنها كانت حافلة بالعمل الصهيوني الدؤوب لإقامة وطن قومي، من أجل الأهداف الصهيونية، لا من أجل الأهداف الغربية التي دفعت لاستصدار هذا الوعد والعمل على زرع هذا الكيان في منطقة الشرق الأوسط. في المقابل فإن أكثر من (127 عاما) هي فترة طويلة من عمر الزمن، لكنها ضئيلة في حساب العمل العربي، لقد بدأت الصهيونية تعمل بشكل رسمي منظم عام 1897م، بانعقاد مؤتمر بال بسويسرا، ومن تاريخه لم يقم العرب باتخاذ أي إجراءات تحول دون قيام دولة إسرائيل، بالعكس كانوا يسخرون من قدرة اليهود على إقامة دولة.!. لكنها قامت، ليحاول العرب، الزعيم جمال عبدالناصر بالذات، اجتثاثها، وكان صاحب العبارة الأشهر في وصف وعد بلفور: أعطى من لا يملك وعدا لمن لا يستحق". (يتبع)