في مرحلة ما، يصبح "التخلف" سمة مرتبطة بتصرفات السياسيين اليمنيين وإن ارتدوا ثياباً باهظة، وتحدثوا بأناقة، ذلك ما حدث في فبراير 2011م حينما شعروا بالملل فعمدوا إلى توجيه السخط الشعبي للقضاء على رئيس تعمر طويلاً في الحكم، واستخدموا المحرمات السياسية لمواجهته وإسقاطه. - كان على عاقل رشيد قراءة نصوص الدستور مبكراً والعمل بها قبل إتاحة الفرصة للمسلحين في فرض إرادتهم الغاصبة، وإهانة مجلسهم المدلل بفندق "مو?نبيك" المطل على العاصمة "صنعاء"، يقول الدستور أن يتوجه الرئيس باستقالته إلى البرلمان، وذلك ما أراده "علي عبدالله صالح" فرفضه المتخلفون، وأصروا على تجاوزه وإقامة شرعية بديلة أسموها "المبادرة الخليجية"، التفافاً على إرادة الأمة وخياراتها، اعتقدوا أنهم أكثر حذقاً من الناس العاديين، وأن الحرية كلمة براقة للتسويق المحلي، فجعلوا للأميين حرية، وللكيانات الدينية أن تنمو بقوة السلاح باسم الحرية، وللانتهازيين أن يطالبوا بتقرير المصير بدعوى الحرية، وألصقوا على ظهورهم عبارات الشرعية الثورية لتبرير وصولهم المفاجئ لتقاسم السلطة مع كل هؤلاء المجانين، والاحتكام لاتفاقات الغرف المغلقة وإجبار الناس على قبولها والعمل بها. - كان ذلك العصيان العلني للعقد الاجتماعي بين الحاكم والمحكوم باسم "الربيع العربي" هدماً مفزعاً لكل القواعد الثابتة في سير الحياة وأسلوب إدارة الدولة، وكان على مجلس النواب" في بداية 2011م القبول برغبة علي عبدالله صالح في إنهاء حكمه بطريقة لا تخرج عن الدستور الذي يتحدث عن رحيله بكلمات واضحة تسلم العهدة إلى نائبه لمدة 60 يوماً تنتهي بوصول رئيس جديد وتتوقف معها كل أعمال الاحتجاجات وتكون جنّة الثوار منازلهم لا ساحاتهم. - غير أن التوافق ككلمة سامة رددها الناس بدون وعي، أسهمت في وصول المجانين إلى منزل الرئيس ومحاصرة الوزراء، وإهانة كل السياسيين الذين أدركوا مؤخراً غباءهم، وأنهم رفعوا عن سوءاتهم غطاء الدستور بغية الوصول لمنصب الوزارة، والنفوذ، باسم "التوافق" الملعون الذي طردهم من أحلامهم وسفاراتهم وأحزابهم، فعادوا إلى أرذل ما كانوا.. وبئس المصير.